أخبار العالم

اللحم الحلال يتعرض للتهديد مجدداً في أوروبا

Aa

اللحم الحلال يتعرض للتهديد مجدداً في أوروبا

خلال العقد الماضي، أصبحت بولندا من أكبر منتجي الكوشر واللحم الحلال. لكن بسبب قلة أعداد اليهود والمسلمين هناك، فإن جزءاً صغيراً من هذا اللحم يخدم السوق المحلية فقط، بينما يُباع الباقي في الخارج.

لكن بشكل عام، صدرت بولندا ما يقل عن 5 مليارات يورو من اللحوم في عام 2020، وهو رابع أعلى معدل مقارنة مع أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. وتقريباً ثلث هذه الصادرات من منتجات الكوشر واللحم الحلال، مما يجعل بولندا واحدة من أكبر موردي هذه اللحوم في أوروبا.

لكن في السنوات الأخيرة، تعرضت هذه التجارة المربحة للتهديد السياسي، مع سيطرة حزب العدالة والقانون البولندي، وعلى وجه الخصوص رئيسه الصارم ياروسلاف كاتشينسكي Jarosław Kaczyński، عند إصداره قانون لحماية الحيوان ما أدى إلى حظر الذبح بالطرق الدينية.

وتم تأجيل هذا التشريع مرتين بعد معارضة أتت من داخل حزب القانون والعدالة نفسه، واعتبر هذا الأمر بمثابة فشل لكاتشينسكي وتأكيداً على حجم صناعة اللحوم وسيطرتها. ومع ذلك، لا يزال منتجي اللحوم قلقين من احتمال تعرضهم للتهديد مرة أخرى.

FotoMagnus Andersson/TT

تصدير اللحم الحلال يحقق أرباحاً عالية

يقول ممثلو الصناعة إن الاهتمام بالكوشر واللحم الحلال الصادر من بولندا يتزايد بفضل جودتها العالية وقرب بولندا من البلدان التي يوجد بها طلب عليها. ويقدر رئيس الرابطة الزراعية البولندية (PZPBM) جاسيك زارزيكي Jacek Zarzecki، أن حوالي 30% من صادرات اللحوم البولندية هي الكوشر واللحم الحلال.

كما صرح لـصحيفة Notes البولندية: "باعتبار بولندا واحدة من أكبر منتجي لحوم البقر في الاتحاد الأوروبي، فهي لا تستجيب فقط للمستهلكين الأوروبيين الذين يحتاجون إلى لحوم أبقار مذبوحة بما يتماشى مع التشريعات الدينية، ولكن أيضاً إلى أولئك الموجودين خارج أوروبا"، وبالإضافة إلى وجهات التصدير الرئيسية للحوم المذبوحة، مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة وإسرائيل، أوضح أن هنالك اهتماماً متزايداً من الإمارات العربية المتحدة.

وفي هذا الصدد، أكد المحلل ماتيوز فورنوفسكي Mateusz Fornowski، في مركز أبحاث Polityka Insight، نقلاً عن بيانات من السلطة البيطرية الرئيسية في بولندا (GIW)، أن بولندا صدرت 6.7 مليار زلوتي (حوالي 1.5 مليار يورو) من لحوم البقر في عام 2019، وحوالي 2.2 مليار زلوتي جاءت من طقوس الذبح.

وأفاد المتحدث باسم المجلس الوطني للدواجن سيزاري مليجيك بولوتشينسكي Cezary Mleczek-Połoczański، أن هذه الحصة أكبر من قيم صادرات الدواجن، نصفها تقريباً كوشر أو لحم حلال، حيث يحبذ منتجي اللحوم البولنديين هذه اللحوم بسبب هوامشها وأرباحها العالية من التجارة الدولية. لكن بسبب متطلبات الاعتماد الصارمة وعدم الاستقرار السياسي يحتفظان بهذا الجزء من السوق لشركات الزراعة الكبرى، التي يمكنها التعامل مع الأنظمة المتغيرة.

FotoMagnus Andersson/TT

حظر ذبح الأضاحي

أدت حالة عدم اليقين في السنوات الأخيرة إلى وجود تهديدات لحظر الذبح بالطرق الدينية كجزء من تشريعات حقوق الحيوان. وتم انتقاد صعق الحيوان قبل ذبحه أيضاً، والذي يحدث من خلال جرح في الحلق ثم ينزف منه وهي طريقة يقول النقاد إنها قاسية للغاية.

ويقول فويتشخ بيسولا Wojciech Pisula، أستاذ علم النفس في الأكاديمية البولندية للعلوم (PAN)، إن "الذبح الذي يتم بدون صعق كهربائي يسبب معاناة شديدة للحيوان. وتستمر هذه المعاناة (وهي شل حركة الحيوان عن طريق قطع أحباله الصوتية) حتى ثلاث دقائق".

تعقيباً على ذلك، أكدت المجتمعات اليهودية والمسلمة أن الصعق يسبب الألم أيضاً. حيث قال مايكل شودريش Michael Schudrich، كبير الزعماء الدينين في بولندا، لصحيفة Notes: "الناس لا يعرفون ما هي ممارسات الذبح وفق الشريعة اليهودية وأية ممارسة تتم غير ذلك ستكون أكثر إيلاماً للحيوانات".

ويقول شودريش الذي كان نباتياً منذ فترة طويلة، إنه يجب على كاتشينسكي حظر جميع أنواع الذبح إذا كان يريد منع معاناة الحيوانات.

