ألمانيا تعتزم تشريع الحشيش.. هل ستتبعها باقي دول أوروبا؟
أخبار-العالم
Aa
السويد وموقفها الصارم من الماريجوانا.. فما هي موقف الدول الأوروبية الأخرى؟
في ظل التوجه المتزايد نحو توافر الماريجوانا الطبية في القارة الأوروبية، تواجه العديد من الدول حظراً على استخدام الحشيش لأغراض شخصية. غير أن ألمانيا تتجه الآن لتصبح الدولة الثانية بعد مالطا في الاتحاد الأوروبي التي تقنن استخدام الحشيش لأغراض الترفيه، في خطوة قد تكون بمثابة حافز للدول الأخرى لمتابعة نفس الاتجاه.
وفي السياق نفسه، تفرض بعض الدول الأوروبية عقوبات قاسية تصل إلى السجن على من يتم ضبطهم وبحوزتهم الماريجوانا حسبما أفاد موقع "يورونيوز".
وعلى الجانب الآخر، تشهد العديد من الدول الأوروبية تنفيذ برامج تجريبية للماريجوانا الطبية، والتي شهدت نمواً ملحوظاً في توفرها. غير أن هناك من يرى أن تطور السوق الأوروبي في هذا المجال كان أبطأ مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية أو كندا.
وعلى صعيد الدول التي تسبق الآخرين في مجال التشريعات المتعلقة بالحشيش، تبرز مالطا كأحد أبرز النماذج في الاتحاد الأوروبي، حيث تسمح التشريعات المعمول بها منذ 2021 للبالغين بحمل 7 غرامات من الحشيش وزراعة أربع نباتات في المنازل. مع العلم أن التدخين العلني لهذه المادة لا يزال محظوراً في البلاد.
وتقترب ألمانيا من تبوء موقعٍ رائد في الاتحاد الأوروبي بشأن تقنين الحشيش، بعدما أقر مجلس الوزراء الألماني مشروع قانون يسمح بحيازة 25 غراماً من الحشيش للاستخدام الشخصي، إلى جانب زراعة ثلاث نباتات. ينتظر أن يجري التصويت على هذا المشروع في البوندستاغ قريباً.
وفي سياق متصل، تعتبر هولندا غالباً ملاذاً لاستهلاك الماريجوانا، لكن الحقيقة أن زراعتها وبيعها وحيازتها محظورة قانونياً. ورغم ذلك، يسمح ببيع الحشيش في المقاهي المحلية، شرط ألا تتجاوز الحيازة 5 غرامات.
في البرتغال، تم تقنين الحشيش منذ 2001، مع معاملته كمخالفة إدارية فقط عند استهلاك أو حيازة كميات ضئيلة. بينما في إسبانيا، يُسمح باستهلاك الحشيش في الخصوصية، لكن في الأماكن العامة يعاقب عليه بغرامات مالية.
ومع اقتراب لوكسمبورغ من تقنين الحشيش، أصبح من الممكن الآن زراعة أربع نباتات للأفراد، وسمح بحيازته في الأماكن العامة.
رغم التوجه العام نحو التقنين في دول الاتحاد الأوروبي، لا تزال هناك مناطق قد تشهد معاقبات قانونية حادة، تعتمد بشكل أساسي على نسبة المادة الفعالة رباعي هيدرو كانابينول (THC) في الحشيش، وفقاً لتقارير مركز المراقبة الأوروبي للمخدرات والإدمان (EMCDDA).
برامج تجريبية للماريجوانا الطبية
تشهد الدول الأوروبية توسعاً في تقديم الماريجوانا الطبية، رغم أن السوق ما زال قيد التطوير. تجارب مختلفة في الدول قد تؤدي إلى إتاحة أكبر للماريجوانا الطبية، خصوصاً مع الدراسات التي أبرزت فوائدها لمرضى السرطان، الإيدز والألم المزمن وغيرها.
في الدنمارك، أُطلق برنامج تجريبي في 2018 يتيح للأطباء وصف منتجات غير مُقررة سابقاً، حيث أوضحت الحكومة أن البرنامج يهدف لتوفير وسيلة قانونية للمرضى لتجربة الماريجوانا الطبية.
