أخبار السويد

إياد الصفّار… من قاطف توت إلى أحد أكبر رجال الأعمال في السويد

Aa

إياد الصفّار… من قاطف توت إلى أحد أكبر رجال الأعمال في السويد

إياد الصفّار… من قاطف توت إلى أحد أكبر رجال الأعمال في السويد

وُلِد إياد الصفّار في لبنان لأب عراقي وأم سوريّة، غادرها إلى السويد خلال فترة الحرب الأهلية، ليبدأ عمله فيها. اليوم، إياد هو مالك مجموعة Axcent of Scandinavia ومن أكبر تجّار ورجال أعمال السويد، ويشارك منصّة "أكتر" قصّة نجاحه

بداية صعبة والمخاطرة ضروريّة

وصل إياد بعمر الـ19 رفقة أخيه إلى السويد في 17 أغسطس / آب عام 1984، وكان من المفترض أن تكون محطّة مؤقتة لمدة لا تزيد عن أسبوعين، إلا أن أخيه سافر إلى أميركا حينها، ما اضطره للبقاء في السويد والعمل في قطف التوت بغرض بيعه وتأمين لقمة عيشه، في الوقت الذي كان يتعلّم في اللغة السويدية، حيث كان يستيقظ من السابعة صباحاً قاطعاً نحو 100 كيلومتراً من راتفيك Rättvik ليصل إلى مركز التعليم في هيديمورا Hedemora ليعود في الساعة الرابعة عصراً.

وُلِد إياد الصفّار في لبنان لأب عراقي وأم سوريّة، غادرها إلى السويد خلال فترة الحرب الأهلية

أثناء عمله في بيع التوت، أدرك إياد أنه يرى نفسه في مجال التجارة، ليقرر الذهاب إلى لبنان، حيث كانت الليرة اللبنانية مستمرة في الهبوط، مدركاً أنه يمكن شراء البضائع بثمن رخيص وإحضارها إلى السويد لبيعها بثمن أعلى، إلا أن المشكلة كانت في عدم امتلاكه رأس المال الكافي. عند عودته إلى المنزل، أخبر زوجته بالأمر، طالباً منها أن تقترض من البنك مبلغ 50000 كرونة، الذي يمكن تسديده عن طريق بيع سيارته من نوع BMW 323 التي أتى بها من لبنان في حال واجهه الفشل، مشيراً إلى أنه يمكن اعتبار أن السيارة احترقت أو سقطت عليها قذيفة، حالها حال سيارات الكثير من أصدقائه في لبنان.

إياد هو مالك مجموعة Axcent of Scandinavia ومن أكبر تجّار ورجال أعمال السويد

الكنز الحقيقي

حصل أياد على القرض بعد أسبوع تقريباً، ليتجه إلى لبنان بعد ذلك مباشرةً، ويبدأ في شراء البضائع المختلفة، مثل الثياب بأنواعها وأدوات التجميل، وقبل عودته إلى السويد، التقى بأحد أصدقائه الذي أعطاه خمسة ساعات يد ليبيعها أيضاً في السويد، وأخذها دون أن يعلم ثمنها. عاد إياد إلى السويد وبحوزته البضائع الكثيرة، وذهب بها إلى شقته في راتفيك Rättvik، حيث اضطر إلى تفكيك سريره، مستخدماً صناديق البضائع وفوقها الفراش ليكون مكاناً للنوم بسبب عدم توفّر المساحة.

بدأ التاجر بيع البضائع في الساحات العامة والسوق الحرّة والمحلّات التجارية، وعندما كان يقوم بجولة على المحلّات في مدينة فالون Falun، سأله أحد أصحابها عمّا إذا كان يبيع ساعات، إلا أنه لم يكن يحملها معه، ليضطر لقطع طريق العودة إلى منزله بطول 50 كيلومتراً لإحضارها. عاد إياد إلى الرجل حاملاً الساعات، وتمكن من بيع ساعتين مقابل 500 كرونة للواحدة، إلا أنه لم يعلم ما إذا كانت صفقة ناجحة أم خاسرة كونه لا يعلم ثمنها الحقيقي. 

تمكّن الصفّار من بيع معظم البضائع واسترداد رأس المال بالإضافة إلى مربح جيّد

تمكّن الصفّار من بيع معظم البضائع واسترداد رأس المال بالإضافة إلى مربح جيّد، ليقرر العودة إلى لبنان لإحضار المزيد منها. عند الوصول، مرّ إياد بصديقه لإعطائه ثمن الساعات، إلا أن صديقه رفض أخذ النقود قائلاً إن ثمنها زهيد ولم تكلفه أكثر من ما يعادل 40 كرونة للساعة الواحدة. أدرك إياد حينها أن الساعات هي التجارة الرابحة، وقرر صب اهتمامه في هذا المجال فقط، كونه يميل إليه وأكثر ربحاً وأسهل بالتعامل، بالإضافة إلى أنه سيتمكن من العودة إلى استعادة سريره النظامي عوضاً عن النوم على مجموعة صناديق.

تاجر ساعات… وبائع حلول

عاد إياد إلى السويد ليبدأ تجارة الساعات، حيث اتجه بدايةً إلى البيع في الأسواق المؤقتة التي كانت تفتح خلال أوقات محددة في كل منطقة، وكان يتنقّل بواسطة سيّارة قديمة مهترئة يتسرّب إلى داخلها المياه حصل عليها مقابل 4000 كرونة، لكنها كانت تفي بالغرض.

كان إياد أول من أدخل الساعات الكبيرة، التي كانت موضة حينها، إلى السويد، حيث كان السويديون يحصلون عليها عند سفرهم إلى بلدان أخرى مثل فرنسا وإسبانيا. كان سوق الساعات السويدي في ذلك الحين على فراش الموت بعد أن بدأ اليابانيين بتصنيع ساعات كوارتز Quartz، في حين أن أصرّت الشركات السويسرية على اعتماد الميكانيكية الأوتوماتيكية، إلى أن جاء المبتكر اللبناني نيكولا حايك الذي قدّم ساعات Swatch، ليبدأوا الناس بتقبّل فكرة الساعات ذات السعر المنخفض.

FotoClaudio Bresciani / TT

تطوّرت تجارة إياد وأصبح لديه الكثير من الزبائن الكبار، أمثال Ullared وCoop وStadium، حتّى أن الساعات كانت تباع داخل طائرات شركة SAS، وتوسّعت أعماله لتشمل ما يقارب خمسين بلداً حول العالم. كانت تصاميم الساعات تُرسم بأيادي مهندسين سويدين وتُرسل ليتم تصنيعها في الصين.

يقول رجل الأعمال إنه لم يكن يبيع ساعات وحسب، بل كان يبيع حلول، ويشارك في حديثه قصّته مع شركة Viking Line للنقل البحري، التي تمكّن فيها من إقناعهم بالتعامل معه من خلال تقديم الساعات على منصّات عرض مقاومة للاهتزازات التي تسببها أمواج البحر بالإضافة إلى وجود السعر والباركود الخاص بكل ساعة، على الرغم من أنهم كانوا يتعاملون مع جهة أخرى تقدّم نفس الساعات التي قدّمها إياد.

FotoLEIF R JANSSON / TT

تصحيح مسار شركات كبرى

سنة 2002، اجتمع 80 تاجر ساعات لشراء سلسلة متاجر Ur&Penn المتخصصة في الساعات والمجوهرات، التي كانت تعاني لسنوات طويلة من خسائر متتالية تحت قيادة ملّاك شركة H&M، إلا أنهم فشلوا أيضاً في إعادة الشركة إلى المسار الصحيح، ليتّجهواّ إلى إياد طارحين عليه أن يكون شريكاً معهم، ولكنّه رفض ذلك عارضاً عليهم شراء السلسلة بأكملها منهم، وعلى الرغم من نصيحة العديد من البنوك بخطورة الخطوة إلا أنه أصر على الأمر وأتمّ عملية الشراء بمساعدة بنك آمن بقدرته وساهم في 50% من قيمة الصفقة. لم تأخذ العملية أكثر من 10 أشهر لتعود السلسلة إلى جني الأرباح وهي اليوم من الأشهر في العالم.

