في عام 2015، فرّ سليم اسكيف، 29 عامًا، من الحرب في سوريا بحثًا عن الأمان في السويد، حيث حصل لاحقًا على الجنسية السويدية وبدأ مسيرته في دراسة الرعاية الصحية، وكان على وشك التخرج. إلى جانب طموحاته المهنية، كان يستعد لمرحلة جديدة من حياته، فقد كان مقررًا أن يتزوج خطيبته كاريين إليا في 25 يوليو المقبل، وفقًا لما ذكره التلفزيون السويدي SVT. لكن بدلاً من التحضير لحفل زفافه، اجتمعت عائلته وأصدقاؤه اليوم في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في أوربرو لتوديعه، بعد أن سقط ضحية في هجوم مدرسة ريسبيرسكا في أوربرو. يوم الثلاثاء الماضي. "الحزن يجتاح السويد بأكملها" وسط الحضور، كانت كاريين إليا، خطيبة سليم، غارقة في الحزن العميق، غير قادرة على استيعاب فقدانه. عندما حاولت النهوض من مقعدها في الكنيسة، لم تسعفها قدماها وسقطت على الأرض منهارة بالبكاء، في مشهد يعكس مدى المأساة التي تعيشها. قال حبيب ديلماج، أحد منظمي المراسم: "السويد كلها في حالة حداد الآن. هذه المأساة لم تؤثر فقط على العائلات، بل على المجتمع بأسره". المكالمة الأخيرة.. "أحبك" في لحظاته الأخيرة، تمكن سليم من الاتصال بوالدته ليطلب منها أن تعتني بخطيبته. في تلك الأثناء، كانت كاريين تحاول الوصول إليه، تتصل مرارًا لكنه لا يجيب. ثم تلقت مكالمة قصيرة وسط الفوضى، حيث قال لها بصوت خافت: "لقد أُصبت.. أطلقوا النار علينا"، قبل أن يهمس لها بكلماته الأخيرة: "أحبك". انقطع الاتصال، ومعه انتهت كل أحلامه. في منزله في أوربرو، حيث اجتمعت العائلة والأصدقاء، ساد الصمت الممزوج بالدموع. رغم مرور 48 ساعة، لم تؤكد الشرطة رسميًا وفاته بعد، مما جعل العائلة تعيش بين الأمل واليأس، تراقب النافذة بانتظار عودته، رغم علمهم أن ذلك لن يحدث. قالت كاريين: "لا نريد شيئًا الآن سوى أن نرى جثمانه". تأبين ورسالة تسامح رغم الألم في القاعة المجاورة للكنيسة، وُضعت صورة مؤطرة لسليم اسكيف، بجانبها شموع مضاءة تعبيرًا عن الحزن والفقد. كان سليم شابًا مليئًا بالطموحات، يحلم بمستقبل مشرق مع كاريين، لكن رصاصة غادرة أنهت كل شيء في لحظة. وقف القس يعقوب كاسيليا مخاطبًا الحاضرين، محاولًا بث بعض الأمل في قلوبهم: "يجب ألا نسمح للظلام أن ينتصر. فلنكرم ذكرى سليم بنشر النور والفرح باسمه". في القاعة، حيث اجتمع مئات المعزين، كان الهواء مثقلًا بالحزن. الجميع يجلسون بصمت، بعضهم يحتسي القهوة أو يتناول قطع الحلوى الموضوعة على الطاولات، لكن الغصة في الحناجر كانت أقوى من أي حديث. رسالة غير متوقعة من عائلة سليم في نهاية المراسم، نقل القس يعقوب كاسيليا رسالة من عائلة سليم، جاءت محملة بمشاعر لا تقل وقعًا عن الفاجعة نفسها. قال القس: "عائلة سليم تريد أن تقول إنها تسامح الشخص الذي ارتكب هذا الفعل المروع". وأضاف: "كما أنهم يفكرون كثيرًا في جميع العائلات الأخرى التي فقدت أحباءها في هذا الهجوم. هذه المأساة أثرت على عدد لا يحصى من الناس". وسط الدموع والصمت المهيب، لم يكن أحد يتوقع أن يخرج هذا الحدث المأساوي برسالة تدعو إلى التسامح بدلاً من الانتقام، لكنها كانت تعبيرًا عن قوة الإنسانية حتى في أحلك اللحظات.