في صباح يوم الثلاثاء، استعدت كمار للخروج من منزلها في أوريبرو، كما تفعل كل يوم. كانت تخطط بعد المدرسة لزيارة إيكيا وشراء مستلزمات جديدة لمنزلها الجديد، حيث كانت تستعد لبدء حياة جديدة مع أطفالها الثلاثة. لكن بدلاً من ذلك، انتهى يومها بمأساة لم تكن تتخيلها، لتصبح واحدة من الضحايا في أسوأ حادثة إطلاق نار تشهدها السويد في تاريخها الحديث. رحلة البحث عن الأمان قبل سبعة عشر عامًا، وصلت قمر إلى السويد قادمةً من الصومال، هربًا من العنف والحرب، بحثًا عن مستقبل أفضل لها ولأطفالها. وبعد سنوات من الاستقرار، حصلت على الجنسية السويدية، وأصبح بإمكانها أن تشعر أخيرًا بالأمان. كانت تعمل جاهدة لتوفير حياة مستقرة لأبنائها الثلاثة، الأكبر عمره 15 عامًا، والثاني 11 عامًا، أما الصغير فلم يكمل عامه الثاني بعد. لكن رغم كل شيء، لم تكن كمار تعيش من أجل نفسها فقط، بل كانت دائمًا إلى جانب الآخرين، كما يقول شقيقها علي:"كانت دائمًا تهتم بالجميع، تسأل عن الجميع، تحاول مساعدة كل من حولها. كانت نورًا يشع بالحياة واللطف." حياة مليئة بالعطاء والأحلام المؤجلة لم تكن قمر تتوقف عن الحلم، ولم تدع الحياة تثقل كاهلها. كانت تحب الضحك، تنشر الفرح في كل مكان، حتى في أصعب اللحظات. تروي خالتها أنيسة عن اليوم الذي أنجبت فيه طفلها الصغير: "حتى وهي تتألم في المخاض، كانت تمزح مع الأطباء وتضحك. لم أرَ أحدًا مثلها." درست قمر في مدرسة مدرسة ريسبرسكا في أوربرو، حيث كانت تحاول تحسين مستواها في اللغة السويدية، استعدادًا لدراسة مهنة في مجال الرعاية الصحية. كان حلمها أن تصبح ممرضة أو عاملة في المجال الاجتماعي، وأن تساعد الناس تمامًا كما ساعدها كثيرون خلال رحلتها في الحياة. "كانت تقول دائمًا إنها لا تريد عملاً مكتبياً، بل تريد أن تكون وسط الناس، تساعدهم وتقدم لهم شيئًا حقيقيًا." تقول خالتها أنيسة. الحياة توقفت في لحظة يوم الثلاثاء، خرجت قمر من فصلها الدراسي متجهة نحو مطعم المدرسة لتناول الغداء مع زملائها. فجأة، دوى صوت إطلاق نار."سمعنا أنهم سمعوا شخصًا يصرخ: 'اركضوا، اركضوا!'" يقول أحد أفراد العائلة. عندما انتشر الخبر عن الهجوم، حاولت العائلة الاتصال بها مرارًا. كان هاتفها يرن، لكنه لم يُجَب. "أحسست أن هناك شيئًا خاطئًا. قلبي كان يخبرني أن الأمر ليس على ما يرام." تقول خالتها أصلي. في البداية، تمسكت العائلة ببصيص أمل. ربما تكون مصابة فقط، ربما ستعود قريبًا. لكن في يوم الجمعة، جاء الخبر القاتل من الشرطة: كمار كانت واحدة من الضحايا العشرة الذين سقطوا في المجزرة. "الحلم تحول إلى كابوس" كان من المفترض أن يكون ذلك اليوم مجرد محطة أخرى في حياة قمر، يومًا عاديًا تخطط فيه لمستقبل أطفالها، لكن الأقدار حملت لها مصيرًا آخر. كانت تستعد للانتقال إلى منزل جديد، ترتب غرف أطفالها، تحلم بمستقبل أكثر استقرارًا. لكن بدلاً من ذلك، وجد أطفالها أنفسهم بدون أم، في عالم لم يعد يبدو آمنًا كما كانت تعتقد. "لقد فعلت كل شيء من أجل أطفالها. كانت تحلم بمستقبل أفضل لهم، لكنها رحلت قبل أن تراه يتحقق." يقول ابن عمها إبراهيم. ابنها الأصغر، الذي سيحتفل بعيد ميلاده الثاني قريبًا، لن يتذكر والدته كما يجب. والأكبران، 15 و11 عامًا، تركا فجأة ليواجها الحياة بدونها. "لن نتوقف عن الحزن" العائلة تحاول الآن الوقوف إلى جانب الأطفال، لكنها لا تزال غارقة في الصدمة والحزن. "لا يمكننا استيعاب ما حدث. كل شيء يبدو وكأنه كابوس لم نستيقظ منه بعد." تقول خالتها أصلي. ما زالت صور قمر تملأ المنزل، تبتسم كما كانت دائمًا، لكن صوتها لم يعد هناك، وضحكتها التي اعتادت أن تنشر الدفء اختفت. بقيت فقط ذكريات، وجدران منزل لم يكتمل، وأطفال يحتاجون إلى أمهم، لكنها لن تعود.