اكتر-خاص : لكل مجتهد نصيب، وبطل قصتنا اليوم أحد المجتهدين الذين لم تثنهم العقبات عن الوصول إلى أهدافهم وتحقيق أحلامهم، اجتهد عمر فكان جهده مدعاة فخر وعنوانًا لقصة تفوق جديدة تثلج الصدور وتفرح القلوب وتعكس صورة مشرقة عن جاليتنا العربية في السويد. عَمْرو عرّوب شاب سوري من حمص في الثانية والعشرين من عمره، وصل إلى السويد قبل أقل من خمس سنوات وتمكن في فترة وجيزة من التفوق ليصبح الأول على صفه في الثانوية العامة، ومن الأوائل على مدرسته. تواصل موقع Aktarr مع عمر الذي يعيش حاليًا في مدينة كارلستاد مع عائلته، ويتحضر للانتقال إلى ستوكهولم لدراسة الطب في معهد كارولينسكا. عَمْرو عرّوب شاب سوري من حمص في الثانية والعشرين من عمره، قال عمرو في بداية حديثه، "حصلت على منحة دراسية من بلدية كارلستاد لتفوقي في الدراسة وحصولي على مجموع 22,1 من 22,5، وهو مجموع يؤهلني للدراسة في معهد كارولينسكا؛ الجامعة الطبية السويدية التي تعد من أهم مراكز الأبحاث الطبية في أوروبا، والتي يوكل إليها سنويًا منح جائزة نوبل في الطب والفسيولوجيا." لم يكن طريق عمر معبدًا مزروعًا بالزهور؛ فقد واجه ظروفًا صعبة وتحديات كبيرة منذ اليوم الأول الذي غادر فيه بلده سوريا متجهًا إلى الأردن ثم مصر التي اضطر إلى الدراسة فيها لعامين دراسيين، وأخيرًا إلى السويد حيث عاد ليدرس من جديد صفوفًا كان قد أنهاها من قبل. ورغم ذلك أصر عمر على تحقيق هدفه، فالإصرار والعزيمة والإرادة عنوان نجاحه وتفوقه، خاصة أنه اعتاد التفوق في صفوفه الدراسية منذ أن كان في بلده، فلم يكن يرضى بأقل من المراتب الأولى ودرجات التميز والتفوق. يقول عمرو، "وصلت إلى السويد قبل أن أتم عامي الثامن عشر، وفي قانون السويد يسمح للشخص بالدخول إلى الثانوية ما لم يتجاوز العشرين من عمره. عانيت كثيرًا خلال هذين العامين ودخلت في سباق مع الزمن لأكمل اللغة السويدية والمواد المطلوبة لدخول الثانوية قبل أن أتم العشرين من عمري." وفي هذه الأثناء، كان عمرو وعائلته ما زالوا يعيشون في سكن تابع لدائرة الهجرة في مدينة كريستينا هامن، واضطروا للمكوث في هذا السكن لمدة عامين كاملين ليبقى عمر في الثانوية ذاتها، إذ إن الانتقال في هذه المرحلة الحرجة كان كفيلًا بأن يضيع الفرصة عليه. يستذكر عمر هذه المرحلة ويقول، "كنت تحت ضغط كبير، ولم أكن لأنجح لولا دعم أهلي ومساندتهم وتضحيتهم ببقائهم في كامب الهجرة وقتًا أطول، إذ كان من الصعب جدًا الحصول على سكن في المنطقة ذاتها." وعن التحديات التي واجهها في المدرسة، يقول عمرو، "اللغة السويدية كانت التحدي الأكبر، فهي لغة جديدة علي تمامًا. لكني ما لبثت أن تعلمت لغة التواصل إلى جانب اللغة الأكاديمية والعلمية." ويردف قائلًا، "أما التحدي الآخر، فهو نهج التدريس الذي يعتمد على التفكير والتحليل والقراءة ما بين السطور، وهذا يختلف تمامًا عما اعتدت عليه في بلدي، حيث كان الاعتماد على الحفظ بشكل أساسي. لكني سرعان ما تأقلمت واعتدت على التغيرات، خاصة وأنني أرى في النهج السويدي مثالًا ممتازًا ينمي القدرات التحليلية الفردية." أما فيما يخص الاختلاف الثقافي، يدرك عمرو تمامًا الفرق بين الثقافات ومدى أهمية الانفتاح على الثقافة السويدية واحترامها، مع التمسك في الوقت ذاته بثقافة بلده والاعتزاز بها. تذكر عمرو في خضم حديثه الأيام الأولى له على مقاعد الدراسة مع الطلاب السويديين، وتذكر الخوف الذي كان ينتابه من المشاركة في الحصص خشية أن يخطأ في اللغة أمام زملائه. وأتى أيضًا على ذكر مشكلة الاندماج في المدارس وتحزبات الطلاب كلٌّ لأبناء جلدته. لكنه لم يسمح للخوف بأن يسيطر عليه ولا للعقبات بأن تعيقه، فبدأ بكسر كافة الحواجز ومخالطة الطلاب والتحدث إليهم، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على لغته التي تحسنت بشكل ملحوظ. لا تقتصر اهتمامات عمرو على الدراسة فحسب؛ فهو لاعب سابق في نادي الكرامة السوري في فريق إعداد الأشبال، وحرص منذ وصوله إلى السويد على المواظبة على التمرين في الصالة الرياضية. ويهوى عمر البرمجة أيضًا ويعدها من هواياته المفضلة التي يحرص على تعلمها باستمرار. اختتم عمر كلامه بالتشديد على أهمية أن يضع الشخص هدفه نصب عينيه ويسعى بجد لتحقيقه، فالتفوق يتطلب التخطيط والالتزام والجد والاجتهاد، فضلًا عن تنظيم الوقت والمواظبة على الدراسة وتجنب تراكم المادة الدراسية والواجبات لفترات طويلة. واليوم يحتفل عمرو بتخرجه من الثانوية العامة بهذا النجاح المبهر، إلى جانب أخيه عبادة الذي تخرج أيضًا هذا العام ويستعد لدراسة الهندسة المعلوماتية. صدق أحمد شوقي عندما قال، وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا فهنيئًا عمرو ولكل مجتهد نجاحه وتفوقه، فلمثل هؤلاء تنحني الهامات وترفع القبعات. خاص Aktarr