التدخل في المنزل وليس سحب الأطفال قسراً هو الحل الأفضل لحمايتهم image

عروة درويش


1 دقائق قراءة

أخر تحديث

التدخل في المنزل وليس سحب الأطفال قسراً هو الحل الأفضل لحمايتهم

أخبار-السويد

Aa

السوسيال سحب الأطفال

التدخل في المنزل وليس سحب الأطفال قسراً هو الحل الأفضل لحمايتهم

هل تحقق قرارات سحب الأطفال ورعايتهم الإلزامية وفق "LVU" لهم حياة أفضل، أم أن بعضها يعرّضهم لمزيد من المخاطر؟ بينما تهدف هذه القرارات لحماية الأطفال من بيئات غير ملائمة، تكشف دراسة للباحثة السويدية رونيا هيلينسدوتير Ronja Helénsdotter عن نتائج غير متوقعة، إذ توضح أنَّ العديد من الأطفال المشمولين بنظام "LVU" يواجهون مخاطر إضافية كالعنف والإدمان ومحاولات الانتحار، بل وأحياناً تتزايد الوفيات أثناء فترة الرعاية نفسها. في هذا المقال، تواصلتُ بشكل حصري مع الباحثة رونيا لاستعراض نتائج دراستها وتساؤلاتها حول ما إذا كانت التدخلات المنزلية قد تكون أحيانًا الخيار الأفضل للأطفال مقارنةً بسحبهم من أسرهم، وخاصة فيما يتعلّق بالأطفال من ذوي أصول مهاجرة.

الأطفال من خلفيات مهاجرة 

في ظل الانتقادات المتزايدة لقرارات "LVU" وتأثيرها على الأطفال ذوي الخلفيات المهاجرة، قامت الباحثة رونيا هيلينسدوتير بإجراء دراسة متعمقة حول كيفية تأثر الأطفال من خلفيات مختلفة بهذه القرارات. توضح رونيا أنها لم تجد أدلة تشير إلى أن الأطفال من أصول مهاجرة يتأثرون بشكل أكبر أو أسوأ مقارنة بالأطفال الآخرين. وتؤكد قائلة: "أظهرت التحليلات أن التأثيرات التي يعاني منها الأطفال غير المهاجرين قد تكون أكبر، لكن هذا الفرق لا يحمل دلالة إحصائية تُثبت تفوق التأثير على شريحة دون أخرى".

كما قامت رونيا بتسليط الضوء على الأطفال المولودين في الشرق الأوسط وإفريقيا أو الذين ينحدرون من عائلات من هذه المناطق، لكنها لم تجد أي دليل على أنهم يتأثرون بشكل أكثر سلبية من غيرهم. ومع ذلك، تشير أيضاً إلى أنه لم يظهر أي تأثير إيجابي ملموس على هذه الفئة من الأطفال الذين شملتهم قرارات "LVU" مقارنة بالأطفال الآخرين.

Ronja Helénsdotter
Foto: Jonas Bolin

وفي بحث إضافي، درست رونيا قضايا تم فيها الإشارة إلى "الثقافة الشرفية" والزواج القسري في وثائق المحاكم، لتصل إلى نتيجة مفادها أنه لم يكن هناك تأثير أكثر سلبية على الأطفال المنحدرين من خلفيات مرتبطة بهذه الثقافات. وأضافت: "لقد قضيت أسابيع في تقييم إمكانية وجود أي تمييز من قِبل القضاة ضد الأطفال من خلفيات معينة، سواء كان ذلك من جميع القضاة أو من مجموعات معينة، مثل القضاة الذكور أو الأكبر سناً. إلا أنني لم أجد أي دليل على مثل هذا التمييز".

تتعارض هذه النتائج طبعاً مع الادعاءات التضليلية التي تنشرها وسائل الإعلام، والتي زعمت أن الأطفال من خلفيات مسلمة يتعرضون لسحب حضانتهم بشكل متزايد في السويد. ولكن أيضاً تتعارض أحياناً مع تقارير لوسائل إعلام سويدية ليس تضليلية.

