يعاني الكثير من الناس من اكتئاب العطلة، ويبلغ ذروته في ليلة رأس السنة بالنسبة للبعض، وأولئك الذين يعانون من الاكتئاب الحالي معرضون بشكل خاص لتحديات الصحة العقلية لهذه الليلة الكبيرة، فلا يجب أن تكون بداية العام الجديد مرهقة أو حزينة، حيث يمكن لبعض التغييرات والتقاليد الجديدة أن تحوّل العطلة إلى شيء إيجابي وأمسية تدعم الصحة العقلية بشكل جيد.قد يكون من الصعب الاعتراف بأن ليلة رأس السنة ليست العطلة المفضلة، ومن المفترض أن تكون واحدة من أفضل ليالي الاحتفالات في العام، ووقتاً للتفكير وتحديد مسار العام المقبل. لكن هذه توقعات غير معقولة ليوم واحد أو ليلة واحدة، يجب أن تتخلى عنها واستمتع بهذا اليوم بالطريقة التي تريدها، وركز على نفسك وليس ما يريده الآخرون منك أن تفعله، ويمكنك قضاء هذه العطلة للاستمتاع بعام جديد رائع.اكتئاب بداية العام الجديد ظاهرة حقيقيةإنها حقيقة معروفة ومدروسة جيداً بأن موسم العطلات يزداد سوءاً أو يتسبب في ظهور أعراض الصحة العقلية لدى العديد من الأشخاص.إذا كنت مصاباً بالاكتئاب بالفعل، فقد يزيد الأمر سوءاً في هذا الوقت من العام، ولكن حتى الأشخاص الذين لم يتم تشخيصهم بمرض عقلي معرضون للخطر.الجدير بالذكر أن الموسم بأكمله من عيد الشكر إلى ليلة رأس السنة الجديدة يسبّب التوتر والقلق والاكتئاب لأسباب عديدة:1- الإجهاد هو عنصر رئيسي في كآبة العطلة، حيث يمكن أن يصبح الضغط المرتبط بشراء الهدايا وإقامة عشاء كبير وحضور الحفلات أمراً هائلاً.2- تؤدي التوقعات العالية أيضاً إلى الشعور بسوء، خاصةً إذا لم تتمكن من تلبيتها.3- تسبّب الموارد المالية قدراً كبيراً من القلق في هذا الوقت من العام، خاصةً عندما تقترن بتوقعات شراء الهدايا.4- ينتهي الأمر ببعض الأشخاص إلى العزلة خلال الإجازات، مما قد يؤدي إلى اكتئاب بداية العام الجديد.5- غالباً ما يصبح الحزن مضاعفاً في الأعياد، خاصةً إذا فقدت أحد أفراد أسرتك.6- قد يؤدي الطقس البارد والأيام الأقصر إلى حدوث اكتئاب موسمي.تنطبق كل هذه المشكلات على اكتئاب بداية العام الجديد أيضاً، ولكن هنالك المزيد لهذه الظاهرة، فالوحدة والعزلة من العوامل الرئيسية، وليلة رأس السنة الجديدة هي الوقت الذي يُتوقّع فيه من الناس التواجد حول الأصدقاء والاحتفال، وإذا لم يكن لديك هذه الأشياء قد تشعر بالفشل.هنالك مسألة أخرى تختلف عن بقية موسم العطلات وهي التركيز على التفكير، حيث ينظر الكثير من الناس إلى العام الماضي ويرون الكثير من خيبات الأمل. هذه مشكلة خاصة إذا كنت تميل إلى مقارنة إنجازاتك مع إنجازات الآخرين.في الوقت الذي تكون فيه توقعات ليلة رأس السنة الجديدة ضخمة، هنالك مشكلة أخرى وهي توقع بداية جديدة، حيث يشعر الكثير من الناس كما لو أن هذه العطلة الواحدة يجب أن تحدد مسار بقية العام، وهو أمر غير معقول. فإذا لم تكن تلك الليلة على ما يرام، هذا لا يعني أن 365 يوماً القادمة ستكون مخيبة للآمال أيضاً، ولكن هذا ما يشعر به الكثيرون، لذا إليك ما يجب فعله:1. استقبال العام الجديد بقرارات الصحة العقلية. إذا كنت تعاني من الاكتئاب أو غيره من الأمراض العقلية، هذه فرصة عظيمة لتحديد أهداف لصحة عقلية أفضل، ويمكن أن يجلب وضع القرارات إحساساً بالأمل في العام المقبل، ولكنه قد يكون أيضاً مخيباً للآمال، لذا ضع أهدافاً معقولة وقابلة للتحقيق، فيما يلي بعض الأمثلة الجيدة:أحط نفسك بالأشخاص الذين يجعلونك سعيداً فقط.