Aa
Foto: Jonas Ekströmer/TT - القصة الكاملة لـ "عضوية السويد في الناتو'
في 18 مايو من عام 2022، تقدمت السويد بطلب لتصبح عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وذلك بعد أن أعربت روسيا بشكل صريح خلال عام 2021 بمطالب بعيدة المدى لتغيير النظام الأمني بشكل جذري في أوروبا. ويعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 تعبيرًا خطيرًا عن هذا الطموح.
وفي 16 مارس من عام 2022، قررت الحكومة تعيين فريق عمل لإجراء مداولات حول تغير وضع السياسة الأمنية في السويد نتيجة للعدوان الروسي على أوكرانيا. وترأست المداولات وزيرة الخارجية السويدية آنذاك آن ليندي. كما شارك معها وزير الدفاع السابق بيتر هولتكفيست.
لماذا تريد السويد الانضمام إلى الناتو؟
عندما بدأت روسيا الحرب ضد أوكرانيا، أصبح الكثيرون في السويد قلقين بشأن ما يمكن أن يحدث إذا بدأت روسيا أيضًا حربًا ضد السويد. وتعتقد الحكومة السويدية ومعظم السياسيين في البرلمان السويدي أن الناتو هو أفضل وسيلة لحماية السويد من الحرب. حيث تنص المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو على أن "أي هجوم، أو عدوان مسلح ضد أي طرف من أطراف الناتو، يعتبر عدواناً عليهم جميعاً، وبناء عليه، فإنهم متفقون على حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، المعترف به في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بشكل فردي أو جماعي، وتقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم".وتضيف المادة أن الدعم يكون "باتخاذ الإجراءات التي يراها الأعضاء ضرورية على الفور، بشكل فردي وبالتوافق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك استخدام قوة السلاح، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي".
إحدى أهم الفوائد لعضوية السويد في حلف شمال الأطلسي هي الأمان والسلامة المتزايدة التي ستتيحها للسويد. حيث يعد حلف شمال الأطلسي تحالف قوي يضم العديد من الدول، ويعتقد العديد من الخبراء أن عضوية السويد فيه ستوفر ضمانات أمنية أقوى. وهذا بدوره قد يعزز الاستثمارات والتجارة في البلاد، حيث تتجه الشركات والمستثمرون غالبًا نحو الدول الثابتة والآمنة.
كما أن عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي ستمنح البلاد أيضًا حق الوصول إلى تقنيات ومعرفة عسكرية ضخمة لم تكن تملكها من قبل. وهذا بدوره قد يزيد من القدرة العسكرية ويعزز موقع السويد كلاعب مهم في المنطقة. كما قد يؤدي ذلك أيضًا إلى زيادة الاستثمارات في صناعة الدفاع السويدية، مما يمكن أن يعزز الوضع الاقتصادي أيضاً.
هل تعاونت السويد مع الناتو من قبل؟
لقد تعاونت السويد مع الناتو منذ فترة طويلة ففي عام 1994، انضمت السويد إلى شراكة من أجل السلام. وشاركت أيضًا في تدريبات دفاعية مختلفة مع الناتو.
وفي عام 2014، حصلت السويد وفنلندا على فرصة للمشاركة في محادثات الناتو حول كيفية الدفاع عن الدول المحيطة ببحر البلطيق في حال تعرضت للتهديد. وحينها حصلت السويد وفنلندا أيضًا على حق الوصول إلى معلومات لم يسبق لهم معرفتها.
وفي عام 2016، وقعت السويد اتفاقية لتكون بلداً مضيفاً لعمليات الناتو. وبذلك أصبح من الأسهل على الحلف الأطلسي إجراء تدريبات على الأراضي السويدية، وكذلك من السهل على السويد الحصول على دعم من الحلف في حالة وجود أي تهديد أو حرب في البلاد.
العقبات التي واجهت السويد للانضمام للناتو
لم يكن طريق السويد في الانضمام إلى الناتو سهلاُ حيث يشترط حتى تصبح عضواً نهائياً موافقة جميع أعضاء الحلف والبالغ عددهم 31 عضو. ومع أن فنلندا والسويد تقدما معاً للانضمام إلى الناتو معاً في عام 2022 في أعقاب الهجوم الروسي، لكن مصيرهما كان مختلفاً، حيث استطاعت فنلندا أن تصبح عضواً في الحلف في أبريل من عام 2023 , وذلك بعد أن صادقت جميع الدول الأعضاء على الطلب بما فيهم تركيا وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية التركية، بينما اصطدمت السويد مع الجانب المجري والتركي حيث أجلت تركيا النظر في الطلب السويدي، إثر نزاع طويل الأمد بشأن ما تراه أنقرة دعماً للجماعات الكردية من قبل ستوكهولم، وكذلك القيود المفروضة على صادرات الأسلحة السويدية إلى تركيا. بينما عبرت المجر مراراً عن استيائها ممّا وصفته بـ "الموقف العدائي المفتوح" من قبل ستوكهولم، متهمةً ممثلي السويد بـ "الحرص المتكرر على انتقاد المجر" بشأن قضايا سيادة القانون.