الفقراء والرعاية الإلزامية

تلعب العوامل الاجتماعية والاقتصادية دوراً بارزاً في تفسير ارتفاع معدلات الرعاية الإلزامية للأطفال تحت مظلة قرارات "LVU". وعلى الرغم من أن هذه العوامل غالباً ما ترتبط بتزايد حالات السحب من الرعاية الأسرية، إلا أن الباحثة رونيا توضح أنه لم يتم التركيز في دراستها على التأثير المباشر للعوامل الاجتماعية والاقتصادية على نتائج الأطفال أنفسهم.

خلصت رونيا إلى أنّ التدخل في المنزل أفضل من رعاية الأطفال بشكل قسري خارجاً

ومع ذلك، تؤكد رونيا أن البيانات أظهرت أن الغالبية العظمى من العائلات التي شملتها الدراسة تندرج ضمن فئات ذات وضع اجتماعي واقتصادي متدنٍ، حيث تشير الأرقام إلى أن 63% من العائلات كان لديها أحد الوالدين على الأقل بدون دخل عمل في السنة السابقة لقرار المحكمة. ورغم هذا الوضع الاقتصادي الصعب، لم تجد رونيا أي دليل يشير إلى أن القضاة يأخذون في الاعتبار مستوى دخل الوالدين أو تعليمهم عند اتخاذ قرارات الرعاية الإلزامية.

وفي إطار الخصائص الشخصية للآباء، تبيّن أن الخلفية الجنائية للوالدين كانت العامل الأكثر تأثيراً في قرارات المحكمة، حيث ازدادت احتمالية سحب الأطفال من المنزل في حال ارتكب أحد الوالدين جريمة في السنة التي سبقت صدور القرار. وتشير رونيا إلى أن هذه النتائج قد تساهم في إعادة توجيه النقاش حول كيفية تقديم الدعم لأسر الأطفال الضعفاء، بما في ذلك تقديم دعم إضافي للعائلات ذات الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المتدنية لتجنب تداعيات الرعاية الإلزامية.

في المنزل وليس السحب

تشير نتائج دراسة رونيا هيلينسدوتير إلى أن تقديم التدخلات المنزلية قد يكون أحياناً أكثر فاعلية للأطفال المعرضين للخطر من سحبهم من أسرهم ووضعهم تحت الرعاية الخارجية. تستنتج رونيا أن عدداً أكبر من الأطفال كان ليبقى على قيد الحياة لو تمّ تخفيض حالات السحب من المنازل خلال العقدين الماضيين. تصف هذه النتيجة بأنها مؤلمة، لكنها تؤكد في الوقت نفسه على أهمية عدم التوقف عن التدخل عندما يكون الأطفال ضحايا للإساءة أو الإهمال أو لديهم مشكلات سلوكية حادة.

تطرح رونيا أمثلة للتدخلات التي يمكن أن تكون فعالة داخل المنزل، مثل العلاج النفسي والاجتماعي، وبرامج تعليم الوالدين، وعلاج العنف بين الأزواج. وتلفت إلى أن هذه التدخلات قد تكون مفيدة بشكل خاص للأسر المهاجرة، التي قد تواجه تحديات فريدة.

مظاهرة في مالمو 2022 ضد قانون الرعاية الإلزامية

ولكن، تواجه رونيا تحدياً يتعلّق بنقص البيانات حول الخدمات المقدمة للأطفال داخل منازلهم، مما يجعل من الصعب تقييم فعالية هذه التدخلات. وتشير إلى أنها بحاجة إلى المزيد من البيانات من الخدمات الاجتماعية السويدية (السوسيال) من أجل إجراء تقييم شامل لهذه التدخلات. وتأمل في المستقبل أن تتمكن من تقييم فعالية تلك الخدمات المنزلية بشكل أعمق، بالإضافة إلى قياس مدى قدرة الخدمات الاجتماعية على تلبية احتياجات الأطفال بشكل أفضل من خلال اختيار أسر بديلة تتناسب مع أوضاعهم.