ركز على ما يمكنك التحكم به في حياتك.اطلب المساعدة عند الحاجة إليها.احصل على علاج متخصص في الصحة النفسية.2. فكّر في إنجازاتك، وليس إنجازات الآخرين: هل فشلت في تنفيذ قرارات العام الماضي؟ هل شاهدت أشخاصاً آخرين يحققون أهدافاً ويقومون بأشياء عظيمة أثناء معاناتك؟ هل كان لديك سنة صعبة؟ يمكن أن يكون التفكير في العام الماضي تجربة إيجابية، ولكنه تجربة صعبة أيضاً.من جهة أخرى يمكن أن يكون التفكير مفيداً إذا قمت بذلك بشكل صحيح، عن طريق كتابة قائمة بما أنجزته، مهما كان صغيراً.على سبيل المثال إذا كنت تريد أن تخسر 20 رطلاً لكنك خسرت 10 فقط اعتبره فوزاً وليس فشلاً، والأهم من ذلك كله، تجنّب مقارنة نفسك بالآخرين، فالحياة ليست منافسة، وعليك التركيز على نفسك وإنجازاتك، والمجالات التي تحتاج إلى تحسين، ونوع الشخص الذي تريد أن تكونه بغض النظر عن الآخرين.3. الانخراط في الانحرافات: إن الاجترار هو نوع من التفكير المهووس، حيث يميل الأشخاص المصابون بالاكتئاب إلى اجترار الأفكار والأحداث السلبية، مما يؤدي إلى تفاقم الاكتئاب. في هذا الوقت من العام، يمكن أن يصبح التفكير اجتراراً، مما يؤدي إلى المزيد من أعراض الاكتئاب.الجدير بالذكر أن تشتيت الانتباه هو أداة رائعة لمكافحة هذا النمط من التفكير السلبي، فعندما تجد نفسك مدفوناً في أفكار سيئة، ابحث عن نشاط يشتت عقلك وجسمك، كالتمرين مثلاً من أفضل الطرق لصرف الانتباه عن الأفكار السلبية، فعندما يكون الجسد مشغولاً، يصعب على العقل أن يستحوذ على الهوس، أو اخرج في نزهة على الأقدام للاستمتاع بالهواء النقي، وفي حال استمرت أفكارك استمع إلى بودكاست أو كتاب صوتي أثناء المشي أو المشي مع صديق.4. ابدأ تقليداً جديداً يجعلك سعيداً: حان الوقت للتخلي عن توقعات الآخرين، فليس من الضروري أن تكون ليلة رأس السنة الجديدة حفلة كبيرة مع فستان جميل والكثير من الأصدقاء. إذا كان ذلك يجعلك تشعر بالسوء، افعل شيئاً مختلفاً، حتى لو كان ذلك البقاء في المنزل مع حيواناتك الأليفة ومشاهدة الأفلام بمفردك.إذا كنت لا تريد أن تكون بمفردك، قم باستضافة تجمّع صغير أو مبيت مع عدد قليل من الأصدقاء المقربين، قد تتفاجأ عندما تجد أنهم يفضلون أيضاً حفلة صغيرة على حدث كبير.5. تواصل مع الآخرين: العزلة الاجتماعية تؤدي فقط إلى تفاقم الاكتئاب، وإذا كانت السنة الجديدة تجعلك تشعر بالوحدة، قم بالتواصل مع شخص تثق به وتحدث معه، أو اطلب من صديق أو أحد أفراد الأسرة قضاء ليلة رأس السنة الجديدة معك.هنالك صلة أخرى مهمة يجب إجراؤها خلال الأوقات الصعبة مع الاكتئاب وهي الاتصال بأخصائي الصحة العقلية. إذا كان لديك معالج، فاتصل لتحديد موعد المزيد من الجلسات أو الانخراط في العلاج مرة أخرى إذا توقفت.في النهاية قد يكون اكتئاب بداية العام ظاهرة حقيقية، لكن هذا لا يعني أنه أمر لا مفر منه أو أنه لا يمكنك فعل أي شيء حيال ذلك. كن استباقياً إذا كنت تعلم أن هذا الوقت من العام يؤثر على صحتك العقلية. تواصل مع الأصدقاء والعائلة، واصنع تقاليد جديدة، وفكر بطرق إيجابية، واحصل على العلاج إذا كنت بحاجة إليه.