سياسة

الاتفاق مع تركيا بشأن الناتو يثير القلق في الشارع السويدي

Aa

الاتفاق مع تركيا بشأن الناتو يثير القلق في الشارع السويدي

Foto Henrik Montgomery/TT

تصوّر وسائل الإعلام الأمريكية عضوية السويد وفنلندا المرتقبة في الناتو على أنها انتصار لبايدن ونكسة للزعيم الروسي فلاديمير بوتين، ومع ذلك، فإن عضويتهم من الممكن أن تكلف الاشتراكيين الديمقراطيين السويديين ثمناً باهظاً.

يبدو أن استراتيجية حافة الهاوية التي اتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أتت ببعض الفوائد، لكن التفاهم الذي تم التوصل إليه بين تركيا والسويد وفنلندا قوبل بانتقادات شديدة في أوساط الجمهور السويدي، وخاصة السويديين من أصل كردي.

مهّد الاجتماع الرباعي بين رئيس الناتو والقادة الأتراك والفنلنديين والسويديين في 28 يونيو / حزيران الطريق لعضوية فنلندا والسويد في الناتو بعد أن وقّعت الدول الثلاث مذكرة ثلاثية تتناول المخاوف الأمنية التي أعلنتها أنقرة، الشيء الذي فاجئ العديد من المراقبين بسرعته، وتبع ذلك لقاءً طال انتظاره بين أردوغان والرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي طمأن نظيره التركي بأن إدارته ستدعم أنقرة في محاولة الحصول على طائرات F-16 المقاتلة من الولايات المتحدة، ورافق هذه التطمينات مدحاً لأردوغان.

استوفت المذكرة التي تم الاتفاق عليها بين أردوغان ورئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون والرئيس الفنلندي سولي نينيستو الشروط التركية المسبقة لدعم انضمام دول الشمال إلى الناتو، ولم تترك أنقرة أي سبب لتأجيل دعوات العضوية الرسمية.

أكد أردوغان قبل ساعات من اجتماع مدريد أن بلاده تريد "خطوات ملموسة بدلاً من الكلمات الجوفاء"، وأشارت بعض التكهنات إلى رضوخ أنقرة للضغط من قبل إدارة بايدن، لكنها تبدو غير دقيقة، حيث تشير المصادر إلى أن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ وإدارة بايدن ضغطوا على الجانب السويدي للتوصل إلى حل وسط.

FotoHenrik Montgomery/TT

جاء في المذكرة المعدّة بعناية، وعد فنلندا والسويد بعدم دعمهما الجماعات الكردية السورية التي تعتبرها أنقرة تهديداً لأمنها القومي، وتشير المذكر بشكل مباشر إلى وحدات حماية الشعب YPG وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD.

في حين أن المذكرة غامضة دبلوماسياً، فإن النص يعالج تقريباً كل نقطة أثارها الجانب التركي في اعتراضاته على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي.

من الواضح أن الوثيقة منحازة لتركيا، الشيء الذي أثار استياء وغضب في الساحة السياسية السويدية من كون الصفقة كانت على "ذوق أردوغان" أكثر من باقي الأطراف، حتى كبار الحزب الديمقراطي الاشتراكي السويدي، الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء ماجدالينا أندرسون ووزيرة الخارجية آن ليندي، انتقدوا الاتفاقية بشدة.

يقول الدبلوماسي والسياسي السويدي البارز، بيير شوري: "الاتفاق مع تركيا هو فوز ساحق لأردوغان وعارٌ على السويد وخيانة للمقاتلين الأكراد الأحرار"، ولا يزال شوري شخصية مؤثرة في السياسة الخارجية للبلاد، والذي كان مساعداً مقرباً لرئيس الوزراء السويدي الديمقراطي الاجتماعي أولوف بالم.

وفي إشارة إلى التعاون الأمني الذي تنطوي عليه الصفقة بين وكالة المخابرات السويدي Sapo وجهاز المخابرات التركي MIT، زعم بيير أن "جهاز المخابرات التركي نفسه رسم مسار حزب العمال الكردستاني" في تحقيقات اغتيال أولوف بالم عام 198، ويضيف: "ستكون هذه المرة الثانية التي تستخدم فيها تركيا حزب العمال الكردستاني لتجني المصالح". 

FotoHenrik Montgomery/TT

وقالت نائبة رئيس الوزراء السابق عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لينا هيلم والين: "أعتقد أن الكثير يشعر بعدم الارتياح حيال الاضطرار إلى الجلوس والتفاوض مع تركيا بشأن مبادئ سيادة القانون السويدية".

وعبّر حزب الخضر والحزب اليساري عن غضبهما، حيث قال زعيم حزب اليسار، نوشي دادجوستار: "حذرنا في وقت مبكر من مخاطر وضع السياسة الأمنية السويدية في أيدي الطاغية أردوغان، لكن الحكومة نفت إمكانية حدوث ذلك"، واتهم المسؤول الحزبي الآخر، هاكان سفينيلنغ، الحكومة "بالقيام بتنازلات مخزية".

كما انتقد رئيس حزب اليسار السابق، جوناس سيوستيد، الاتفاق مع أردوغان، وقال في تغريدة نشرها على تويتر يشير فيها إلى مطالب أنقرة بتسليم مجرمين من ستوكهولم: "يجب على السويد ترحيل المشتبه بهم بسرعة وبدقة تبعاً للمعلومات والأدلة والعمليات الاستخباراتية التركية، في تركيا، يُتهم ناشطون أكراد مسالمون بالكامل وسياسيون وصحفيون يساريون بالإرهاب".

وكان الطرفان اتفقا على "إنشاء الأطر القانونية الثنائية اللازمة لتسهيل تسليم المجرمين والتعاون الأمني" بموجب المادة الثامنة من المذكرة، وتعتبر أكثر ما أثار الجدل بين الجمهور السويدي.

هذا وأجبرت الانتقادات المتزايدة أندرسون على محاولة تهدئة مخاوف السويديين، ولا سيما المنحدرين من أصل كردي، قائلة: "أولا، لن نسلم أبداً أي شخص سويدي الجنسية، ثانياً، سنتبع القانون السويدي والدولي، ثالثاً، إذا لم تنخرط في أنشطة إرهابية فلا داعي للقلق".

تضاربت التقارير حول ما إذا كانت السلطات السويدية تلقت قائمة المطلوبين من تركيا، في حين ذكر التلفزيون السويدي SVT أن السلطات السويدية لم تتلق أية قائمة من هذا القبيل من تركيا، أما صحيفة Dagens Nyheter السويدية اليومية ذكرت في 30 يونيو / حزيران أن المخابرات السويدية تلقت قائمة تحتوي على 30 اسماً.

إن القلق الذي أحدثته هذه المذكرة بين السويديين من أصول كردية واضح، ويشعرون الآن وكأن الحزب الديمقراطي الاجتماعي ألقى بهم تحت الحافلة، وباعتبارهم من المؤيدين التقليديين للحزب، فإنهم يعدون الحزب "بدفع الثمن باهظاً" في الانتخابات القادمة المقرر إجراؤها في 11 سبتمبر / أيلول.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - سياسة

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©