تطرق رئيس الوزراء السويدي لوفين في سياق حديثه عن مكافحة الجريمة الى أنه يجب البحث عن أسباب العنف، فوددت ان اشارككم هذا الملخص بناءاً على مشاهدات نراها في المجتمع. العنف هو رد فعل سلبي تجاه الذات أو الآخرين ينتهي بإحداث أضرار معينة، وللعنف اشكال مختلفة قد يكون نفسي أو مادي. العنف النفسي: قد يكون عن طريق الكلام اللفظي، اللوم، الإيحاءات، الإعلام.....الخ. العنف المادي: الضرب، الجرائم، الحروب. العنف بالأساس هو سلوك غريزي ورد فعل، ولكنه يتحول الى اقصى درجات عدم التوازن العقلي والنفسي عندما يتحول إلى سلوك واعي، كما هو الحال في الايديولوجيات المختلفة التي أدت إلى صراعات دموية حصدت ملايين الارواح. ولكن قد يسأل البعض:كيف يمكن أن يكون العنف سلوكا غريزيا أي طبيعيا في الانسان؟ إن ذلك ببساطة يعود الى الطبيعة المتناقضة للبشر، وهو ما يسمى عند أصحاب النظريات المادية بوحدة وصراع الأضداد، وفي الديانات بصراع الخير والشر. أسباب العنف، متعددة منها ما هو متعلق بأسباب داخلية ومنها ما هو متعلق بأسباب خارجية. الأسباب الداخلية :قد يكون منبعه الشخص ذاته /كالأشخاص الذين لديهم عقد نفسية تشعرهم بالدونية والانعزال، فهؤلاء هم أقرب الى الميول العنيفة. الأسباب الخارجية: وهو ما يتعلق بالأسرة وأسلوب التربية في الدرجة الاولى الى جانب العادات والتقاليد والثقافة المجتمعية والبيئة كلها تلعب دورا مهما. المجتمع عامل مؤثر بشكل كبير في تزايد العنف، وفي الإجابة على سؤال كيف يمكن للمجتمع أن يكون سببا في تطور العنف وظهوره، فنحن نعني بالمجتمع جميع أطرافه ابتداءا بالفرد وانتهاءاً بالدولة. الإعلام يلعب دورا مهما في عملية التأثير على انتشار العنف، وقد يكون هذا التأثير سلبياً أو إيجابياً، فالدور السلبي للإعلام متعدد الأشكال منها تسليط الضوء على فئة معينة من الناس وتصويرهم أمام الرأي العام بأنهم مصدر للعنف والتخريب وسبب المشاكل اليومية، وهنا يشعر الأفراد بأنهم مستهدفون معزولون ومحاربون من المجتمع فيتولد لديهم مشاعر عدم الانتماء للمجتمع والغربة إلى جانب حالات اليأس والإحباط والشعور بالتمييز العنصري وهي أمور تنتهي غالبا بردود أفعال قد تكون إيجابية أحيانا، كحالات إثبات العكس عن طريق التفوق الدراسي والمهني في المجتمع، أو قد تكون سلبيه مثل التوجه إلى عالم الجريمة والكسب غير الشرعي كطريق بديل عن عدم تقبل الطرف الآخر لهم. الاقتصاد والبطالة عاملان مؤثران أيضاً، لأن قلة فرص العمل والتمييز في الحصول على العمل وعدم التساوي بالأجور والفقر كلها أمور تؤدي بالأغلب الى ظهور ردود أفعال سلبية على شكل جرائم أو انتحار أو ظهور التطرف. يلعب الوعي الدور الأساسي في عملية توجيه الفرد وتحديد مساره، والوعي لا يقتصر على الوعي الفردي ولكن المجتمعي والثقافي والسياسي، وهو ما يحتاج لتكاتف من مؤسسات كبرى مجتمعياً مثل الإعلام والمدرسة لبناء هذا الوعي، فإما تنتهي بالفرد الى المشاركة الفاعلة في المجتمع أو الى التأثير السلبي على المجتمع. وقد يكون لبعض القوانين والقرارات السياسية أثر سلبي على الأفراد والمجتمع مما يؤدي الى ردود أفعال سلبية قد تتسم بالعنف أحيانا. هناك مقولة شهيرة تقول إن العنف يولد العنف، ما أريد توضيحه هنا هو تمييز تلك الشعرة التي تفصل الفرد بين أن يكون مسالماً أو عنيفاً. إن الصورة النمطية المسبقة عن الآخر المختلف في المجتمع لا تؤدي بالضرورة الى نقل الصورة الحقيقية حيث أن التقارب والتعامل والعلاقات والانفتاح على الآخر والتحاور والاستماع لهموم ومشاكل ومعاناة الآخر يفتح الباب أمام الفهم الحقيقي للطرفين لبعضهما البعض وإيجاد الطريق للعيش المشترك بعيدا عن الانعزالية والتكتل والانقسامات التي لا تؤدي إلا الى زيادة الانقسام والتفسخ وتدمير البنية المجتمعية. بقلم الأستاذ عزيز حمي