يذهلك مشهد الطوابير والاذدحام في المولات التي تعلن عن تخفيضات في السويد، تماماً كما حصل خلال هذا الأسبوع عندما أعلن السيتي غروس في روسنغورد عن تخفيض بنسبة 50% على كل البضائع كمقدمة كما قيل بأنه سوف ينهي تواجده في هذه المنطقة. وما حصل من ازدحام في روسنغورد حصل ويحصل في العديد من المولات عندما تعلن عن تخفيضات تتراوح ما بين 10% إلى 70% أحياناً. والحقيقة يعتبر ذلك أحد المؤشرات على ضعف القدرة الشرائية عند الناس، وغالبية الناس يتسوقون بعد قراءة الجرائد الخاصة بالمتاجر والتي تصل البيوت بشكل أسبوعي، ويعلن فيها أصحاب المتاجر عن عروض التخفيضات، فأصبح الكثير من الناس يتسوقون من أكثر من متجر بهدف مطابقة مشترايتهم مع دخلهم، وخاصة المتقاعدون والذين يحصلون على دخل محدود من صندوق البطالة أو التأمينات الاجتماعية، ولا يستثنى من ذلك ذوي الرواتب المنخفضة وحتى العالية نسبياً، لأن التسوق عبر قراءة الصحف هو تقليد وفن من فنون التدبير وإدارة الاقتصاد العائلي من جهة، ومن جهة أخرى فإن قدرة الناس على الادخار تكاد تكون ضعيفة بشكلٍ لا يصدق. إذ تترك المصروفات الاستثنائية غير المتوقعة عبئاً كبيراً على الدخل العائلي بالنسبة لغالبية للكثير من العوائل، ويجدون صعوبة في التعامل مع المصاريف الطارئة. ثلث المدخرين لديهم أقل من خمسين ألف كرون يبدو على سبيل المثال لا الحصر أن إمكانية توفير المال كنوع من الحصانة ضد البطالة هو أمرٌ غير متوفر عند نسبة كبيرة ممن يعيشون في السويد. ووفقا لدراسةٍ أجراها بنك SBAB للادخار والإقراض ونشرت ربيع العام الماضي، فإن ثلث المدخرين في البنوك السويدية لديهم أقل من خمسين ألف كرون في حساباتهم البنكية. وفقاً لمعدي الدراسة هناك نسبة كبيرة من الناس لا يستطيعون الذهاب إلى طبيب خاص لأن ذلك يحتاج إلى ادخار المال، والكثير من الآباء السويديون يعانون من صدمات نفسية إذا أصبح لديهم ولدٌ ثانٍ وهو بحاجة للملابس وربما موبايل أو حاسوب وغير ذلك يجب عليهم الكفاح لتوفير ذلك. النساء أكثر فقراً من الرجال وحسب دراسة SBAB فإن النساء اللواتي يفتقدن إلى المال أصبحن أكثر من الرجال، ففي العام 2017 أحصت الاستطلاعات 12% من الرجال و10% من النساء يفتقدون إلى المال، بينما تشير استطلاعات عام 2018 إلى انخفاض نسبة الرجال إلى 7% بينما استمرت نسبة النساء اللواتي يفتقرن إلى المال عند سقف 10%. وإذا قمنا بإضافة هذه الإحصائيات إلى الإحصائيات المتعلقة بالناس الذين يعانون من البطالة أو المتقاعدين، وذوي الدخل المحدود والقادمون الجدد يشكلون النسبة الأعلى من ذوي الدخل المحدود، يتضح أن هناك مشكلة حقيقية في موضوع القدرة الشرائية والتعامل مع الطوارىء تجعل من قضية إدارة الاقتصاد العائلي بطريقةٍ أو بأخرى مسألة في غاية الأهمية، وربما يتوجب عقد ندوات وأمسيات وورش عمل يتبادل فيها القدمى والجدد الخبرة في فن التسوق وإدارة الاقتصاد العائلي. بقلم رئيس التحرير مصطفى قاعود