FotoStina Stjernkvist/SvD/TT

لم يتوقّف الأمر عند ذلك، حيث في عام 2006، تواصلت شركة Lucardi الهولندية مع الصفّار لمقارنة أرقامها مع أرقام Ur&Penn، ليتبيّن أن أرقام سلسلة المتاجر الهولندية أقل من كافّة النواحي دون أن يتّضح السبب، ما دفع إياد للسفر إلى هولندا للاطّلاع على المتاجر وتحديد المشكلة. لم يأخذ الأمر من وقته أكثر من 10 دقائق حتى تمكّن من تحديد المشكلة، ليقرر شراء السلسلة كاملةّ وإصلاحها، وبعد شهر فقط بدأت السلسلة جني الأرباح ووصل عدد متاجرها إلى ما يقارب 140 موزعين على دول عديدة، وبعد 9 أشهر، حقق أرباح مكّنته من شراء شركة Kijkshop التي كانت تعاني الخسائر أيضاً، ليحوّلها إلى شركة ناجحة. بعد سنوات عديدة، قرر إياد بيع كلاً من Lucardi وKijkshop ليرفع من مستوى التحدي ويتّجه لتحقيق أحد أحلامه في السويد.

FotoAnders Wiklund/TT

رد الجميل 

كانت سلسلة متاجر Åhléns السويدية واحدة من أكبر أهداف إياد التي كان يسعى للاستحواذ عليها، الأمر الذي تمكّن منه عام 2022، والهدف إعادتها إلى مسارها الصحيح وافتتاح متاجر في القرى السويدية النائية، حيث يشير إلى أن الحياة توجد أينما وجدت المتاجر، قائلاً: "السويد أعطتني الحياة، قدرت آخد أحلى حياة، بحب لبنان بس مع كل احترامي أخدوا عمرنا بالحروب وما زالت المشاكل لحد اللحظة، هون خلّونا نشتغل ونبني مستقبل مش لأولادنا بل لأولاد أولادنا، بس فتحت محل بيصير في حياة بالبلد بيرجع النشاط، بدي رجّع الحياة للضيع الصغيرة".

FotoClaudio Bresciani / TT

القائد مكانه في أرض المعركة

نصيحة إياد لروّاد الأعمال الجدد أن يكونوا ملمّين بأعمالهم، لأن المنافسة لم تعد ضمن منطقة أو حتى بلد، بل أصبحت عالميّة، ويؤكّد أن لا شيء يأتي بالسهل، وأن نجاح العمل يأتي بالمتابعة الدائمة. يشارك قصّته التي كان فيها داخل أحد متاجر Ur&Penn وهو يبيع لأحد الزبائن عندما صادفه شاب سويدي جامعي الذي تعجّب من أنه كيف لمالك السلسلة بذاته أن يتواجد في المتجر ويخدم الزبائن، وعندما طلب الشاب نصيحة أجابه إياد بأنه أعطاه نصيحة بالفعل، يقول: "لازم أوقف جنب الموظفين، لازم كون موجود مطرح المعركة". 

إياد مع أبن ملك السويد الأمير فليب

عند سؤاله عن حكاية سيّارته الخاصة من نوع رولز رويس Rolls Royce، أشار إياد إلى أنه إذا أراد المرور بكافة المتاجر التي يمتلكها، سوف تستغرق القيادة ما يصل إلى ثلاثة أشهر، والمركبة يمكن اعتبارها مكتب متنقّل هادئ ومزوّد بالأساسيات يمكّنه من العمل وإجراء اجتماعات بينما يقوم سائقه بالقيادة، أي أن الأمر برمّته استثمار للوقت. 

سيّارته الخاصة من نوع رولز رويس Rolls Royce
إذا أراد المرور بكافة المتاجر التي يمتلكها، سوف تستغرق القيادة ما يصل إلى ثلاثة أشهر

يشعر رجل الأعمال بالحزن على ما يجري في السويد، مشيراً إلى أنه في الماضي لم يكن يسمع أن شخصاً قُتِل أو طفلاً أُصيب، ولم يكن للخوف مطرحاً حيث لم تكن هنالك حاجة حتى لقفل الأبواب، ويتمنّى أن تعود السويد بلد الأمان والخير والسلام. كما أكد على فخره بكل لاجئ عربي نجح في السويد، ويؤكد أن أبوابه مفتوحة لأي شخص بحاجة إلى مساعدة في المجال التجاري.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©