تتوافق نتائج دراسة رونيا مع أبحاث أخرى تشير إلى فعالية التدخلات المنزلية في تحسين سلامة ورفاهية الأطفال. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في "Journal of Family Strengths" أن الخدمات المقدمة داخل المنزل، مثل العلاج النفسي وبرامج تعليم الوالدين، يمكن أن تعزز قدرات الأسرة على حماية الأطفال وتلبية احتياجاتهم دون الحاجة إلى سحبهم من بيئتهم الأسرية.

بالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير صادر عن "Child Welfare Information Gateway" إلى أن التدخلات المنزلية تساهم في الحفاظ على استقرار الأسرة وتقليل الحاجة إلى الرعاية الخارجية، مما يؤدي إلى نتائج إيجابية للأطفال على المدى الطويل.

تأثيرات طويلة المدى

إلى جانب المخاطر المباشرة مثل الوفيات والمشكلات النفسية، تتناول الباحثة رونيا هيلينسدوتير الآثار طويلة المدى لقرارات سحب الأطفال من أسرهم وفق نظام "LVU". تركز رونيا في أبحاثها على تأثيرات هذه القرارات على السلوك الإجرامي ومستوى التعليم، وتوصلت إلى نتائج تشير إلى أن انخفاض عدد الأطفال الذين تم سحبهم من منازلهم كان ليؤدي إلى تقليل حالات الجرائم، خاصة الجرائم العنيفة والجرائم ضد الأشخاص.

أما فيما يتعلق بالتعليم، فقد أشارت تقديرات الدراسة إلى أن الأطفال الذين بقوا مع أسرهم كان من المحتمل أن يكونوا مؤهلين للالتحاق بالمدارس الثانوية (الجمنازيوم) وأن يتخرج عدد أكبر منهم. ولكن بسبب صغر حجم العينة، لا تستطيع رونيا التأكيد بشكل قطعي على هذه النتائج التعليمية.

من الواجب أخذ الأبحاث الهامة، مثل بحث رونيا، في الاعتبار

رغم ذلك، تعتزم الباحثة إجراء دراسات مستقبلية تشمل عينة أكبر لتحليل تأثير قرارات السحب على التحصيل الدراسي والفرص الوظيفية لهؤلاء الأطفال على المدى الطويل، مما قد يساهم في رسم صورة أكثر وضوحاً حول التأثيرات الشاملة لنظام "LVU" على مستقبل الأطفال.

توصيات ومقترحات

بناءً على نتائج دراستها، تقترح الباحثة رونيا هيلينسدوتير عدة توصيات لتحسين مستقبل الأطفال المشمولين بنظام "LVU"، خاصة أولئك المنحدرين من خلفيات مهاجرة أو ذات وضع اجتماعي واقتصادي متدنٍ. تأتي على رأس هذه التوصيات ضرورة تحسين جودة الرعاية المقدمة في دور الرعاية والمنازل الجماعية والمؤسسات، إذ ترى رونيا أن هذه المهمة معقدة وتستدعي المزيد من الأبحاث لضمان توفير طفولة كريمة لجميع الأطفال.

تشير رونيا إلى أهمية دراسة بعض الجوانب الخاصة بالأطفال من خلفيات مهاجرة، مثل تأثير وجودهم في أسر حاضنة تشترك معهم في الخلفية الثقافية أو العرقية، حيث تعتقد أن هذه المسألة قد تكون لها انعكاسات عميقة على نتائج الرعاية.

بالإضافة إلى ذلك، تبرز الحاجة إلى الحد من التعرض لأخطار الأقران، إذ وجدت رونيا أدلة على أن العنف بين الأقران وانتشار التأثيرات السلبية بين الأطفال قد ساهما بشكل مباشر في وفيات بعض الأطفال.

وأخيراً، توصي رونيا بضرورة أن يكون صانعو القرار على دراية بأهمية تقييم ما إذا كان السحب من الأسرة هو الخيار الأفضل للطفل أم أن التدخلات المنزلية قد تكون أكثر ملاءمة. توضح رونيا أن المحاكم تركز حاليًا على قصور البيئة المنزلية أو على السلوك الاجتماعي المدمر للطفل، ولكنها نادراً ما تأخذ في الاعتبار ما إذا كان السحب سيسهم بالفعل في تحسين حياة الطفل.

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

المزيد

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات