مقالات الرأي
إنّهم سبب فقر السويديين وتهديد الدولة
Aa
إنّهم سبب فقر السويديين وتهديد الدولة
عروة درويش لصالح منصّة "أكتر"... في قائمة فوربس لعام ٢٠٢١، جاء أثرياء السويد في المرتبة الثانية بعد أثرياء الولايات المتحدة في كمّ الأموال التي يملكونها مقاسة بالدولار. لكن صدقوني، ليس هذا أمراً يجعلنا نفرح ولا نشعر بالفخر، فكلّما زاد ثراء هؤلاء، عنى هذا أنّ السويديين ومن يعيشون في السويد سيكونون أفقر، وكلّما عنى ذلك تهديداً أكبر للدولة.
ربّما حقيقة أنّ عدد السويديين شديدي الثراء قد ازداد بين عامي ١٩٩٦ و٢٠٢١ بنسبة ١٧٠٠٪، وأنّ ثرواتهم قد ازدادت في الفترة ذاتها بنسبة ٣٠٠٠٪، يجب أن تكون مربكة كفاية لنا.
آخر الأخبار
ألا يعني هذا اقتصاداً أفضل؟
قد يقول بعض المدافعين عن هؤلاء وعن الأمر برمته بأنّ هذا يعني بأنّ الاقتصاد السويدي أفضل، وبأنّ الأعمال أكثر نجاحاً، وبأنّ زيادة ثروة هؤلاء وزيادة ثرواتهم تعني أعمالاً أكثر، ووظائف أكثر، ورواتب أعلى.
لكن في الحقيقة، وكما أشار كتاب «السويد الجشعة: لذلك أصبح وطن الشعب جنّة للأثرياء Girig-Sverige så blev folkhemmet ett paradis för de superrika»، فأغنى ٥٤٢ سويدي لم يصبحوا أغنياء بسبب فتحهم أعمال جديدة، أو إنشاء وظائف جديدة، أو أيّ شيء يردف الاقتصاد السويدي بفائدة ونفع.
يمكن تقسيم هؤلاء الأثرياء إلى ثلاث مجموعات: ١) مجموعة الوارثين والصناعيين القدامى، ٢) ومجموعة السياسيين الذين استغلوا النظام والخصخصة لامتلاك مدارس مستقلة وعقارات كانت مملوكة للدولة والبلديات، و٣) المجموعة الأكبر: الذين جنوا ثرواتهم من المضاربة في البورصة، أيّ الذين حصلوا على المال نتيجة تدوير المال وليس خلق الأعمال.
قنبلة موقوتة
ما رأيكم بأنّ هؤلاء – بسبب الإعفاءات الضريبية التي يتمّ الادعاء بأنّها لتحفيز الاقتصاد – يدفعون ضرائب منخفضة للغاية، تجعل العاملين العاديين في السويد هم من يتحملون عبء الضرائب الأكبر؟ ما رأيكم إن قلتُ لكم بأنّ هذا الجشع هو قنبلة موقوتة تهدد السويد.
لا تأتي مثل هذه القنبلة عادة بشكل مباشر، بل تأخذ شكل متطرفين يغذيهم من يريد تشتيت انتباههم عن المشكلة الحقيقية. تأتي هذه القنبلة الموقوتة على شكل ضخّ إعلامي لزيادة العسكرة وإظهار أنّ المشكلة قوى خارجية تخرّب السويد «مثلما بدأنا نسمع عن تحميل روسيا وحربها في أوكرانيا وزر كلّ ما يحدث في السويد من سيئات».
بحسب ما نشرته فوربس، يملك ٨٢ ثريّ سويدي ٢٤١٨ مليار دولار أمريكي، أي ما يشكّل ٤٩٪ من الناتج المحلي الإجمالي للسويد GDP، إنّ ما يكشف عنه سبيل الوصول إلى الثراء الفاحش في السويد: «مضاربة وبورصة، وإرث، وفساد سياسي واقتصادي» يعني بأنّك مهما حاولت أن تعمل بكد، وتدرس لمراتب أعلى، فلن تصبح ثرياً كهؤلاء.
يدعى هذا باسم تقلّص الحركية الاجتماعية. وكلّما تقلصت الحركية الاجتماعية في مجتمع ما، عنى ذلك بأنّه اقترب أكثر من الصدامات وتدمير نفسه ذاتياً، يسهم في ذلك من يريد النجاة بثرواته.