مقالات الرأي

الحرب - المجاعة - الأمن الغذائي

Aa

الحرب - المجاعة - الأمن الغذائي

الحرب - المجاعة - الأمن الغذائي

الحرب - المجاعة - الأمن الغذائي 

خاص “أكتر” بقلم المهندس علّام الكاطع… أثار غلاف مجلة الإيكونوميست الخوف والجدل ولفت الأنظار إلى مجاعة عالمية متوقعة. نشرت مجلة The Economist البريطانية، في عددها بتاريخ 21 مايو/ أيار، تقريراً تحت عنوان The coming food catastrophe أو كارثة الغذاء القادمة، صوّر الغلاف ما ستؤول إليه الأحوال في المستقبل وتتنبأ بمستقبل مُوحش.

الحرب الأوكرانية ستقضي على حياة الكثير من الناس، حتى البعيدين عن المعركة.

تؤثر الحرب والعقوبات الغربية ضد موسكو على النظام الغذائي العالمي، الذي تأثر قبل ذلك بوباء كورونا، كما لتغير المناخ وارتفاع أسعار الطاقة دور كبير في ذلك.

منذ بداية هذا العام، ارتفعت أسعار القمح بنسبة 53% وفي شهر مايو قفزت الأسعار بنسبة 6% بعد أن أوقفت الهند - ثاني أكبر منتج للقمح بعد الصين - صادرات القمح بأثر فوري بسبب موجة الحر التي ضربت البلاد، والتي قللت من إنتاجية المحاصيل.

في شهر فبراير فرضت روسيا قيوداً على تصدير القمح والشعير والذرة خارج الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU) حتى 30 يونيو. كما أغلقت أوكرانيا مينائها الوحيد المتبقي في أوديسا.

بعدها حظرت كازاخستان - مورد رئيسي آخر للحبوب - الصادرات إلى حد كبير لحماية إمداداتها الغذائية المحلية. كما يهدد نقص الأمطار باستنزاف المحاصيل في سلاسل التوريد الأخرى، من حزام القمح الأمريكي إلى سهول بوس في فرنسا. كل هذا سيكون له تأثير خطير على الفقراء حول العالم.

في السياق نفسه أكدت ألمانيا بأن موسكو تستخدم الجوع كسلاح لمحاربة أوكرانيا والعالم.

صرحت وزيرة الخارجية الألمانية - أنالينا بربوك - "لقد بدأت روسيا حرب الحبوب التي ستسبب أزمة غذاء عالمية" حتى الآن حوالي 25 مليون طن من الحبوب محتجزة في الموانئ الأوكرانية.

حذر الأمين العام للأمم المتحدة - أنطونيو غوتيريش - في 18 مايو من أن الأشهر المقبلة تهدد "شبح نقص الغذاء العالمي" وهذا الوضع قد يستمر لسنوات. أدت التكلفة المرتفعة للأغذية الأساسية إلى زيادة عدد الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على ما يكفي من الطعام، من 440 مليون إنسان إلى 1.6 مليارإنسان. وما يقرب من 250 مليون إنسان مهددون بالمجاعة، إذا استمرت الحرب.

Erik Simander/TT

في موسم 2021-2022 الذي بدأ في يوليو/تموز من العام الماضي، استحوذ الموردون الروس على 16% من صادرات القمح العالمية، واستحوذ المنتجون الأوكرانيون على 10% ومع ذلك أجبرت الحرب كلا الطرفين على حظر صادرات الحبوب.

عالمياً تُصدر روسيا وأوكرانيا 28% من القمح. 29% من الشعير. و 15% من الذرة. 75% من زيت عباد الشمس.

أوكرانيا شحنت بالفعل الكثير من محصول الصيف الماضي قبل الحرب. ولا تزال روسيا قادرة على بيع الحبوب، على الرغم من العقوبات والتكاليف الإضافية والمخاطر. الصوامع الأوكرانية التي لم يتلفها القتال مليئة بالذرة والشعير وليس لدى المزارعين مكان لتخزين محصولهم الحالي، الذي من المقرر أن يبدأ حصاده في أواخر شهر يونيو وبالتالي قد يتعفن. إضافة إلى نقص حاد في الوقود واليد العاملة. من جانبها روسيا تفتقر إلى بعض الإمدادات من البذور والمبيدات الحشرية التي تشتريها عادة من الاتحاد الأوروبي. مما يعني أن الأزمة الغذائية تزداد سوءًا مع تقدم الوقت. 

سترسل المملكة المتحدة 2.6 مليون دولار على شكل إمدادات غذائية حيوية للمناطق الأوكرانيا التي تطوقها القوات الروسية بناءً على طلب مباشر من الحكومة الأوكرانية.

في بلادنا في الشرق هناك مزيج خطير من الفقر والاضطرابات السياسية والاقتصادية والمناخية،  التي ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الغذائية.

سوريا بعد سنوات الحرب وجائحة كورونا، ووجود نظام سياسي واقتصادي مترهل لا يقوى على مجابهة هذا النوع من الأزمات العالمية. في المقابل هناك ضعف شديد في الانتاجية الزراعية، مما دفع الحكومة إلى رفع سعر شراء القمح من المزارعين، ليصل السعر إلى تقريبا 500 دولار للطن هو أعلى من السعر العالمي للقمح الذي يتراوح بين 400 و450 دولاراً للطن.

لبنان يعتمد على 50% من وارداته من الحبوب على روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي، وارتفاع الأسعار الحاد وضعف القوة الشرائية، والاضطرابات والتناحر السياسي كل هذا سيؤدي إلى أزمة مضاعفة وخصوصاً بعد أن أعلنت الحكومة مؤخراً رفع أسعار الخبز، ورفع الدعم عن بعض أنواعه.

العراق يعاني أحد أكبر موجات الجفاف منذ عقود، والتي امتدت بدورها إلى المناطق الشرقية من سوريا.

مصر تعتمد على أكثر من 70% من وارداتها من الحبوب على روسيا وأوكرانيا، ويُشكل الخبز حوالي 30٪ من الغذاء للسكان. تحاول مصر أن تعتمد على العلاقات الاستراتيجية مع فرنسا لتأمين إمدادات القمح وسط هذه الأزمة.

ليبيا وتونس اللتان تعتمدان بشكل كبير على القمح من روسيا وأوكرانيا، كما يعاني القرن الأفريقي من أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود. اليمن يكاد يكون منسياً حتى من قوائم الإحصائيات العالمية.

دول الخليج العربي لن تتأثر كثيراً في بداية أزمة الغذاء، بسبب القوة الشرائية الكبيرة للحكومات واتفاقيات القمح مع أمريكا، والاعتماد الكبير على الأرز القادم من أسيا.

لكن إذا تفاقمت الأزمة في المستقبل وتحولت إلى كارثة عالمية، لن يكون للمال صوت وستسعى جميع الدول المُصدرة على المحافظة على أمنها الغذائي.

اقرأ أيضاً في أكتر:

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©