مجتمع

"السويد مثل سجن كبير": عمال التكنولوجيا محاصرون بسبب تأخيرات تصاريح العمل

"السويد مثل سجن كبير": عمال التكنولوجيا محاصرون بسبب تأخيرات تصاريح العمل
 image

دعاء حسيّان

أخر تحديث

Aa

"السويد مثل سجن كبير": عمال التكنولوجيا محاصرون بسبب تأخيرات تصاريح العمل

 

يتسبب التأخير في معالجة وكالة الهجرة لتجديد تصاريح العمل في حدوث اضطرابات كبيرة في حياة الأشخاص العاملين في السويد من دول خارج الاتحاد الأوروبي. فهم يحتاجون تأشيرة لدخول السويد، وعدم تجديد تصاريح العمل الخاصة بهم، يعني أنهم أحرار في مغادرة البلاد، لكن قد يتم رفض دخولهم على الحدود في حال حاولوا العودة إليها. ونتيجة لذلك، أصبح الآلاف من عمال التكنولوجيا الأجانب، الذين يعتمد عليهم الاقتصاد السويدي، محاصرين فعلياً في البلاد. هذا وكان قد حصل الالتماس المُقدّم إلى وكالة الهجرة لإيجاد طرق للسماح للمقيمين من خارج الاتحاد الأوروبي بالعودة إلى الوطن، حتى الآن، على 5650 توقيعاً، مع تزايد العدد ساعة بساعة.

أخبر وليد دجاني Waleed Dajani، القادم من الأردن، والذي يعمل في مكتب ستوكهولم التابع لشركة هندسية عالمية، موقع The Local، أن عدم تمكنه من مغادرة السويد بحرّية منذ مارس/ آذار 2021 قد أثّر على علاقته مع عائلته وعلى صحته العقلية. وفي مقابلة له مع بول أوماهوني Paul O’Mahony، يقول: "إن حالتي العقلية تتدهور، والأمر صعب للغاية وأشعر أنني أعيش في سجن كبير. فعائلتي تظن أنني عالق في مكان جميل وهادئ، لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فقد فاتتني خطوبة وعرس أخي والعديد من المناسبات العائلية. وأنا على هذه الحال من الـ 22 شهراً الماضية". 

في نفس السياق، قال فادي سليمان Fady Sleiman، مبرمج كمبيوتر لبناني، إنه لم يسمع شيئاً من مصلحة الهجرة بعد أربعة أشهر من تقديمه الطلب، فحرمانه من الحق في السفر أمر مهين. إذ جعله شعر بالإهانة والتهميش والقمع. فضلاً عن عدم قدرته على امتلاك أي طموحات التخطيط للمستقبل والشعور بالاكتئاب. 

هذا ويُعدّ الأمر بالنسبة لأماندا هرتسوغ Amanda Herzog، التي تعمل كمحترفة تسويق أمريكية، مختلف قليلاً، لأن الولايات المتحدة لا تحتاج تأشيرة للدخول إليها، لكنها ما زالت تجد صعوبة في السفر لأنها تنتظر الموافقة على التصاريح، وتقول: "إن أسلوب العيش بهذا الشكل صعبٌ جداً، ويبدو الأمر كما لو أن جسدك يحاول الاستجابة لصدمة ما. لقد عانيت من الكثير من الأعراض الجسدية الناتجة عن الإجهاد، وهو أمر شائع تماماً في حال كنت تعاني من مستوى عالٍ من التوتر لأشهر أو حتى لسنوات. وحتى عندما يتم الموافقة على تأشيرة العمل الخاصة بك، سيتوجّب عليك القيام بذلك مرة أخرى في غضون سنتين أو ثلاث". 

إن إحدى المشاكل التي يواجهها الأشخاص في هذا الوضع، هي عدم فهم عائلاتهم في البلد الأم أو أصدقائهم وزملائهم في السويد، سبب عدم تمكنهم من السفر خارج البلاد. وبدوره يقول سليمان: "والدي يبلغ من العمر ثمانين عاماً، وهو حقًا لا يفهم لماذا إذا كنت أعمل في الخارج، لا يمكنني السفر. كما أن العديد من السويديين لا يفهمون مثل هذه الأسباب، وبهذا تشعر أنك مواطن من الدرجة الثانية في المجتمع".

من جهته يقول الدجاني إنه عندما يخبر زملائه، وجميعهم تقريباً من السويديين، بمشاكله لا يمكنهم تصديق أن النظام فشل في تحقيق مثل هذا الأمر. فهو لا يؤثر على حياتهم، وربما لهذا السبب لا يحدث أي تغيير. كما أنه لم يتمكن من العودة إلى منزله لحضور جنازة والده بعد وفاته، ولكنه تحدث إلى السفارة السويدية في الأردن بعد بضعة أشهر، تم خلالها الموافقة على منحه تأشيرة دخول لمرة واحدة للعودة إلى السويد. ما أتاح له الذهاب إلى موطنه والوقوف إلى جانب عائلته في محنتهم. 

دعا الالتماس الذي تم تقديمه لوكالة الهجرة إلى تمديد تأشيرة D الجديدة، التي تسمح للأشخاص بالذهاب في رحلات عمل بينما ينتظرون صدور تصاريح العمل الخاصة بهم، بتوسيعها لتشمل الرحلات الشخصية أيضاً. لكن الوكالة قالت لموقع The Local إنه ليس لديها الحق القانوني للقيام بذلك، وأن الأمر سيتطلب سنّ قانونٍ جديدٍ من قبل البرلمان.

وفي هذا الصدد، أعرب كلٌّ من هرتسوغ ودجاني وسليمان عن أملهم في أن تضع العريضة المشاكل التي يواجهونها، على جدول الأعمال السياسي في السويد. وقالت هرتسوغ: "إن قضية ضخمة مثل هذه لا تحظى بتغطية كافية، وأنا سعيدة حقاً بحقيقة أنها توضع بالحسبان بشكل أكبر، حث يُشكل أمرٌ كهذا ما هو أكبر من مجرد محنة يمرّ بها المهاجرون، فهو يؤثر على صميم المجتمع السويدي بشكل مباشر، متمثلاً بالأسرة والاقتصاد السويديين".

هذا وأعرب الدجاني عن انزعاجه من حقيقة أن الوكالة لا تزال في صدد معالجة بعض الطلبات من خريف عام 2020، في حين تم إصدار قراراتٍ بطلباتٍ تم تقديمها بعد فترة طويلة. ويقول في هذا السياق: "يبدو أن النظام برمته غير عادل ولا يمكن التنبؤ به. إن الأشخاص في السويد لطيفون وأنا أحب الطبيعة فيها وهي من أولى الدول تصنيفاً في العالم من حيث مستوى المعيشة، ومع ذلك يوجد هذا النظام البطيء الذي لا يبدو أنه يكترث لحياة الناس بشكل عام، أو يعمل على تحسينها بأي شكل". مضيفاً أن هذه التجربة غيرت طريقة تفكيره في السويد.

من جهته يشعر سليمان يشعر بخيبة أمل أكبر، حيث يقول: "لا أفهم ماذا يقصدون عندما يتحدثون عن مشكلة الاندماج إذا كانوا يعاملون الناس بهذه الطريقة! كيف يمكنك دمج الناس إن لم تمنحهم الأمان؟ ما هو دور الحكومة أو البرلمان إذا لم يتعاملوا مع هذا النوع من المواقف؟ إنهم يُعطون دروساً للعالم بأسره عن حقوق الإنسان، ومع ذلك لديهم مشكلة كبيرة مع الأشخاص الذين يعيشون داخل البلاد". 

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مجتمع

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©