أخبار-السويد

التفاوض سلاح النقابات لمواجهة "ماسك" في السويد

التفاوض سلاح النقابات لمواجهة "ماسك" في السويد 
 image

دعاء حسيّان

أخر تحديث

Aa

إيلون ماسك

التفاوض سلاح النقابات لمواجهة "ماسك" في السويد

يشهد العالم حالياً صراعاً صناعياً بارزاً في السويد بين شركة تسلا ونقابة العمال IF Metall، التي بدأت إضراباً في الـ 17 من أكتوبر/ تشرين الأول، يعتبر الأول من نوعه في البلاد منذ حوالي 40 عاماً.

تسعى IF Metall  من خلال هذا الإضراب إلى إجبار تسلا على التوقيع على اتفاق جماعي يحمي حقوق العمال في الشركة. وبالرغم من تحقيق تسلا مبيعات جيدة في السويد، وامتلاكها جماهيرية قوية بين المهتمين بالبيئة، إلا أنها رفضت بشكل متكرر دخول مفاوضات للتوصل إلى اتفاق جماعي، معتبرة أن موظفيها يتلقون مكافآت عادلة، وظروف عملهم ملائمة، وأن 90% منهم اختاروا البقاء في وظائفهم. 

نقابة العمال IF Metall
Foto Christine Olsson/TT

في هذا الصدد، عبّر عمال تسلا في السويد عن عدم رضاهم عن إدارة الشركة وأساليبها، وقدموا انتقاداتهم بخصوص السياسات والممارسات الداخلية فيها، حيث يتم تقييم أداء الموظفين فيها بواسطة نظام تصنيف يتراوح من واحد إلى خمسة. فعلى سبيل المثال، إذا استغرق الميكانيكيون وقتاً أطول من الزمن المتوقع لإنجاز المهام، يتم نقلهم تلقائياً إلى مستوى أدنى. وإذا تراجع التقييم إلى أدنى مستوى، يمكن أن يتم فصلهم من العمل.

تجدر الإِشارة إلى أن إضراب نقابة العمال شهد حركات تضامنية من قبل الاتحادات والنقابات الأخرى في البلاد، مثل اتحاد النقل الذي قام بحظر تحميل وتفريغ سيارات تسلا في كافة الموانئ السويدية، في حين أعلنت نقابة موظفي الخدمة المدنية، ST، عن فرض حظر تسليم البريد إلى تسلا.، وهو ما أثر على بعض الأعمال الصغيرة في السويد، ولكن الصراع له أهمية كبيرة بالنسبة للسويديين الذين يرونه اختباراً لقدرة البلاد على الدفاع عن نموذجها للتفاوض الجماعي ضد الشركات الأجنبية.

يذكر أن الإضراب يحظى بتأييد معظم السويديين الذين يحتشدون في الشوارع تعبيراً عن تضامنهم، باستثناء ملاك سيارات تسلا، لاسيما سائقي سيارات الأجرة، الذين يواجهون صعوبة أكبر في إصلاح مركباتهم في ظل الوضع الراهن. 

وكانت قد أشارت نقابة العمال، التي تضم على الأقل 300.000 عضو، والتي تمثل عمال الصناعة والتصنيع في البلاد، أنها قادرة على دعم الفنيين الذين يشاركون في الإضراب وتعويض الأشخاص الذين يشاركون في "أعمال التضامن"، مؤكدة استمرارها في موقفها لمدة 538 سنة.

من جهتهم، قام مدراء تسلا بمحاولة أخيرة لاستمالة العمال، حيث قاموا بعرض فيديو ترويجي عن الشركة على الموظفين، مدته ساعة واحدة، يقدم مزاياها ويشرح كيف أن النقابات لا تستطيع دعم العمال بنفس الطريقة التي تستطيع تسلا دعمهم بها، إلا أن العمال لم يقتنعوا بذلك، وأشاروا إلى أن "إيلون ماسك لا يفهم السويد!" 

وفي ظل صراعها مع النقابات، اتخذت الشركة خطوات أثرت سلباً على موقفها في السويد، كان أحدها توظيف عمال  ليحلوا محل العمال المضربين، وهو شيء نادر في السويد. ما دفع النقابات الأخرى للتحرك، حيث رفض الكهربائيون العمل في مهام تتضمن مركبات تسلا، وتوقف عمال البريد عن تسليم لوحات تسلا للميكانيكيين، في حين توقف عمال الموانئ عن تفريغ المركبات التي تصل من تسلا عبر الميناء، كما توقف عمال النقل عن جمع النفايات من ورش تسلا، ما دفع ماسك لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي والإعلان عن أفعالهم بأنها "مجنونة". 

Foto Johan Nilsson/TT
إضراب عمال موانئ في مالمو تضامناً مع عمال تيسلا

كما أعلنت تسلا أنها ستقوم بجمع لوحات تسجيل مركباتها بنفسها، لكن وزارة النقل رفضت السماح لها بذلك ولم تستجب إلا بعد أن رفع تسلا دعوى قضائية، تصاعدت الأمور بسرعة على إثرها، حيث قرر عمال في الدنمارك وفنلندا والنرويج منع التعامل مع منتجات الشركة المتجهة إلى السويد.

الجدير بالذكر أن تاريخ النزاعات الصناعية في السويد لم يكن دائماً بهذه السكينة، ففي بداية القرن العشرين، تم تنظيم عدد من الإضرابات على إثر تراجع الحكومة بتنظيم الأجور. وفي عام 1938، تم التوصل إلى اتفاق هام بين النقابات وأصحاب العمل، وتم تقديم إطار مستقر للتفاوض بينهم في هذا الصدد.

FotoJessica Gow/TT
صورة شركة تيسلا في ستوكهولم

يذكر أن نموذج العلاقات الصناعية السويدي يعتبر جيداً لمعظم العمال، حيث تمتلك النقابات سلطة كبيرة في التفاوض، إضافة إلى القوانين السويدية التي تمنحها صلاحيات لضبط الشركات. كما يمكن لعدة نقابات من مختلف الصناعات أن تتحالف معاً لمواجهة شركة واحدة، عن طريق مقاطعتها ورفض تسليم البضائع لها أو إصلاح معداتها.  

وينوّه أن الشركات الأجنبية، مثل McDonald's ، و Microsoft، قبلت عموماً بهذا النظام. حيث دخلت في اتفاقات جماعية مدعومة من النقابات في السويد. ولكن الخطر يظل متربصاً بالشركات التي لا تلتزم بالقوانين.

وعليه، يبقى مستقبل هذا الصراع غامضاً، حيث يمكن أن ينتهي بثلاثة سيناريوهات محتملة، تتمثل إما بتراجع تسلا وتوقيعها اتفاقاً جماعياً مع IF Metall، أو أنها قد تنشئ شركة فرعية لإدارة شؤونها في السويد والتعامل مع النقابة، أو أن تنسحب تماماً من السويد.

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©