اقتصاد

"أكتر" تسأل.. لماذا يُسمح للقروض السريعة بتدمير حياتنا!

"أكتر" تسأل.. لماذا يُسمح للقروض السريعة بتدمير حياتنا! image

عروة درويش

أخر تحديث

Aa

القروض السريعة في السويد

خاص أكتر

تواصلتُ مع رامي، وهو مهاجر من أصل عربي يعمل في مجال التنظيف في أحد المناطق القريبة من ستوكهولم. رامي قد علق فيما يمكن تسميته «بفخّ ديون» نموذجي، حيث أغرته الأموال السهلة ليتفاجأ بأنّه لم يعد قادراً على سداد ديونه، وأنّ المطالبة بها عبر الكرونوفوغدن جعلته في حالة توتر. لكن هل رامي هو الوحيد الذي يجب إلقاء اللوم عليه هنا؟ لا أعتقد ذلك، فشركات الإقراض السريع لديها سجل حافل في الإيقاع بالناس في السويد.

القرض السريع للتعويض عن ارتفاع المعيشة

يقول رامي (اسم مستعار) بأنّه مع ارتفاع الأسعار، احتاج لأموال إضافية ليتمكن من دفع فواتيره ويحصل على بعض الأساسيات التي كان يؤجلها، فكان الطريق الأسهل هو الحصول على قرض سريع.

لم يواجه رامي مشكلة في البدء حيث كانت حساباته جيدة، ولكن عندما اضطرّ لأخذ إجازة مرضية، لم يعد قادراً على تسديد ديونه التي كانت تكبر، ومعها كان يكبر شعوره بالتوتر. لقد كان معدل الفائدة الاسمي للقرض 38٪ وهو رقم كبير، ولكن يقول رامي بأنّ الفائدة الحقيقية التي كان يدفعها عند حساب الرسوم والتكاليف الأخرى تجاوز 200٪.

بدأت الحلقة بالانفتاح، فقد عمد رامي إلى تسديد قروضه بقروض أخرى. يقول: «ما فعلته خاطئ بكل تأكيد، ولكن المثير للدهشة أنّ الشركات ذاتها التي تقرضك وتصبح مديناً لها وتطالبك بدينها، ترسل لك رسائل تعرض فيها عليك قروضاً سريعة أخرى.. كان الأمر جنونياً».

الأمر الجنوني

لا يحتاج تأثير التضخم على الذين يعيشون في السويد الكثير من التفكير، فارتفاع الأسعار قد دفع الناس للاقتراض من أجل تسديد الديون والفواتير الرئيسية، وليس من أجل الاستثمار أو الرفاهيات. فوفقاً للرئيس التنفيذي لبنك  Pantbanken Sverigeفنمط الإقراض يتبع نمط الأزمات الاقتصادية ذاته.

ليس رامي وحده من يعاني من مشكلة في الديون، فوفقاً لإحصاءات الكرونوفوغدن kronofogden، تخطت الديون الفردية في السويد لهذا العام 2023 عتبة 100 مليار كرون لأوّل مرة، حيث ارتفعت نسبة الديون 70٪ عمّا كانت عليه في 2010. ربّما الأكثر أهميّة أنّ الكرونوفوغدن أشارت إلى أنّ نصف هذه الديون التي تمّت المطالبة بها عبرها قد أخذها المقترضون كي يسددوا التكاليف الرئيسية في حياتهم.

الاستغلال

بالعودة إلى رامي والقروض السريعة، لفتني ما قاله عن أنّ معدلات الفائدة الفعلية التي كان يدفعها قد تجاوزت 200٪، فهذا مخالف للقانون السويدي الذين ينصّ على أنّ معدلات الفائدة لا يجب أن تتجاوز 40٪ زائد معدلات الفائدة للريكسبانك!

أجريت بعض الأبحاث، فتبيّن لي أنّ هناك حالات وصلت فيها الرسوم والتكاليف وغيرها إلى 800٪ من مبالغ الدين المأخوذة. تواصلتُ مع هيئة الرقابة الماليّة السويدية Finansinspektionen للاستفسار منهم عن الأمر، لكن حتّى تاريخ نشر هذا المقال لم يصلني منهم إجابة.

علماً أنّ هيئة الرقابة نفسها قد حذرت عدّة مرات وأشارت إلى أنّ شركات الإقراض السريع لا تلتزم بالقوانين كما ينبغي، ولكن لم يتم إيقاف أيّ شركة عن العمل حتّى الآن.

لكنّ شركات الإقراض السريع لا تخرق فقط قوانين معدلات الفائدة، فهي تخرق عدداً م القوانين والأعراف المنصوص عليها لدى وكالة حماية المستهلك السويدية، مثل "شرط الاعتدال" måttfullhetskravet " و "ممارسات الإقراض الحسنة"god kreditgivningssed. تواصلتُ مع وكالة حماية المستهلك konsumenternas ولكن أيضاً لم أتلقَ إجابة حتّى وقت نشر هذا المقال.

مشكلة كبرى

المسألة هنا أكبر من قصّة فرديّة وقع فيها رامي، بل هي مشكلة تحتاج إلى اهتمام مضاعف. ففي دراسة أجرتها الكرونوفوغدن (رابط باللغة السويدية) مع 10 آلاف شخص مدينين ومطالبين بديونهم عبر الكرونفوغدن، تبيّن بأنّ الضعف المالي والمديونية تسببان القلق والتوتر النفسي للبشر، لدرجة أنّ الذين عليهم ديون معرضون للانتحار أكثر بمقدار ضعفين ونصف.

لم يتوقف بحثي عن الأمر عند هذا الحد، ولا أزال أحاول التواصل مع جهات معنية أكبر، على أمل أن يأتي السعي الصحفي بنتيجة ويؤدي لإجراءات وتشريعات تصبّ في مرحلة الذين يعيشون في السويد.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - اقتصاد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©