مقالات الرأي

العنصريّة الأوروبيّة البيضاء: باقية وتتمدد - مقال رأي

Aa

العنصريّة الأوروبيّة البيضاء: باقية وتتمدد - مقال رأي

Foto Felipe Dana

الكاتب: عروة درويش


من اعتقد بأنّ "باقية وتتمدد" خاصّة بتنظيم داعش الإرهابي فهو مخطئ، فالعنصريون الأوروبيون الذين يرحبون باللاجئين الأوكرانيين اليوم بشكل يناقض الطريقة التي تعاملوا فيها مع اللاجئين من الشرق الأوسط وإفريقيا، يثبتون أنّ عنصريتهم باقية منذ منحوا الحقّ لأنفسهم باستعمار الدول الأخرى أيّام الاستعمار المباشر ليصبحوا أثرياء على حسابها، أو عندما جلبوا غير البيض ليعرضوهم في حدائق الحيوانات، أو عندما تحولوا للنازيّة والفاشيّة أيام الحرب العالمية الثانية...الخ 

هؤلاء العنصريون هم أنفسهم الذين أتحفونا بابتكار شعارات الإسلاموفوبيا والعداء للمهاجرين منذ سنوات، واليوم تواتيهم الفرصة ليظهروا للجميع أنّهم مالم تعالج مشكلتهم من جذرها "باقون ويتمددون"، ويشكلون خطر على البشر أجمعين.

الضيافة والضيافة المعاكسة

المشكلة الأولى أنّ العنصريين قد أظهروا أنفسهم وكشروا عن أنيابهم بشكل لا يمكن ترجمته خطأ هذه المرّة، والمشكلة الأكبر أنّ الكثير من الشخصيات "القيادية" – بشكل متعمّد بهدف كسب التأييد – سبقوهم في هذه العنصرية.

ربّما يأتي رئيس الوزراء البلغاري على رأس القائمة: "ليس هؤلاء من اللاجئين التي اعتدنا عليهم، فهؤلاء أوروبيون. هؤلاء أشخاص أذكياء. هؤلاء متعلمون... ليست هذه موجة لاجئين كالتي اعتدنا عليها، أشخاص لا نعلم هوياتهم، وأشخاص لديهم ماضٍ غير واضح، بحيث قد يكونون إرهابيين... بكلمات أخرى، ليس هناك دولة أوروبية واحدة الآن تخشى موجة اللاجئين هذه".

إذاً هذا ما يحاول البعض أن يبرروا فيه التحوّل المريع من "لن نسمح لأحد بالدخول إلى أوروبا"، إلى "سنسمح للجميع بالدخول". أليس من الغريب أن تكون هاتان الكلمتان مقتبستان من شخص واحد، بحيث يفصل بين التصريحين ٣ أشهر فقط. نعم، ولكن قولوا ذلك للرئيس الهنغاري فكتور أوربان.

FotoFelipe Dana

صحافة آخر زمن

حتّى الصحافة المنحازة تحاول تغطية انحيازها عادة، لكن ليس هذه المرّة. ربّما من الأمثلة الكثيرة الصحفي تشارلي داغاتا، المراسل من لندن، عندما قال: أوكرانيا متحضرة وأوروبية نسبياً مقارنة بدول مثل العراق وأفغانستان.

ورغم أنّه اعتذر، ورغم أنّه أضاف أثناء حديثه بأنّ أوكرانيا ليست مثل العراق وأفغانستان "مع كلّ الاحترام الواجب"، ألا يبدو لكم أنّ الرجل لا يكنّ أيّ احترام لأيّ شخص غير أوروبي؟ في الحقيقة إن كانت هذه هي النسخة التي يختار فيها الصحفي كلماته بعناية، فلن نعتب بعد اليوم على يمي أوكسون.

أو مثلاً ما قاله مذيع في قناة الجزيرة الإنكليزية عن أنّ ملابس الهاربين تبدو أكثر نظافة وجمالاً من أن يكون لاجئين فارين من الشرق الأوسط... وأنّهم يشبهون أيّ عائلة أوروبية قد تكون تقطن في حيكم.

أو تعليق الصحفي الفرنسي فيليب كوربيه: "لا نتحدث هنا عن سوريين هاربين... بل عن أوروبيين يهربون بسياراتهم التي تشبه سياراتنا ... ويحاولون النجاة بحياتهم".

FotoBernat Armangue

الأوروبيون فقط

[إن كنت أوروبياً هارباً من أوكرانيا، فأهلاً بك. أمّا إن كنت غير أوروبي فعليك أن تعلق هناك. بصراحة، لا يهمنا أن تموت، المهم الأوروبيون].

لا يمكننا بأيّ حال من الأحوال أن نستنتج رسالة غير هذه من منع تلاميذ أفارقة من ركوب القطار من أجل إفساح المكان للأوكرانيين الأوروبيين.

هناك رسالة أخرى أيضاً يجب إتباعها بتلك، كأن تكون: [سنكون عنصريين ضدكم، وبعدها سندافع عن عنصريتنا، وندعي بأننا إنسانيون رغماً عن أنوفكم].

يمكن للسفير البولندي في الأمم المتحدة أن يقول هذه الرسالة وهو راضٍ، فهي تشبه ما قاله: "مواطني جميع الدول التي عانت من العدوان الروسي أو الذين حياتهم مهددة يمكنهم إيجاد ملجأ في بلادي"، بينما لا تزال صور العائلات القادمة من الشرق الأوسط والعالقين على الحدود بين "بلاده" وبيلاروسيا لم تخرج من التداول الإعلامي بعد. أو الأشخاص الذين تمّ طردهم من على الحدود إلى رومانيا أحياء.

FotoVadim Ghirda

في الختام...

لا يوجد خاتمة يمكن أن تصف الحنق الذي يقابل هؤلاء العنصريين، ولا دناءة الطريقة التي تصبح فيها الإنسانية بالنسبة إليهم كلمة جوفاء لا معنى لها.

لكن في النهاية، هؤلاء آلة جوفاء تعمل لصالح قوى ظلامية رجعية تملكهم وتشغلهم كما تشاء، وكيفما أرادت.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©