قدّمت هيئة الصحة العامة السويدية، بتكليف من الحكومة، استراتيجية وطنية لمكافحة الوحدة غير المرغوب فيها، في خطوة تُعد حاسمة لتحسين الصحة النفسية والحد من معدلات الانتحار. وتشير الدراسات إلى وجود علاقة وثيقة بين الشعور بالوحدة والتفكير في الانتحار. وتغطي الاستراتيجية جميع جوانب المجتمع، وتهدف إلى تعزيز أماكن اللقاء بين الناس وإزالة العوائق التي تحول دون مشاركة الأفراد في الحياة الاجتماعية. كما تُبرز الحاجة إلى تنفيذ تدابير موجهة لمنع الأفراد من الوقوع في عزلة طويلة الأمد، وهو ما يعد مسؤولية مهمة تقع على عاتق البلديات. ووفقاً لنتائج "مؤشر البلديات" الذي أعدّته منظمة "Suicide Zero"، تُظهر الإحصاءات أن أكثر من تسع بلديات من أصل عشر في السويد تنفذ مبادرات لمكافحة الوحدة غير الطوعية بين كبار السن. في المقابل، أفادت ثلث البلديات بأنها لا تقوم بأي أنشطة ميدانية للوصول إلى الأشخاص الذين يعانون من الوحدة، وهو ما يُعتبر عاملاً حاسماً في هذا السياق، نظراً إلى أن كثيراً من الأشخاص المتأثرين لا يسعون تلقائياً للمشاركة في الأنشطة. اقرأ أيضاً: ارتفاع حاد في حالات الإصاب.. أكثر من 46 ألف سويدي اضطروا لأخذ إجازة مرضية وتدعو الاستراتيجية البلديات إلى التعاون مع منظمات المجتمع المدني لتعزيز الجهود الميدانية الرامية إلى كسر العزلة، مع التأكيد على أن هذه الجهود يجب ألا تقتصر على كبار السن، رغم كونهم الفئة الأكثر تمثيلاً في إحصاءات الانتحار، بل يجب أن تشمل أيضاً فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و29 عاماً، حيث تُظهر الإحصاءات أن هذه الفئة تعاني بشكل كبير من الشعور بالوحدة، كما تسجل معدلات مرتفعة من الضغوط النفسية. ويُقدّر أن أكثر من 20% من النساء في هذه الفئة العمرية يعانين من إجهاد نفسي شديد. وتتمتع البلديات بفرص جيدة لإحداث فرق ملموس، خاصة في ظل قربها من المواطنين ووجودها في مختلف مراحل الحياة، من رياض الأطفال إلى دور رعاية المسنين. وتتيح الخدمات البلدية في مجالات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية إمكانيات واسعة لزيادة الوعي بأهمية العلاقات الاجتماعية للصحة، والعمل الفعلي على مكافحة العزلة ضمن نطاق هذه الخدمات. اقرأ أيضاً: أي يوم في الأسبوع يجلب لك السعادة؟ دراسة حديثة تكشف السر وتؤكد الاستراتيجية أن الحد من الوحدة يمثل مفتاحاً لتحسين الصحة العامة وتقليل معدلات الانتحار. لذا، يُحثّ مسؤولو البلديات على تعزيز التعاون مع منظمات المجتمع المدني وتكثيف الجهود التي تتيح للأفراد فرصاً للاندماج الاجتماعي، خاصة أن هذا التعاون يساعد على الوصول إلى الفئات التي يصعب الوصول إليها عبر القنوات التقليدية. وتشير الاستراتيجية إلى أن الاستثمار في كسر العزلة يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في الصحة النفسية العامة وانخفاض معدلات الانتحار في المجتمع.