لا يزال التمييز يشكل قضية مهمة في السويد، حيث تكشف أحدث الإحصائيات التي حصلتُ عليها من مكتب أمين مظالم التمييز Diskrimineringsombudsman، عن ارتفاع في جميع مستويات التمييز والبلاغات عنها. في هذا المقال، سأقدّم لكم صورة شاملة عن المعلومات التي لدي.وجب التنويه إلى أنّ الإحصاءات التي يعتمد عليها مكتب أمين المظالم تغطي الفترة ما بين عامي 2015 ونهاية 2023، وقد تمّ نشرها على شكل تقرير مطوّل في بداية هذا العام 2024. يعني هذا أنّنا قادرون على استخدامها في تسليط الضوء على الاتجاهات والأسباب المشتركة للتمييز والحالات الأكثر تضررًا، سواء أكانت ضدّ الأجانب، أو ضدّ فئات ضعيفة أخرى مثل ذوي الإعاقة.ارتفاع شكاوى التمييزيشير مكتب أمين المظالم إلى أنّ عدد شكاوى التمييز التي تلقاها أمين المظالم المعني بالمساواة كان في ارتفاع مستمر. في عام 2023، تلقى أمين المظالم المعني بالمساواة 3930 شكوى، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 9% عن عام 2022 وزيادة بنسبة 106% منذ عام 2015. لكن وكما تمّ لفت انتباهنا، فقد لا يشير العدد المتزايد من الشكاوى إلى زيادة في حالات التمييز، بل قد يكون مؤشراً على زيادة الوعي والاستعداد بين الأفراد للإبلاغ عن حالات التمييز التي يتعرضون لها.التركيز على الإعاقة والعرقلا يزال التمييز المرتبط بالإعاقة والعرق هو الأكثر شيوعًا. في عام 2023، كانت 46% من الشكاوى مرتبطة بالإعاقة، بينما كانت 33% مرتبطة بالعرق. يشكّل هذا نمطاُ ثابتاً في الزيادة، فلطالما كانت هاتان الفئتان باستمرار أكثر الأسباب شيوعًا للتمييز طوال الفترة من 2015 إلى 2023.أمين المظالم لارس أرينيوسالتمييز في مكان العمل يقود الطريقلكن بالرغم من أنّ الإعاقة والعرق هما السببان الأكثر شيوعاً، فهما ليسا الأكثر تبليغاً. لا يزال مكان العمل هو القطاع الذي يضم أعلى عدد من حالات التمييز المبلّغ عنها، حيث شكّل 29% من جميع الشكاوى في عام 2023. يليه في العام نفسه التمييز في التعليم بنسبة 22%، ويمثل الوصول إلى السلع والخدمات 17%. يسلط هذا الاتجاه الضوء على التحديات المستمرة التي يواجهها الأفراد في البيئات المهنية والتعليمية.أكد لارس أرينيوس Lars Arrhenius، أمين المظالم المعني بالمساواة، على أهمية هذه الإحصائيات في فهم ومعالجة التمييز في المجتمع السويدي. صرح قائلاً: "يشير العدد المتزايد من الشكاوى إلى أنّ عملنا بالغ الأهمية وأن هناك حاجة مستمرة لاتخاذ تدابير لمنع ومكافحة التمييز في السويد".لكن يؤكد أرينيوس بأنّه في حين أنّ هذه الإحصائيات حيوية، إلا أنها لا تلتقط المدى الكامل للتمييز في المجتمع. لا يتم الإبلاغ عن العديد من الحالات، ولا تلبي جميع الحالات المبلغ عنها المعايير القانونية للتمييز بموجب القانون السويدي.الإحصائيات الرئيسيةبلغ العدد الإجمالي للشكاوى الواردة 4607 في عام 2023، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتمييز والانتقام والمعاملة غير المتساوية بموجب قوانين أخرى.ارتفع عدد الشكاوى المتعلقة بالتحرش الجنسي بشكل كبير، حيث زاد بنسبة 208٪ بين عامي 2015 و 2023.شهدت الشكاوى المتعلقة بعدم كفاية إمكانية الوصول إلى الخدمات، وخاصة في قطاع التعليم، زيادة ملحوظة، حيث ارتفعت بنسبة 135٪ خلال الفترة ذاتها.جميع الإحصاءات الأخرى موجودة بشكل متفرّق في تقرير مكتب أمين المظالم الرسمي.في الختام…إنّ الاتجاه المتزايد في شكاوى التمييز في السويد يؤكد على الحاجة إلى اليقظة المستمرة والتدابير الاستباقية لمكافحة التمييز بجميع أشكاله. توفر البيانات الموجودة لدى مكتب أمين المظالم المعني بالمساواة رؤى قيمة في المجالات التي ينتشر فيها التمييز بشكل أكبر وتسلط الضوء على التحديات المستمرة في خلق مجتمع أكثر شمولاً.من المهم، بل من الواجب، على الشخص الذي يتعرّض للتمييز ألّا يبقى ساكناً، وأن يحاول عبر الطرق والوسائل القانونية المتاحة أن يحصّل حقه. هذا من جهة سينفعه على الصعيد الفردي، ولكن أيضاً ومن جهة أخرى سيعزز ثقافة القانون ويقلل من قدرة العنصريين والمميزين بجميع أشكالهم على الحركة.