تتوقع الشرطة السويدية تدفق شهادات من لاجئين سوريين في السويد، ممن تعرضوا لانتهاكات في بلادهم ولم يجرؤوا على الإدلاء بشهاداتهم سابقًا خوفًا من انتقام نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد. ولكن مع سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، يتوقع أن يكسر الضحايا حاجز الصمت، فيما تشير التقديرات إلى أن بعض الجناة قد يكونون موجودين بالفعل داخل السويد. تحذير للجناة: "لا تأتوا إلى هنا" حذرت باتريسيا راكيك أرلي، رئيسة وحدة جرائم الحرب في الشرطة السويدية، الجناة السابقين قائلة: "لا تأتوا إلى هنا". وأكدت أن فريقها، المكون من حوالي 14 محققًا، مشغول بالفعل بتحقيقات متعددة، حيث تلزمهم القوانين السويدية بالتحقيق في أي بلاغ يتم تقديمه ضد أفراد يُشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، بغض النظر عن مكان وقوعها. منذ سقوط النظام السوري الذي حكم البلاد بقبضة حديدية لأكثر من 50 عامًا، أصبح لدى العديد من السوريين المقيمين في السويد فرصة للتحدث علنًا عن الجرائم التي تعرضوا لها أو شهدوا وقوعها. أسلوب تحقيق فريد من نوعه تُعرف الجرائم المرتكبة من قبل الدولة السورية بتلك التي وقعت في سجون التعذيب سيئة السمعة، حيث تعرض المعتقلون لانتهاكات وحشية. ويؤكد المحققون أن العديد من السوريين الذين وصلوا إلى السويد عام 2015 لديهم صلة بهذه السجون، إما كضحايا مباشرين أو عبر أقاربهم. تتمتع السويد بسمعة جيدة عالميًا في التحقيق في جرائم الحرب، حيث سبق أن قُدّم العديد من مرتكبي الجرائم إلى المحاكم السويدية. وتتبنى الشرطة السويدية نهجًا غير تقليدي في التحقيقات، حيث تبدأ عادةً بتحديد الجناة أولًا ثم البحث عن الأدلة التي تثبت تورطهم، على عكس الجرائم العادية التي تبدأ من وقوع الجريمة وصولًا إلى المشتبه بهم. وبفضل ما يُعرف بـ"التحقيقات الهيكلية"، يتم فتح تحقيقات موسعة حول جرائم حرب كبرى قد تؤدي لاحقًا إلى محاكمات داخل السويد. اعتقالات وتحقيقات دولية حاليًا، تحتجز السلطات السويدية ثلاثة أشخاص يُشتبه في تورطهم في قمع التظاهرات السلمية ضد نظام الأسد في دمشق عام 2012. وتتم التحقيقات بالتعاون مع الشرطة الألمانية، التي أوقفت بدورها خمسة أشخاص آخرين بتهم مماثلة. إلا أن سقوط نظام الأسد قد يدفع مزيدًا من الجناة إلى الفرار نحو أوروبا، بما في ذلك السويد، خوفًا من الملاحقة في سوريا. وتشير الشرطة إلى أن بعضهم ربما يكون قد حصل بالفعل على اللجوء في السويد مستخدمًا هويات مزورة. تشير المحققة راكيك أرلي إلى أن بعض الجناة، خصوصًا العاملين السابقين في أجهزة المخابرات السورية أو السجون المعروفة بممارسة التعذيب والإعدامات التعسفية، قد تمكنوا من دخول السويد. لكنها تؤكد أن التعرف عليهم مسألة وقت فقط، خاصة في الدول التي تضم جاليات سورية كبيرة. "من الصعب على هؤلاء الأشخاص أن يظلوا مختبئين إلى الأبد"، تضيف المحققة. خلفية عن النظام السوري حكمت عائلة الأسد سوريا منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث أسس حافظ الأسد نظامًا أمنيًا صارمًا استمر مع تولي ابنه بشار الأسد السلطة عام 2000. خلال حكمه، واجه الأسد احتجاجات واسعة عام 2011 تحولت إلى صراع دموي، أدى إلى تدخل قوى دولية وفرار الملايين من السوريين. على مدار سنوات، وثقت منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" انتهاكات جسيمة ارتكبها نظام الأسد، من تعذيب وإعدامات تعسفية واعتقالات جماعية لمعارضيه. وفي ديسمبر 2024، سقط النظام بعد سيطرة تحالف من الفصائل المسلحة بقيادة "هيئة تحرير الشام" على دمشق، ما أدى إلى فرار قيادات النظام السابق ومخاوف من موجة هجرة جديدة لجناة الحرب نحو أوروبا. مع بدء ضحايا النظام السوري في الإدلاء بشهاداتهم، تسعى الشرطة السويدية إلى ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، سواء داخل السويد أو عبر التعاون مع دول أخرى. ومع تزايد الأدلة والشهادات، قد تكون السويد أحد المراكز الرئيسية التي ستشهد محاكمات تاريخية ضد مرتكبي جرائم الحرب المرتبطة بالنظام السوري السابق: