السويد تخفض من انبعاثاتها الكربونية لكنها تزيدها في بلاد أخرى عبر الاستيرادحينما أمرت محكمة سويدية أكبر شركة لتصنيع الاسمنت في السويد بالتوقف عن تعدين الحجر الجيري في مصنعها الضخم بجزيرة غوتلاند التي تعصف بها الريح للحد من التلوث، فرح علماء البيئة، حيث يمكن لها الحكم أن يجبر المصنع المنتج لحوالي 75% من الاسمنت في السويد، وثاني أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في البلاد لخفض الإنتاج بينما يعثر على مواد خام في مكان ما آخر أو يغلق تماماً، وهو أمر قد يكون جيد بالنسبة لأهداف التقليل من انبعاثات الكربون في السويد، ولكن ليس بالنسبة لبقية أنحاء العالم.حيث قال تقرير من الحكومة اطلعت عليه وكالة رويترز بإنه قد يجبر على السويد استيراد الاسمنت من البلدان التي تضخ الكثير من الانبعاثات خلال عملية التصنيع، أو المجازفة بفقدان وظائف هائلة في صناعة البناء داخل البلاد.FotoFredrik Sandberg/TTشركة "سيمنتا"وجاء في التقرير الذي تم الحصول عليه عبر طلب حرية المعلومات أن "الواردات من دول خارج الاحتمال الأوروبي قد تؤدي إلى تأثيرات بيئية أكبر نتيجة لانخفاض المعايير المتعلقة بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وانخفاض المعايير المستخدمة في الأراضي".وتلخص هذه المعضلة السويدية واحدة من التحديات التي تواجه الدول المجتمعة في غلاسكو برعاية الأمم المتحدة U.N. COP26 حول المناخ، والتي تُظهر بالنتيجة إلى انها لا تخفض من انبعاثات الكربون وإنما فقط تصدير المشكلة إلى مكان آخر من العالم، الأمر الذي يعرف باسم "تسرب الكربون".ونظراً لكونها دولة ديمقراطية وغنية ومستقرة بالشمال الأوروبي، تصدرت السويد منذ فترة طويلة التصنيفات البيئية الدولية وتمكنت من خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مدى سنوات مع المحافظة على نمو اقتصادي باتجاه تحقيق هدفها المتمثل بانبعاثات صفرية بحلول عام 2045.وهي تمتلك أعلى ضريبة على الكربون بالعالم، بقيمة 137 دولار عن كل طن، وتعد رادة باستخدام الطاقات المتجددة، ففي عام 2018 بلغت انبعاثات الكربون للفرد الواحد 3.5 طن، وهو أقل بكثير من متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 6.4 طن وفقاً لبيانات البنك الدولي.ولكن المواجهة حول منصع سلايت للاسمنت تجسد التوتر المتزايد بين الأهداف البيئية المحلية واتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 التي وقعت عليها ما يقرب من 200 دولة للحد من مشكلة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.وقال وزير البيئة والمناخ السويدي بيير بولوند "يجب علينا تقييم التركيز العالمي، وبذل أقصى ما بوسعنا من أجل المناخ، ولكن أيضاً الحفاظ على طموحاتنا فيما يتعلق بمشاكلنا البيئية المحلية... ويمكن موازنة هذين الأمرين".FotoRobin Ek/ TTوزير البيئة، بير بولندبدائل الوقود دولياًيأتي معظم الاسمنت المستورد إلى أوروبا من تركيا وروسيا وبيلاروسيا ودول شمال إفريقيا، وهذه الدول لا تمتلك أي شيء كنظام تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي ETS، وهو أكبر سوق للكربون بالعالم ويحدد سعر التصاريح للقطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، بما في ذلك الاسمنت.ويقول البنك الدولي أن 22% فقط من الانبعاثات العالمية تمت تغطيتها بآليات التسعير خلال العام الماضي، وقدر صندوق النقد الدولي متوسط السعر العالمي للكربون بثلاثة دولارات للطن الواحد وهو جزء صغير من ضريبة الكربون في السويد.وفي حين أن قرار المحكمة السويدية لم يكن متعلقاً ببصمة سلايت الكربونية، وإنما بالخاطر التي يشكلها على المياه الجوفية المحلية، فإن التأثير من وجهة نظر الانبعاثات يعتمد على الكفاءة ومزيج الطاقة للمنتجين الذين من المحتمل أن يزودوا السويد بالاسمنت لسدّ أي نقص.الحكومة تمنح شركة Cementa تصريحاً جديداً لتجنب أزمة الأسمنتوتخطط شركة هايدلبرغ سيمنت، مالكة مصنع سلايت، لجعله أول مصنع اسمنت محايد للكربون بحلول عام 2030، ولكن حالة عدم اليقين الموجودة الآن حول مستقبله بعد حكم المحكمة قد يؤخر المشروع أو حتى يوقفه.وقال ماغنوس أولسون، الرئيس التنفيذي لشركة سيمينتا التابعة لهايدلبرغ سيمنت "نحتاج لقرار قريباً يتعلق للعمل على المدى الطويل بحال لم يجري تأجيل هذا الامر".اقرأ أيضاً الحكومة تستثني شركة "سيمنتا" من القانون وسط انتقادات حادةوقال كوين كوبينتهول، رئيس مجموعة الاسمنت الأوروبي Cembureau، بإنه واثق من أن المصانع الأوروبي باتت "أنظف" بشكل عام لأن رسوم الكربون المرتفعة والتي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المنتجين شجعت على التوجه لتقليل الانبعاثات، وقال: "في أوروبا نقوم حالياً باستبدال 50% من احتياجاتنا الأولية من الوقود بأنواع بديلة"ووفقاً لبيانات Cembureau فقد قفزت واردات الاسمنت من خارج الاتحاد الأوروبي بنحو 160% خلال السنوات الخمس الماضية رغم أن الكميات الإجمالية لا تزال صغيرة نسبياً، ولكن تسرب الكربون حيث يتم تحويل الانبعاثات من البلدان ذات القواعد البيئية الصارمة إلى تلك التي تحتوي على أنظمة متساهلة وأرخص تمثل مشكلة لعشرات الصناعات والسياسات التي تحاول الحد من الانبعاثات الكربونية.