سياسة

الطريق الشائك للسويد نحو الانضمام إلى الناتو.. العقبة هذه المرة في البرلمان!

الطريق الشائك للسويد نحو الانضمام إلى الناتو.. العقبة هذه المرة في البرلمان! image

سيبسة الحاج يوسف

أخر تحديث

Aa

عضوية السويد في الناتو

Foto: Henrik Montgomery/TT - عقبة جديدة في وجه عضوية الناتو

بعد أن كان الجميع يترقّب ملفّ انضمام السويد إلى الناتو في البرلمان التركي، لم تصادق لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي على ذلك. إنّها انتكاسة جديدة لطموحات الدولة الإسكندنافية في الانضمام إلى الحلف الغربي، بعد ما يقرب من 18 شهراً من الانتظار. تبرز رحلة السويد نحو الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) كمثال حي على التعقيدات التي قد تعترض طريق السياسة.

Foto: Jonas Ekströmer/TT

منذ أثار الصراع الروسي-الأوكراني مخاوف أمنية عميقة في أوروبا، اندفعت السويد إلى اتخاذ قرار تاريخي بترك سياسة الحياد طويلة الأمد. لكن هذا الطريق لم يكن مفروشاً بالورود، إذ واجهت السويد مجموعة من التحديات والشروط، خصوصاً من تركيا، التي أثرت بشكل كبير على مسار هذه العملية.

Foto: AP/TT

في هذا المقال، سنروي قصة هذا المسار المتعرج، مع تسليط الضوء على التعقيدات الدبلوماسية والمناورات السياسية التي أحاطت برحلة السويد نحو محاولة احتمائها تحت مظلة الناتو.

بداية الرحلة

بدأت القصة في مايو (أيار) عام 2022، عندما اتخذت فنلندا والسويد خطوة غير مسبوقة بطلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، رداً على الزعزعة الأمنية التي أحدثها الهجوم الروسي على أوكرانيا في القارة الأوروبية، متجاوزتين بذلك عقوداً من سياستهما المعتمدة على الحياد وعدم الانحياز العسكري.

لكن من أجل تأييد العضوية، يتعين على جميع أعضاء الناتو البالغ عددهم 31 الموافقة على الطلب، وهو ما جرى باستثناء تلكؤ تركيا والمجر، حيث اتهمت تركيا السويد بإبداء تساهل ملحوظ تجاه مجموعات تعدّها أنقرة خطراً على أمنها الوطني، وذلك يشمل المقاتلين الأكراد وأفراد شبكة تحمّلها تركيا المسؤولية عن محاولة انقلاب فاشلة في 2016.

وللموافقة على الطلب، فرضت تركيا مجموعة من الشروط الصارمة تتضمن تصنيف المنظمات الكردية كجماعات إرهابية وتسليم نحو 130 شخصاً متهمين بالإرهاب أو بالضلوع في المحاولة الانقلابية لعام 2016. أما المجر فقد عطلت طلب السويد، متهمة الساسة السويديين بنشر الأكاذيب حول الوضع الديمقراطي في المجر، لكنها غيرت رأيها بعد ذلك، وأكدت أنها ستوافق على الطلب بحال غيّرت أنقرة موقفها من هذا الملف.

أحداث مثيرة للجدل تعرقل المفاوضات

وعلى إيقاع التوترات المتصاعدة، انعقدت في 28 يونيو (حزيران) من ذلك العام، في مدينة مدريد، مفاوضات حاسمة بين الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ وأردوغان، ورئيس فنلندا ساولي نينيستو وماغدالينا أندرشون، التي كانت آنذاك رئيسة وزراء السويد، لبحث هذا الموضوع وتذليل العقبات التي تحول دون انضمام أعضاء جدد للحلف.

Foto: Fredrik Sandberg/TT

وفي يناير (كانون الثاني) 2023، تعثرت المفاوضات مجدداً بين تركيا والسويد بشأن عضوية الحلف، وذلك على خلفية سلسلة من الأحداث الاستفزازية. منها، حادثة قام بها (راسموس بالودان)، الزعيم اليميني المتطرف لحزب هارد لاين الدنماركي، حيث أقدم على حرق نسخة من القرآن أمام السفارة التركية في ستوكهولم، بالإضافة إلى تعليق دمية تمثل أردوغان في إحدى ساحات المدينة خلال ما بدا أنه احتجاج محدود.