وبعد جهود حثيثة من قبل الولايات المتحدة صادق البرلمان التركي الأسبوع الفائت على انضمام السويد، ليُنهي عشرين شهراً من المفاوضات بين ستوكهولم وأنقرة بهذا الشأن، وبحسب الخبراء فإن صفقة مقاتلات من طراز "إف-16" لتركيا بمبلغ 23 مليار دولار، كانت السبب الرئيسي في قرار مصادقة أنقرة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)
وتنتظر السويد حالياً مصادقة المجر حتى تصبح عضواً بالحلف ومع أن رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، قد صرح أنه سيحث البرلمان المجري على التوقيع على طلب السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “في أول فرصة ممكنة”. لكن في تصريحات مفاجئة لرئيس البرلمان المجري لازلو كوفير لموقع "إندكس" قال بأنه من المحتمل ألا يتم عقد جلسة استثنائية في البرلمان الهنغاري للتصويت على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي. وبالتالي، سيتم رفض طلب رئيس الوزراء فيكتور أوربان والمعارضة.
ووفقًا للحكومة السويدية، فقد كانت المجر قدمت وعدًا بأن لا تكون آخر الدول التي تصادق على عضوية السويد في الناتو. وفي هذا السياق قال وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم:" أفترض أن المجر تدرك أيضًا الوعود التي قطعتها للعالم الخارجي، سواء لحلفاء الناتو أو للسويد.. وهذا يعني أنها لا ينبغي أن تكون آخر من يصدق على عضوية السويد".
وكان رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان قد أرسل رسالة يوم الثلاثاء 23 يناير دعا فيها رئيس الوزراء السويدي لزيارة بودابست، وكتب أوربان في موقع X أن الغرض من الزيارة كان للتفاوض حول عضوية السويد في الناتو. فكان رد الحكومة السويدية على لسان أولف كريستريسون بأنه ليس هنالك ما يمكن التفاوض عليه.
وأكد كريسترسون في رده على أوربان أهمية الحوار بين البلدين، مشيرًا إلى أهمية القضايا المشتركة في مجال الطائرات الحربية السويدية والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وأضاف أن الموافقة على عضوية السويد في الناتو في البرلمان المجري ستكون أساسًا لتعزيز العلاقات. وقال كريسترسون في رسالته:" "أتطلع إلى مناقشة هذه القضايا بعمق معك في بودابست عندما يكون الوقت مناسب لنا جميعًا". وفيما يتعلق بتوقيت الاجتماع، تجنب كريسترسون تحديد ما إذا كان سيحدث قبل أم بعد تصديق المجر لعضوية السويد في الناتو.
لماذا لا تُرغب روسيا في انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي؟
تعتبر روسيا من القوى العظمى التي تسعى جاهدة للحفاظ على تأثيرها وسيادتها على دول جوارها. وهي تعارض بشدة فكرة انضمام دول جديدة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتعارض أيضًا وجود قوات أو قواعد عسكرية للناتو في دول تقع بالقرب منها. كما تشعر روسيا بالتهديد الذي يشكله حلف شمال الأطلسي (الناتو)، رغم تأكيد الناتو أنه يسعى فقط لتعزيز قدراته الدفاعية لحماية دولها الأعضاء.
ويمكن لروسيا أن تظهر عدم رضاها من انضمام السويد للناتو بطرق مختلفة. كمحاولة شن هجمات إلكترونية أو التسبب في مشاكل التكنولوجيا في الأنظمة المصرفية أو شبكات الهاتف. أو نشر معلومات مضللة؛ من خلال إرسال أخبار غير صحيحة، من أجل التأثير على الناس في السويد. كما يمكن محاولة إخافة السكان من خلال تحليق طائراتهم الحربية على مسافة قريبة جدًا من حدود السويد، أو داخلها مباشرةً، على الرغم من أنه غير مسموح لهم بذلك.
هل يمكن لحلف شمال الأطلسي أن يمتلك أسلحته النووية أو قواعده العسكرية على الأراضي السويدية؟
يمكن لجميع أعضاء الناتو أن يقرروا بأنفسهم ما إذا كان بإمكان دول الناتو الأخرى إرسال أسلحة وجنود إلى بلادهم. في الوقت الحالي، تمتلك ثلاث دول فقط من حلف شمال الأطلسي أسلحة نووية وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وقد نشرت هذه الدول أسلحة نووية في كل من ألمانيا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا وتركيا. ولكن منذ انتهاء "الحرب الباردة"، لم يضطر أي عضو جديد إلى امتلاك الأسلحة النووية التابعة لدول حلف شمال الأطلسي في بلاده.
وفي سياق متصل أكدت النرويج، وهي جزء من الناتو، إن دول الناتو لا يمكن أن تمتلك أسلحة نووية أو قواعد عسكرية على الأراضي النرويجية طالما لا توجد حرب في أي دولة من دول الناتو. وقد قالت الدنمارك نفس الشيء عن بلادها، باستثناء جرينلاند (التي استولت عليها الدنمارك في القرن الثامن عشر) حيث تمتلك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية. في حين لم تقرر السويد ماذا تفعل بعد.
هل يمكن إرسال الجنود السويديين إلى دول الناتو الأخرى في حال وجود حرب؟
يتعين على السويد أن تساعد دول الأعضاء في الناتو إذا تعرضت دولة أخرى في حلف شمال الأطلسي لهجوم، ولكن ليس من الضروري أن يتم ذلك على وجه التحديد عن طريق إرسال جنود سويديين إلى تلك الدولة.
كم تكلف عضوية السويد في الناتو؟
وباعتبارها عضوًا في الناتو، يجب على السويد أن تفي بالالتزام الذي تعهدت بها دول الناتو منذ عام 2014، وتخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع. ويجب أن يذهب ما لا يقل عن 20% من ميزانية الدفاع إلى الاستثمارات في مجال العتاد والتسليح .وبالإضافة إلى ذلك، يتعين عليها أن نساهم في ميزانية الناتو المدنية والعسكرية، والتي تبلغ بالنسبة للسويد حوالي 50 مليون يورو سنويًا.