أخبار السويد

الشرطة السويدية تتبنى الرصاص المطاطي.. فهل تحل مشاكل الشغب أم تزيدها؟

الشرطة السويدية تتبنى الرصاص المطاطي.. فهل تحل مشاكل الشغب أم تزيدها؟ image

عروة درويش

أخر تحديث

Aa

الشرطة السويدية

وافقت الشرطة السويدية Polismyndigheten منذ عدّة أيام على استخدام الرصاص المطاطي، أو "الهراوات عن بعد distansbatonger" كما يحلو للبعض تسميتها. وذلك بهدف تعزيز قدرتها على مكافحة العنف والشغب، خاصة أنّه وفقاً للمؤيدين لهذه الخطوة، فالرصاص المطاطي أقل فتكاً عند الاستخدام.

لكن هل حقاً استخدام الرصاص المطاطي سيكون له فارق كبير في السيطرة على العنف والشغب؟ تواصلتُ مع البروفسور ستيفان هولغيرسون Stefan Holgersson من جامعة لينشوبينغ من أجل الاستيضاح عن هذه النقطة وغيرها، خاصة أنّ هولغيرسون هو باحث في الشرطة تمّ تكليفه بإعداد عدّة تقارير بعد أعمال الشغب في عام 2022.

تجربة الشرطة الفرنسية

تحدّث هولغيرسون في تقريره عن اتباع تجارب أخرى مثل التجربة الفرنسية، حيث ذكر تصريحات قائد الشرطة الفرنسية حول استجابة الشرطة السويدية لأعمال الشغب التي تلت عيد الفصح، حيث وصفها بأنّها "ساذجة ومتوقّعة"، وأنّ على الشرطة السويدية أن تتعامل بشكل أكثر صرامة مع أعمال الشغب، وأن تستخدم الأسلحة بعيدة المدى الأقسى (الرصاص المطاطي وخراطيم المياه والقنابل الغازية).

لكنّ هولغيرسون يشير إلى أنّ الشرطة الفرنسية قد تعرّضت للكثير من الانتقادات من منظمة العفو الدولية بسبب قسوتها في استخدام الرصاص المطاطي والقنابل الغازية، ، وإلى أنّ منظمات أخرى كبرى طالبت الشرطة الفرنسية باحترام المبادئ الأوروبية لحقوق الإنسان، مثل منظمة مراسلين بلا حدود التي اتهمت الشرطة الفرنسية بعدم التمييز بين المشاغبين وغيرهم، بما في ذلك الصحفيين.

الأمر الآخر الذي تحدّث عنه هولغيرسون أنّ شعبية الشرطة الفرنسية منخفضة بشكل كبير بسبب الوسائل القاسية التي يتبعونها، وهو الأمر الذي في حال اتباعه من قبل الشرطة السويدية سيهدد بالمزيد من التوتر وأعمال الشغب، وهذا ما تظهره التجربة الفرنسية بشكل واضح.

المقذوفات المطاطية قد تسبب الموت

في الحقيقة، رغم أنّ الرصاص المطاطي أقل فتكاً من الرصاص الحي، فقد وجدت دراسة حول استخدام الرصاص المطاطي في الولايات المتحدة أجريت على ألفي شخص بعد إصابتهم بها، توفي 3٪ من هؤلاء، وأصيب 15٪ بإصابات شديدة دائمة.

ينطبق ما قاله هولغيرسون عن جميع الأسلحة الجديدة هنا: من المهم أن يكون لدى الشرطة أسلحة يمكنها الاعتماد عليها عند الحاجة، وضمن هذا السياق فالرصاص المطاطي أفضل من الرصاص الحي، لكن يجب أن تكون عتبة استخدام هذه الأسلحة متدنية، وأن يحصل الشرطة على تدريب صارم في هذا الخصوص، وهو الأمر الذي يبدي هولغيرسون خشيته منه.

الانجراف

يبدو أنّ الباحثين المشاركين في التقرير، ومجموعة من المعلقين الآخرين، متفقون على شيئين: يجب أن يتمّ تدريب وتسليح الشرطة بشكل أفضل، خاصة أنّ الشرطة تشكو من قلّة الموارد، ولكن بحيث لا يؤثر ذلك على تعامل الشرطة العقلاني وتفادي إيقاع إصابات لا ضرورة لها.

لكن الأمر الآخر الذي يتفق عليه هؤلاء أنّ وزير العدل غونارسون يريد من الشرطة أن "تنجرف عن الغرض". فكما يقول نفسه، فهو يرى بأنّه من الممكن استخدام أدوات مخصصة لقضايا بعينها، من أجل التعامل مع قضايا أخرى، وذلك رغم أنّ القصد الأصلي منها غير ذلك. كمثال، يمكن أن نتحدّث عن نظام مراقبة من أجل مكافحة الإرهاب، لكن بمجرّد تطبيقه، يصبح من السهل استخدامه في جرائم مختلفة، أو ربّما دون وجود شبهة جنائية.

على هذا المنوال، فالمخاوف من استخدام الرصاص المطاطي، كما يمكننا القياس على كلمات هولغيرسون بخصوص مدافع المياه، هي في الانجراف في استخدام هذا الرصاص. ففي النهاية، مهمّة الشرطة منع المظاهرات من أن تصبح عنيفة، وليس أن ترد على العنف بالعنف.

الحوار أهمّ من العنف

يرى هولغيرسون، بشكل ناقدٍ للشرطة، بأنّ الشرطة لا تعمل بشكل كافٍ على وسائل الحوار ومنع العنف، وتتجه إلى الصرامة بشكل متكرر، حيث يقول: "نادراً ما يهدأ المتظاهرون الذين يشعرون بأن الشرطة تستخدم القوة المفرطة ضدّهم. ويكمن الخطر هنا في أن العنف سوف يتصاعد بدلاً من أن يهدأ، ويصبح أكثر خطورة على المتظاهرين والشرطة على حد سواء".

وقد وضّح هولغيرسون ذلك بالتجربة الفرنسية التي تستخدم الصرامة بشكل أكبر من الشرطة السويدية.

كما تحدّث هولغيرسون عن أمر غاية في الأهميّة، يذكرني بالمقابلة التي أجريتها مع شرطي الاندماج الأخير في السويد. يقول هولغيرسون منتقداً الشرطة: "لقد تخلت الشرطة إلى حد كبير عن مفهوم شرطة الحوار في السنوات الأخيرة. إن وجود شرطة الحوار يمثّل العمل وفق منهجية متماسكة في إطار مفهوم شرطة الحوار. قبل وأثناء وبعد شغب عيد الفصح، من الواضح أن مفهوم شرطة الحوار لم يتم اتباعه. لا توجد استراتيجية مدروسة لكيفية عمل الشرطة للحدّ من الاستقطاب والتطرف بين الجماعات والأفراد. يزيد هذا خطر الهجمات المستقبلية على ضباط الشرطة وغيرهم من المسؤولين الحكوميين، ويزيد أيضاً من ضعف المجتمع ات المحلية المتضررة".

في الختام..

ليست المشكلة في استخدام الرصاص المطاطي من قبل الشرطة، فهو قد يكون أمراً لازماً في الكثير من الحالات، وهو بالتأكيد بديلٌ أفضل للرصاص الحي. وبالمثل فالشرطة بحاجة اقتناء مدافع مياه فردية يمكنها أن تساعدها في تفريق أعمال الشغب التي لا تزال في بدايتها، ولا تؤذي الناس المارة أو الموجودين صدفة في أماكن التجمّعات والشغب.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©