Foto: Johan Nilsson/TT

وزاد حادث آخر من فتور العلاقات بين البلدين، عندما أحرق عراقي يدعى (سلوان موميكا) نسخة من المصحف الشريف خارج المسجد الرئيسي في ستوكهولم، ما أثار غضب العالم الإسلامي، فيما وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقادات لاذعة إلى السويد، مؤكداً أنه لم يعد بإمكان السويد الاعتماد على "دعم" أنقرة.

قرارات مفاجئة

وفي خضم هذه التوترات، وقبل الانتخابات الرئاسية التركية، اتخذت أنقرة قراراً بالمصادقة على طلب فنلندا للانضمام إلى الناتو، بينما أجلت البت في الطلب السويدي نظراً لعدم الوفاء ببعض الالتزامات بالإضافة إلى حوادث حرق القرآن.

وبعد عدة أشهر من العرقلة السياسية، شهد يوليو (تموز) 2023 تحولاً كبيراً في موقف الرئيس التركي أردوغان، حيث تراجع عن معارضته لانضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي. وجاء هذا التغيير في أعقاب إعلان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستوافق على بيع تركيا 40 طائرة مقاتلة من طراز F-16 ومعدات تحديث ذات صلة، بالإضافة إلى تأكيدات من السويد بدعم مساعي أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

كما أظهر ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، إصراراً على ضرورة التصديق السريع من جانب تركيا على عضوية السويد، وذلك بعد ثلاثة أشهر من تأكيد أردوغان على دوره في تسهيل هذه العملية داخل البرلمان التركي. نتيجةً لهذا الضغط، وقع أردوغان على البروتوكول الخاص بانضمام السويد إلى الحلف، مؤكداً إرساله إلى البرلمان التركي للتصديق عليه، على أن يتم ذلك بعد انقضاء العطلة الصيفية للبرلمان.

وعقب هذه الأخبار المفرحة، عبر رئيس الوزراء السويدي الحالي، أولف كريسترسون، عن ترحيبه بهذا التطور في تصريحاته، حيث غرد على منصة [إكس]: "أشعر بالسعادة لسماع خبر تسليم الرئيس التركي أردوغان الوثائق للبرلمان. يتوجب الآن على البرلمان التعامل مع هذه المسألة بجدية". فيما رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بهذه الخطوة، معرباً عن استعداده للعمل مع تركيا على تعزيز الدفاع والردع في المنطقة الأوروبية الأطلسية.

Foto: Christine Olsson/TT

خيبة أمل جديدة

لكن بعد انقضاء العطلة وعدم وجود بوادر للمصادقة، أفادت مصادر إعلامية تركية أن البرلمان التركي قد يؤجل التصديق على طلب السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي حتى ديسمبر (كانون الأول) القادم أو حتى بعد بداية العام الجديد.

وفي تطورات جديدة، بدأ البرلمان التركي، الخميس 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، دراسة بروتوكول انضمام السويد إلى حلف الناتو، وذلك من أجل التصديق عليه بحلول نهاية الشهر الحالي. لكن حلت مفاجأة غير متوقعة، حيث أرجأت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي التصويت على طلب السويد.

وأعلن فؤاد أقطاي، رئيس اللجنة التي يهيمن عليها الحزب الحاكم بقيادة الرئيس إردوغان، أنه من أجل تأييد عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، يجب أن يكون جميع المشرعين الأتراك مقتنعين بشكل كامل، موضحاً أن هذه المسألة ستُطرح للمناقشة مجدداً في الاجتماع القادم للجنة.

"إشارة سلبية للحكومة السويدية!"

تعقيباً على القرار، شدد بول ليفين، مدير معهد الدراسات التركية في جامعة ستوكهولم، على أن تأخير التصويت يمثل إشارة سلبية للحكومة السويدية والأطراف المؤيدة لانضمام البلاد إلى الناتو، مؤكداً أن التأخير في الإجراءات سيفرض تحديات كبيرة أمام طموح السويد لنيل عضوية الناتو، خاصةً قبل اللقاء المرتقب لوزراء الخارجية في بروكسل، المقرر في 28 و29 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما كان يعول عليه كل من ينس ستولتنبرغ، الأمين العام للناتو، وأولف كريسترسون، رئيس وزراء السويد.

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©