أما أيرلندا، فقد بدأت في 2019 برنامجاً تجريبياً لمدة خمس سنوات يركز على مرضى التصلب المتعدد، الغثيان المرتبط بالعلاج الكيميائي، وحالات الصرع الحاد.
وفي فرنسا، انطلق مشروع تجريبي للماريجوانا الطبية في 2021، حيث تُعمل الآن على تطوير قوانين تنظم إنتاج الماريجوانا الطبية للمستقبل.
ورغم توسع وصف الماريجوانا الطبية في العديد من الدول الأوروبية، ما زالت الكميات المتاحة محدودة. وتشهد بعض الدول التحديات في استيراد المنتجات الطبية.
على صعيد التغطية المالية، يتم تعويض تكلفة الماريجوانا الطبية في جمهورية التشيك وألمانيا، بينما في دول أخرى يتحمل المريض التكلفة بمفرده.
وأشار ميكائيل سودرغرين، الضابط الطبي الرئيسي بشركة Curaleaf International، إلى أن أوروبا ما زالت تتأخر خلف دول مثل كندا وأستراليا والولايات المتحدة في مجال الماريجوانا الطبية.
وفي موازاة ذلك، أصدر البرلمان الأوروبي قراراً في 2019 يدعو لتوحيد القوانين على مستوى الاتحاد الأوروبي بخصوص الماريجوانا الطبية وتعزيز الأبحاث العلمية المتعلقة بها.
تغييرات قانونية دولية بخصوص الحشيش
قررت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة في عام 2020 إعادة تصنيف الحشيش وإزالته من الجدول الرابع لاتفاقية المخدرات الموحدة، الذي ضمنها مع مواد مخدرة خطيرة مثل الهيروين والأفيونات.
وقد شهدت هذه الخطوة تخفيفاً في القيود المفروضة على الحشيش، فقد كانت المواد المدرجة تحت هذا الجدول تخضع لتقييدات شديدة، تحظر إنتاجها وتصديرها وحتى استخدامها الطبي. وبهذا القرار، تُسمح الآن ببحث الفوائد العلاجية المحتملة للحشيش على الساحة الدولية.
رغم توجه معظم دول الاتحاد الأوروبي نحو تأييد هذا التغيير، فإن المجر كانت الاستثناء حيث صوتت ضد هذه الخطوة، ما دفع اللجنة الأوروبية لرفع القضية إلى محكمة العدل الأوروبية، معتبرة أن الموقف المجري يتعارض مع موقف الاتحاد الأوروبي الموحد.
وفي هذا السياق، لا تزال المجر تفرض قيوداً صارمة على الحشيش، حيث يعتبر استخدامه غير قانوني، سواء كان طبياً أم ترفيهياً.
على الرغم من التحول الذي شهده العديد من الدول نحو قبول الاستخدام الطبي للحشيش، إلا أن الوصول إلى الماريجوانا الطبية قد يظل محدوداً في بعض الدول، على سبيل المثال السويد التي تحافظ على موقفها الصارم تجاه المخدرات، حيث لا توجد فروقات بين المخدرات القوية والخفيفة من الناحية الترفيهية؛ وهذا يعني أن الماريجوانا والهيروين يتم تصنيفهما تحت فئة المواد المخدرة، وتعتمد البلاد سياسة عدم التسامح تجاه المخدرات بأي شكل، وتتيح الماريجوانا الطبية فقط في حالات محددة بناءً على موافقة من وكالة الأدوية السويدية "Läkemedelsverket" وتأييد طبيب.
وفي الختام، شهدنا خلال العقود القليلة الماضية تحولاً في القوانين نحو موقف أكثر تساهلاً تجاه المخدرات بشكل عام، حيث بدأت الدول في تخفيف العقوبات المتعلقة بحيازة الماريجوانا وأصبحت أكثر انفتاحاً على استخداماتها المحتملة من الناحية الطبية أو العلاجية.