مرة أخرى يطل علينا أعضاء من حزب ديمقراطيو السويد ليقدموا مقترحات تحمل في طياتها دوافع ونزعات عنصرية قائمة على الحقد والكراهية وتقسيم المجتمع، آخرها كان المقترحات التي تطال أطفال اللاجئين والمهاجرين في المدارس، وذلك عن طريق عزلهم في مدارس خاصة وكأنهم مرض معدي لا يريدون له أن تنتشر ويعدي الأطفال السويديين بحسب اعتقادهم. إن طريقة تناول قضية الهجرة واللجوء اللاجئين وصلت في السويد الى درجة لا يمكن وصفها إلا بحالة مرضية خطيرة ذات منشأ نفسي وذلك بمساهمة من زعماء وأعضاء حزب ديمقراطيو السويد. إن عدم قدرة السياسيين في السويد، المدافعين عن الطابع الإنساني والعدالة والمساواة والقانون على مواجهة هذا المرض اليميني المتطرف الذي يتحول الى وباء ستجعل من هذا البلد كالدب الذي يأكل صغاره. ماذا يعني أن يقترح حزب سياسي ما بفصل أطفال اللاجئين وابنائهم عن أقرانهم من السويديين في المدارس؟ وماذا يعني فرض زي لباس خاص بأبناء وأطفال اللاجئين في المدارس؟ وماذا يعني فقدان اللاجئين وابنائهم حقهم في استعارة الكتب من المكتبات؟ إنها لا تعني إلا أمرا واحدا جليا للغاية ألا وهو: إحداث فرز عنصري في المجتمع بين من هو سويدي الدم والعرق ومن هو غير سويدي الدم والعرق. ولكننا نسأل هؤلاء الذين لا يفقهون ليس فقط بالسياسة بل بالمبادئ الأولية للتاريخ وعلوم الاجتماع والفلسفة وغيرها، ويمكن أن يكون سؤالنا على شكل اقتراح مقابل اقتراحهم العبقري لذا فأنا اقترح مايلي: أن يقوم أعضاء ديمقراطيو السويد بالخضوع لفحص DNA، واحدا تلو الآخر ليخبرنا العلم وليس زعيم الحزب كم هي نسبة السويديين الاصليين من مجموع أعضاء الحزب، وليتم عرض نتيجة الفحص على الجمهور وبشكل علني. ماذا تتوقعون ان تكون النتيجة ياترى؟ كم سيكون نسبة السويديين الاصليين بينهم؟ نحن اللاجئين نعلم جيدا الى ما تهدف له سياسة حزب ديمقراطيو السويد ولكن ما نستغربه بشدة هو: كيف لا يتمكن الشعب السويدي المؤيد لطروحات وسياسات الحزب من فهم نوايا هذا الحزب ونزعاته القومية العنيفة ؟ إن هؤلاء الأطفال الذين اصبحوا ضمن بنك أهداف اليمين المتطرف الجديد سوف يكبرون ضمن أجواء انعدام المساواة والفرز العنصري. فصل الطلاب والأطفال بحجة إعدادهم التعليمي واللغوي ستليها خطوات وإجراءات عنصرية اخرى فيما يخص موضوع نوعية الطعام الحلال وكذلك مواد تعليمية وتثقيفية حساسة تناقض قيمنا وثقافاتنا كشرقيين. وكل ذلك فقط بهدف تكثيف الضغوطات بشكل ممنهج لزيادة الهوة بين مختلف الأعراق والثقافات التي تميز المجتمع السويدي، أي بمعنى آخر ضرب النسيج الوطني وبنية المجتمع. ولكن إلى أين سيصل الأمر؟ ألم يفهموا حتى الآن أن نظام الأبارتيد في جنوب أفريقيا قد سقط؟ ألم يروا جدار برلين قد هدم؟ ألم يقرأوا أن هتلر وموسوليني وستالين قد خسروا وأن أفكارهم قد تلاشت؟ ألم يتعظوا من نهاية حزب الشعبويين الدانماركي وكيف أن المجتمع قد رفضهم في النهاية؟ ألا يرون كيف يتم ملاحقة ترامب داخل الكونغرس وخارجه بهدف عزله؟ أليس كل ذلك دليل على فشل اليمينيين وعدم قدرتهم على الاستمرار حتى بعد استلامهم للسلطة؟ الجدير بالشعب السويدي ترتيب أفكاره من جديد وإعادة التفكير ببرنامج ديمقراطيو السويد ونواياه العنصرية، لان ماتم بناؤه وإنجازه طوال 200 عام سيقوم هذا الحزب المتطرف بهدمه خلال أربع سنوات فقط إذا ما أتيحت له الفرصة في الحكم والسلطة. يجب على الشعب السويدي وكافة أحزابه وحركاته إدراك مايلي: إن مئات الآلاف من أطفال المهاجرين واللاجئين بمختلف أعراقهم هم عماد هذا المجتمع وقوته في المستقبل، فهم اليد العاملة، هم الدماء الفتية التي ستسري في عروق المجتمع، هم من سيعتنون بكبار السن، هم من سيصبحون معلمين في المدارس والجامعات، هم من سيحمون الوطن وقت الخطر بدمائهم وأرواحهم كعناصر في الجيش والشرطة، وسيبنون الوطن وقت السلم. هكذا يجب أن تنظروا الى اللاجئين والمهاجرين وابنائهم، كجزء من المجتمع السويدي وليس كجسم غريب عنه أو كمرض يتهدده كما يصوره لكم اليمين المتطرف. بقلم الأستاذ عزيز حمي