يُعرّف شلل النوم بأنه حالة تحدث أثناء النوم، يستيقظ فيها جزء من الدماغ، ويبقى الجسد خلالها مشلولاً تماماً لفترة مؤقتة. كما يترتب عليه بعض المضاعفات، إذ تصيب الهلوسات بعض الأشخاص، ويشعرون أن أجسادهم تطفو في الهواء، في حين قد يُخيّل للبعض الآخر رؤية شياطين تحوم حولهم. هذا ويرى العلماء أن هذه الهلوسات عملت على ترسيخ معتقدات السحر والإيمان بين الأفراد في أوائل العصور الحديثة في أوروبا، و أوضحوا أن شلل النوم موجود منذ وجود الإنسان، حيث تم الحديث عنه ونقله بطرق مختلفة في الإنتاجات الأدبية عبر التاريخ. بدوره، يقول الباحث في النوم في جامعة هارفارد، بالاند جلال، وهو واحد من علماء النوم القلائل الذين يستثمرون وقتاً وطاقة في البحث عن تفسيرات لشلل النوم، أنه تم تجاهل شلل النوم كظاهرة لسنوات عديدة، وبدأ الاهتمام بمعرفة ما تنطوي عليه في السنوات العشر الماضية فقط. وفيما يتعلق بعدد الأشخاص الذي يُصابون بشلل النوم، لم يكن الأمر واضحاً كفاية، إذ تم إجراء دراسات متفرقة قليلة في هذا الصدد. كما يأمل أن يتمكن من رسم صورة أكثر وضوحاً لأسبابه وآثاره، ومعرفة ما ينطوي عليه. يُذكر أن عالم النفس السريري والمؤلف المشارك في كتاب "شلل النوم: وجهات نظر تاريخية ونفسية وطبية"، بريان شاربلس، أجرى في عام 2011 مراجعة أكثر شمولاً لانتشار الظاهرة بين الأفراد، حيث اعتمد في بحثه على بيانات تم جمعها من 35 دراسة أُجريت على مدى خمسة عقود سابقة، ضمت أكثر من 36 ألف متطوع. وقد خلصت المراجعة إلى أن شلل النوم كان أكثر شيوعاً سابقاً، إذ ادّعى حوالي 8% من البالغين أنه عانوا منه في وقت ما في حياتهم. وقد سجل الرقم ارتفاعاً بين طلاب الجامعات، إذ وصلت نسبة الذين اختبروا شلل النوم منهم إلى 28%، وبين المرضى النفسيين الذين وصلت نسبتهم إلى 32%. وبينما يُفسر البعض الحالة على أنها أمر خارق للطبيعة، يوضح جلال أن الأمر لا صلة له بذلك بتاتاً، ففي الليل، يمر الجسد بأربع مراحل من النوم، تسمى المرحلة الأخيرة فيها، "نوم حركة العين السريعة، REM، التي تحدث الأحلام فيها، حيث يُعطي الدماغ أمراً بشلّ العضلات لفترة قصيرة، لمنع الجسم من إيذاء نفسه أثناء الحلم. ومع ذلك، لا يزال العلماء غير متأكدين من السبب الذي يخرج الجزء الحسي من الدماغ فيه من "حركة العين السريعة" قبل الأوان، مؤدياً للاستيقاظ. هذا وأرجع بعض الأطباء سبب حدوث شلل النوم إلى قلة النوم والطبيعة المتقطعة له. وفي هذا الصدد، يقول أستاذ طب النوم في جامعة أكسفورد البريطانية، كولين إسبي، إن غالبية الناس يتعايشون مع الأمر ولا يذهبون لاستشارة الأطباء على الإطلاق. لكن بالنسبة لأقلية سيئة الحظ، تنعكس هذه النوبات سلباً على حياتهم. إذ توصلت مراجعة شاربلس إلى أن ما بين 15% و44% ممن يعانون من شلل النوم، يمرون بحالة ضيق في التنفس تسبب حالات من الذعر والقلق المستمرين، إضافة إلى اختبار البعض حالات من الخدر يكون فيها الدماغ غير قادر على تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ. ورغم حالات الهلوسة الشديدة المرافقة لشلل النوم، يعتقد العلماء أنها ظاهرة مهمة في اكتشاف طريقة عمل الدماغ البشري، حيث يقوم الدماغ بإرسال رسائل حركية للجسد، إلا أن العضلات المشلولة تحول دون تحركه، ما يدفع الدماغ لخلق تفسيره الخاص لملء هذا الفراغ. الأمر الذي يعزز الفكرة الشائعة بين علماء التطور، والتي تعتبر الدماغ البشري "آلة سرد للقصص"، تتأثر بشكل كبير بثقافة البيئة المحيطة بكل فرد.علاج شلل النوم "الجاثوم"يتم علاج شلل النوم عن طريق تشجيع الأفراد على التأمل، وتقليل قلقهم، وتدريبهم على التزام الهدوء عند إصابتهم بشلل النوم، في حين يتم أخذ العلاج بالأدوية بعين الاعتبار، في الحالات الأكثر خطورةً، عن طريق وصف مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRIs، التي تستخدم عادةً لعلاج الاكتئاب، والتي يترتب عليها آثار جانبية تتمثل في تثبيط مرحلة "حركة العين السريعة" أثناء النوم. نتائج تجارب شلل النوم "الجاثوم"في دراسة أجراها جلال، قارن فيها أعراض شلل النوم التي يختبرها مجموعة من الأشخاص المتشابهين في التوزيع العمري والجنساني، من الدنمارك ومصر، خلصت إلى وجود فجوة ثقافية كبيرة بين الفئتين تتعلق بكيفية ظهور شلل النوم، إذ كان المصريون أكثر تأييداً للظواهر الخارقة، وأكثر عرضةً من الدنماركيين للإصابة بشلل النوم، حيث بلغت نسبتهم 44% مقارنة بنسبة الدنماركيين التي بلغت 25%. هذا وأوضح جلال أن الخوف يُعتبر من الخوارق التي تزيد من احتمال إصابة الناس بشلل النوم. فعندما يكون الشخص متوتراً وقلقاً، ستصبح بنية نومه مجزأةً أكثر، وسترتفع احتمالية اختباره لشلل النوم. مضيفاً أنه يُمكن للثقافة أن تساعد بشكل كبير على خلق هذا التأثير.