كشفت شبكة الجزيرة عن الهوية الحقيقية لـ**"قيصر"**، الاسم الذي ارتبط بتسريبات صور المعتقلين السوريين، والتي أدت إلى فرض قانون قيصر الأمريكي، أحد أشد العقوبات التي فرضت على النظام السوري. وأظهرت التحقيقات أن "قيصر" هو فريد المذهان، الذي كان يعمل مساعدًا أول لرئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، وينحدر من مدينة درعا. رحلة الخروج وكشف الملفات في حديثه لبرنامج "للقصة بقية"، أوضح المذهان أنه غادر سوريا عبر الأردن متوجهًا إلى دولة قطر، حيث تم تجهيز ملفه القانوني من قبل مكتب محاماة هناك، بهدف محاسبة النظام السوري على جرائمه. لكنه أكد أنه يطالب الحكومة الأمريكية بإلغاء "قانون قيصر" ورفع العقوبات عن الشعب السوري، مشيرًا إلى أن المتضرر الأكبر من هذه العقوبات هم المواطنون العاديون وليس النظام. توثيق القتل الممنهج.. الأوامر جاءت من أعلى المستويات كشف المذهان أن توثيق جرائم النظام كان يتم بتوجيهات من أعلى هرم السلطة، لضمان تنفيذ عمليات القتل بشكل ممنهج. وأوضح أن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يعبرون عن ولائهم للنظام عبر تقديم صور جثث المعتقلين. وأشار إلى أن أولى عمليات التصوير جرت في مشرحة مستشفى تشرين العسكري، حيث تم توثيق جثث متظاهرين من درعا في مارس/آذار 2011. وأضاف أن المعتقلين كانوا يُمنحون أرقامًا عند دخولهم السجن، وهو الرقم الذي كان يوضع لاحقًا على جثثهم بعد تصفيتهم. تمت عمليات تجميع وتصوير الجثث في مستشفيي تشرين العسكري وحرستا، ومع تزايد أعداد القتلى، تم تحويل مرآب السيارات في مستشفى المزة العسكري إلى ساحة لتكديس الجثث وتصويرها. آليات التهريب والخطر الذي واجهه "قيصر" أكد المذهان أنه كان يمتلك هوية عسكرية رسمية بالإضافة إلى هوية مدنية مزورة، مما ساعده على التنقل بحرية بين عمله ومكان إقامته دون إثارة الشكوك. أما عن طريقة تهريب الصور، فقد كشف أنها استمرت لمدة ثلاث سنوات، وكان ينقلها يوميًا من مقر عمله في دمشق إلى سكنه في مدينة التل. ولإخفائها، كان يلجأ إلى تخبئة وسائط تخزين الصور في ملابسه، أو داخل ربطة الخبز، أو حتى على جسده، خوفًا من عمليات التفتيش الصارمة على الحواجز الأمنية. وأشار إلى أن عدد الجثث في بداية الثورة السورية كان يتراوح بين 10 و15 جثة يوميًا، لكنه ارتفع لاحقًا إلى 50 جثة يوميًا، حيث كان النظام يعمل على تزوير أسباب الوفاة عبر تسجيلها على أنها "توقف القلب والتنفس"، في محاولة منه للتغطية على عمليات القتل المنهجية. الابتزاز وقرار الانشقاق كشف المذهان عن عمليات ابتزاز واسعة تعرّض لها أهالي المعتقلين، حيث كانوا يدفعون مبالغ مالية طائلة مقابل الحصول على معلومات عن أبنائهم المعتقلين، لكنهم لم يكونوا يحصلون على أي إجابات. وأضاف أن قرار الانشقاق راوده منذ بداية الثورة، لكنه قرر تأجيله ليتمكن من جمع أكبر قدر ممكن من الأدلة قبل خروجه. دعوة لمحاسبة النظام وإقامة محاكم وطنية في ختام حديثه، أعرب فريد المذهان عن أمله في أن يتمكن السوريون من إقامة محاكم وطنية لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب، مؤكدًا أن العدالة يجب أن تأخذ مجراها لإنصاف الضحايا وعائلاتهم. يظل "قيصر" رمزًا لأحد أكبر التسريبات في تاريخ الجرائم ضد الإنسانية، حيث كشفت صوره المروعة جرائم التعذيب والانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق المعتقلين، وأثارت تنديدًا عالميًا ومطالبات بمحاسبة المسؤولين.