وعندما سئل عما إذا كان سيقبل حل وسط، حيث يُسمح بالذبح الديني ولكن فقط لخدمة احتياجات المجتمع المحلي وليس للتصدير، رفض شودريش الفكرة تماماً. وأضاف: "إذا لم يتم تصدير هذه اللحوم فقط، فهذا سيدل على أنها غير صالحة، وهنالك ما هو أسوأ من الذبح العادي. هذا الكلام ليس مقبولاً".

وقال زارزيكي من رابطة PZPBM إنه عندما تُقطع حناجر الحيوانات، تفقد وعيها بسرعة بسبب انخفاض ضغط الدم. وأضاف: "يبدو الأمر كما لو أننا نجرح أصبعنا بقطعة ورق، لكننا لا نشعر بهذا الألم".

وفي هذا السياق، يسمح معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي  باستثناءات للقاعدة التي تقضي بوجوب صعق الحيوانات قبل الذبح، لكن العديد من البلدان، بما في ذلك الدنمارك والسويد وسلوفينيا، لا تفعل ذلك. أما في بولندا، تم حظر ممارسات ذبح الشيشيتا اليهودية وذبيحة المسلمين في عام 2012 بعد أن قضت المحكمة الدستورية بضرورة صعق الحيوانات أولاً.

FotoMagnus Andersson/TT

لكن في عام 2014، ألغت المحكمة هذا الحظر بعد دعوى رفعها اتحاد الجاليات اليهودية بدعوى أنه يقيد الممارسة الدينية بشكل غير دستوري.

بعد تغيير في الحكومة في عام 2015 أدى إلى وصول حزب القانون والعدالة إلى السلطة، بدأ كاتزينسكي في الضغط من أجل قانون جديد لحماية الحيوان، حتى أنه ظهر في مقطع فيديو لمجموعة حقوق الحيوان "Viva" للترويج للفكرة في عام 2017. لكن أجبره الضغط من المعارضة الداخلية داخل حزب القانون والعدالة على التراجع، لكن عادت القضية مرة أخرى في عام 2020، عندما قدم كاتشينسكي ما يسمى بـ "Piątka dla zwierząt" (قانون خمسة للحيوانات).

اقترح هذه القانون تدابير لحماية حقوق الحيوان، بما في ذلك حظر تربية الحيوانات من أجل الفراء (صناعة تصدير بولندية كبيرة أخرى)، وشروط أكثر صرامة بشأن الظروف المعيشية للحيوانات، وقيود على طقوس الذبح.

تسبب التشريع في احتجاجات واسعة النطاق من المزارعين ومنتجي اللحوم. كما انقسم المعسكر الحاكم مرة أخرى، مع تمرد ضد مشروع القانون مما دفع بعض الشخصيات للحديث عن نهاية الائتلاف الحاكم (على الرغم من أن ذلك لم يحدث أبداً).

كما عارض الرئيس أندجي دودا Andrzej Duda، وهو عادة من حلفاء حزب القانون والعدالة، المقترحات التي قال إنها تقوض مصالح الصناعة الزراعية. وقدر عضو البرلمان ماريك ساويكي Marek Sawicki، أن هذا القانون سيقلل من صادرات اللحوم البولندية بمقدار 20 مليار زلوتي سنوياً. كما انتقد شودريش كبير الزعماء الدينيين، مشروع القانون موضحاً أن "طقوس الذبح هي أكثر أشكال الذبح إنسانية".

وكان من المفترض تعديل مشروع القانون، لكن تم التخلي عنه في النهاية، حيث أكد وزير الزراعة هنريك كووالتشيك Henryk Kowalczyk في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي أن هذا القانون لن يعود مرة أخرى. وكان قد قال في وقت سابق إن الجزء الوحيد الذي يصعب عليه قبوله هو الحد من طقوس الذبح.

تعطيل الأعمال بسبب جائحة كورونا

توقعت جمعية Halal Verif (منظمة غير حكومية فرنسية تصدر علامات للطعام الشرعي) في أواخر عام 2020 أن سوق اللحوم الحلال الأوروبية كان ينمو بنسبة 20٪ سنوياً. وبالنظر إلى حصص اللحوم الحلال الكبيرة في هيكل تصدير اللحوم الإجمالي، فمن المحتمل أن تكون بولندا قد صدرت الكثير من الكميات المتزايدة.

وأكد فورنوفسكي من مكتب Polityka Insight: "مع تعليق الحظر المقترح على طقوس الذبح الآن، فإن صناعة اللحوم في بولندا حريصة على تلبية هذا الطلب المتزايد، حيث أدى تعطيل الأعمال بسبب وباء كورونا وتفشي أنفلونزا الطيور وحمى الخنازير الأفريقية إلى الإضرار بالصناعة. لكن على الرغم من أن الطلب المحلي على اللحوم منخفض نسبياً في بولندا، فإن حجم الصادرات وقيمتها يجب أن يزداد في السنوات القادمة".

كما عاد مشروع قانون حماية الحيوان الخاص بكاتشينسكي فجأة إلى جدول الأعمال في عام 2020 بعد التخلي عنه في عام 2017، لكن لا يزال هنالك احتمالية حدوث ضغوط آخرى لحظر الطقوس أو تقييدها. لكن هذه الخطوة تحظى بدعم قوي من Lewica، وهي ثاني أكبر جماعة معارضة في بولندا، ودعم من بعض أجزاء التحالف المدني (KO) أيضاً، مع ذلك، أظهر حجم احتجاجات المزارعين وقوة الضغط الصناعي في عام 2020 أن الأمر يتطلب حكومة شجاعة لفرض قانون مماثل في المستقبل.

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©