أصدرت محكمة ألمانية اليوم الإثنين 16 يونيو/ حزيران 2025، حكماً بالسجن المؤبد على طبيب سوري أدين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، من بينها تعذيب وقتل معتقلين خلال عمله في مستشفيات عسكرية تابعة للنظام السوري، وذلك في أول حكم من نوعه يصدر بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. 186 جلسة محاكمة و50 شاهداً المحكمة الإقليمية العليا في مدينة فرانكفورت استمعت، منذ انطلاق المحاكمة في يناير 2022، إلى نحو 50 شاهداً وضحية وخبيراً قانونياً على مدار 186 جلسة، قبل أن تدين الطبيب، المعروف إعلامياً باسم علاء م. (40 عاماً)، بجملة من الانتهاكات الجسيمة بحق معارضي النظام السوري. وتضمن الحكم اتهامات بقيامه بتعذيب سجناء داخل مستشفى المزة العسكري 601 بدمشق، إضافة إلى مستشفيات وسجون أخرى في حمص ودمشق بين عامي 2011 و2012، من بينها تنفيذ عمليات جراحية بدون تخدير كاف، ومحاولة حرمان معتقلين من الإنجاب، وقتل أحد السجناء. عمل كطبيب في ألمانيا قبل اعتقاله دخل علاء م. ألمانيا عام 2015 كلاجئ، وبدأ يعمل طبيباً ضمن الكوادر الطبية، ليكون واحداً من بين أكثر من 10 آلاف طبيب سوري ساعدوا في سد النقص في النظام الصحي الألماني، إلى أن تم توقيفه في يونيو 2020، ومنذ ذلك الوقت ظل موقوفاً على ذمة التحقيق والمحاكمة. ونفى علاء جميع التهم الموجهة إليه، وادعى أنه ضحية مؤامرة، غير أن المحكمة قضت بعدم صحة هذه الادعاءات، وأدانته استناداً إلى شهادات مباشرة ومقاطع مصورة وقرائن قوية. دعم حقوقي وملاحقة عالمية تم رفع الدعوى بدعم من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR)، بالتعاون مع المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية ومقره برلين، الذي يقوده المحامي السوري أنور البني. وقال البني بعد النطق بالحكم: «إنه طبيب، وكان من المفترض أن ينقذ الأرواح، لا أن يعذّب الناس ويقتلهم. فعل ذلك بدافع ولائه الأعمى للنظام». واستند الادعاء العام الألماني إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، الذي يسمح لألمانيا بمحاكمة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة أو جنسية الضحايا أو الجناة. «قيصر» والصور التي لا تُنسى تشير منظمات حقوقية إلى أن مستشفى المزة 601 كان موقعاً أساسياً لارتكاب انتهاكات ممنهجة، وثّقتها صور مروعة سرّبها المصور العسكري المنشق قيصر، والتي أظهرت آلاف الجثث لمعتقلين قضوا تحت التعذيب. ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» هذه الصور بأنها أدلة دامغة على تورط مؤسسات الدولة السورية في جرائم ضد الإنسانية.