مجتمع

أسد طاهر: من سائق شاحنة إلى باحث في جامعة لوند

Aa

أسد طاهر: من سائق شاحنة إلى باحث في جامعة لوند

أسد طاهر: من سائق شاحنة إلى باحث في جامعة لوند

البعض يحلم ولكن يبقي حلمه في عالم الخيال، والبعض يسعى جاهداً لتحقيق حلمه. وعندما يمتزج الجهد مع الظروف الملائمة، يكون لدينا قصّة نجاح كالتي ستسمعونها بعض قليل عن شابّ بقي يسعى وراء حلمه حتّى تمكّن من الوصول إلى جامعة لوند كباحث وكجزء من فريق بحثي.

أسد محمد طاهر شابّ أفغاني الأصل، لكنّه ولد وعاش حياته بأكملها في السعودية، ولهذا يتحدث العربية بطلاقة. وصل أسد إلى السويد في 2018 دون أن يكون لديه خطط لما سيفعله في السويد. يقول أسد: «فكرت عند الوصول إلى السويد بأنّ أفضل شيء يمكن للإنسان أن يفعله في هذه البلد هو التعليم». فأسد يرى بأنّ التعليم يمكنه أن يصنع لك مكانة في المجتمع، وبدلاً من أن تكون بحاجة للعون من مؤسسات الدولة تصبح قادراً على أن تكون فاعلاً ومساهماً في بناء المجتمع والدولة.

لكن ما الذي كان على أسد فعله كي يتمكن من "تغيير قدره"؟

أسد طاهر في جامعة لوند

تغيير القدر

كان أسد يعيش في السعودية بوصفه أجنبي، ولهذا عندما أتمّ دراسة المرحلة المتوسطة لم يكن يحقّ له الدراسة في الجامعات السعودية. وكانت تجربة أخويه اللذين لم يتمّا الدراسة بعد الثانوية قد دفعت والده لمنعه من إتمام دراسته، وإجباره على العمل معه في شاحنات نقل المياه من أجل "ألّا يضيّع وقته في الدراسة".

بقي أسد يعمل مع والده في قيادة الشاحنات لمدّة 5 أعوام، ولكنّه شعر بأنّه لا يتطوّر وبأنّه يسير في درب خاطئ، وبأنّ عليه أن يعود للدراسة. فترك العمل مع والده، وعاد للدراسة عن بعد أثناء العمل في محل للألبسة، لينجح بعدها بدرجات عالية في الثانوية.

بعد الثانوية، ورغم المنافسة الشديدة ليتمكن من الحصول على قبول بين 8 طلاب (مقيمين وليسوا مواطنين) في كلية الهندسة المدنية في جامعة الطائف، تمكّن من الالتحاق والتخرّج بدرجة امتياز ويبدأ رحلته إلى السويد.

علينا أحياناً أن نتبع حدسنا وحلمنا

العلم أهمّ من المال

وصل أسد إلى السويد في 2018 وقرر بأنّ الاستمرار بالدراسة والتحصيل العلمي أكثر إلحاحاً من الانتباه إلى تجميع المال، فبرأيه: «المال يأتي لاحقاً ولكن العلم له الأولوية».

ومن أجل تحقيق العلم الذي يسعى له، كان على أسد أن يطوّر نفسه في اللغة الإنكليزية في مجال الكتابة الأكاديمية وما يحتاجه، فكرّس نفسه لدراسة اللغة الإنكليزية أكاديمياً حتّى عام 2019.

ثمّ في عام 2019 سجّل في برنامج الماجستير في جامعة لوند باختصاص «هندسة الموارد المائية Water resource engineering»، واليوم باتت رسالة الماجستير جاهزة بانتظار أن يناقشها في شهر سبتمبر/أيلول القادم.

يبحث أسد في رسالته «كيفيّة التحكم بالفيضانات التي ستزيد بسبب التغيّر المناخي وتأثيرها على الجسور المبنية على الأنهار»، وكانت الحالة الدراسية التي اعتمدها موجودة في بلدية يونغبي.

عمل أسد وأبحاثه مساهمة كبيرة في المجتمع

على الطريق الصحيح

يسير أسد بخطى واثقة تجاه تحقيق أهدافه، ولهذا بدأ منذ شهر فبراير/شباط الماضي بالعمل «كمساعد مشروع» في مشروع بحثي منفصل عن رسالته الماجستير في قسم الموارد المائية في الجامعة. يدرس المشروع كيفيّة التحكم في الموارد المائية في الخمسين عاماً القادمة، ويحصل على تمويله من الاتحاد الأوروبي حيث تشترك فيه عدّة جامعات.

يقول أسد بأنّ العمل في القسم قد علمه الكثير من الأشياء، وأضاف إلى سيرته المهنية ومهاراته الشخصية، ولهذا يعتبرها خطوة على الطريق الصحيح.

روى لنا أسد بأنّه يقرأ على «غروبات» الطلاب حديثاً دائماً عن عدم إيجاد عمل بعد الدراسة، ولهذا ينصحهم بأن يجتهدوا كي يجمعوا مثل هذه الخبرات وأن يبحثوا عن مشاريع واختصاصات مطلوبة يمكنهم أن يبدعوا فيه، وأن يتركوا بصمتهم في المجتمع.

أسد أثناء تحضيره لبحث الماجستير

اهدموا العنصرية

كان أسد مستاءً من التعليق العنصري الذي أطلقه القيادي في حزب "سفاريا ديموكراترنا" توبياس أندرسون الذي يقول بأنّ على المهاجرين العودة إلى كابول. وكما أخبرنا: «أتمنى أن تكون قصتي ردّاً عليه وعلى العنصريين أمثاله».

يتابع أسد: أنا أفغاني، ومعي زملاء من جميع البلدان العربية، ونحن نساهم في بناء هذا البلد ونحن جزء منه، ومنّا أشخاص لهم وزنٌ كبير في المجتمع العلمي، ولهذا فالعنصريون وتعليقاتهم لا يجب أن تحبطنا أو تثنينا عن دورنا.

عندما سألنا أسد عن تعرضه لأيّ مواقف عنصرية بشكل شخصي، أخبرنا بأنّه لم يواجه مثل هذه المواقف لا في العمل ولا في الجامعة، وبأنّ قوانين العمل والجامعة تضمن لك حقوقك وبأنّهم يوضحون لك ما عليك أن تفعله في حال تعرضت للعنصرية أو التحرش. وبرأي أسد هذه يوضح أن العنصرية في السويد ليست منهجية، وإنما هي تصرفات شخصية يجب محاربتها.

لكن يقول أسد بأنّ بعض الوظائف في مجال المياه ومعالجتها تتطلّب أن يكون الموظف مواطناً سويدياً بداعي الأمان، وأنّ هذا يكون موضحاً في الإعلان بشكل مسبق.

ينصح أسد الجميع بأن يستثمروا في التعليم (فالفلوس والشغل يأتون فيما بعد)

في الختام وجّه أسد نصيحة للشباب بأن يستثمروا كلّ ما أمكنهم من وقت في التعليم، فبحسب قوله: «الفلوس والشغل وكلّ ما إلى ذلك تأتي فيما بعد»، ولهذا على الجميع أن ينمي مهاراته وتعليمه كي يتمكن من رفع دوره في المجتمع، وأن يستفيد من الفرص التعليمية التي تقدمها السويد.

نتمنّى التوفيق لأسد ولجميع الذين بذلوا جهوداً حتّى يصبحوا أكثر فاعلية في المجتمع، فقصص مثل هذه "تلهمنا" للسعي لنصبح أشخاصاً أفضل...

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مجتمع

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©