المهاجرون في السويد: من عمود للاقتصاد إلى عبء يجب التخلص منه! "أكتر" مع الباحث بيتر باور
 image

عروة درويش

null دقائق قراءة|

أخر تحديث

المهاجرون في السويد: من عمود للاقتصاد إلى عبء يجب التخلص منه! "أكتر" مع الباحث بيتر باور

اقتصاد

Aa

الباحث بيتر باور

Foto: خاص أكتر

كثيرون منّا، وخاصة الموجودون في السويد منذ وقت طويل، لم يفهموا كيف تحوّل المهاجر من "عمود" يُسهم في رفع الاقتصاد السويدي وتعزيز التنوّع الثقافي والحضاري للبلاد، إلى "عبء" و"مشكلة" يجب حلّها، بل ووصل الحال إلى التقاذف السياسي من أجل "التخلّص" منها. يأتي هنا الباحث من جامعة مالمو بيتر باور Peter Bauer ليقطع شوطاً أطول من الذين سبقوه في محاولة فهم هذا التحوّل، ليس في العشر سنين الأخيرة وحسب، بل على مدى قرابة نصف قرن.

إليكم حوارنا مع بيتر والأجوبة التي حصلنا عليها منه في هذا الخصوص:

التحوّل في النظرة والأحداث التي قادت إليها

يوضّح بيتر بأنّ النظرة إلى المهاجرين بدأت تتغيّر في الستينيات، حيث تحولوا من مساهمين في الاقتصاد إلى أشخاص يعيشون على هامش المجتمع مع مشاكل في العمل والإسكان. ولكن حتّى في ذلك الوقت كان الاعتقاد بأنّ دولة الرفاه قادرة على حلّ هذه المشكلة.

ثمّ بعد السبعينيات بدأ صانعو القرار السياسي يرون بأنّ النسيج الثقافي للمهاجرين مختلف بشكل كبير عن السويديين (سواء فيما يخصّ المجتمع الأبوي أو ما يشبهه). ظهر هذا التوجّه بشكل خاص في سياسات التعدد الثقافي لعام 1984.

ورغم أنّ بيتر يؤكد صعوبة تتبّع الأحداث لحدث بعينه، لكنّ أبحاثه تُظهر أنّ الأسباب الرئيسية لذلك هو الركود الاقتصادي الذي عانت منه السويد منذ السبعينيات، والذي عنى حاجة أقلّ للعمالة المهاجرة. الأمر الآخر أنّ المهاجرين لم يعودوا يأتون من أوروبا الشرقية، بل باتوا يأتون من مشارب أكثر تعدداً عالمياً.

السياسات المحلية والوطنية

عند مناقشة بيتر في أنّ السياسات المحلية دوماً تتبع الوطنية، وإن كان هناك حالات استثناء على ذلك، أجاب بأنّ دراسته اقتصرت فقط على بلدية مالمو، ولهذا إجاباته محصورة فيها. من المرّات التي تحدّت السلطة المحلية السلطة الوطنية هي تعليم أطفال المهاجرين لغاتهم الأصلية، فعلى الصعيد الوطني كان هذا الأمر ضرورياً لتعليم أطفال المهاجرين اللغة السويدية، بينما لم ترَ السلطات المحلية أنّ ذلك ضروري.

المثال الآخر من التسعينيات، حيث كانت السلطات الوطنية ترى بأنّ المهاجرين جزء من المجموعة السكانية الأعم في السويد، بينما على الصعيد المحلي كان واضحاً بأنّ المهاجرين هم "فئة مُستهدفة"، وأنّ لدى الثقافة السويدية مشكلة في كونها مغلقة أمام المهاجرين، ولهذا كانت النزعة على المستوى المحلي هي أنّه يجب "استيعاب" المهاجرين بشكل أكبر.

من متعدد الثقافات إلى "استيعابي"!

يرى بيتر بأنّه وخلافاً لما كان سائداً في الماضي من نظرة تجاه المهاجرين من جعل المجتمع أكثر تعدداً ثقافياً، هناك ميل سياسي اليوم في السويد إلى "استيعابهم assimilationist" ضمن الثقافة السويدية.

من وجهة نظر بيتر أنّ هذا الميل السياسي يشبه الذي ساد في ستينيات القرن الماضي، والذي قاد بدوره إلى العديد من المشكلات، مثالها العزلة الاجتماعية والصعوبات داخل القطاع التعليمي. يضيف بأنّ النقلة إلى "التعدد الثقافي" في السبعينيات كانت في أساس محاولة لتفادي هذه المشكلات ومنح التقدير لثقافات المهاجرين.

ويؤكّد الباحث بأنّ التجربة السابقة للسويد مع مشاكل مشابهة للتي تواجه المهاجرين اليوم، لا يجب أن يُنظر إليها على أنّها "نقص في نهج الاستيعاب"، بل مشاكل ناشئة عن عناصر غامضة وغير واضحة في المجتمع السويدي.

الطريقة للتحدّث عن المهاجرين تصنع الفارق!

أبحاث باور حول المهاجرين تشير إلى أنّه يمكن لطريقة الحديث عنهم أن تصنع فارقاً بشكل أو بآخر، وقد قال عن هذه النقطة بعد استفسارنا عنها: "قد يكون جوابي أميل للتخمين لأني لم أدرس كامل الجدالات حول المهاجرين اليوم، ولكن الدروس التي يمكن استخلاصها من أطروحتي أنّ الطريقة التي يتحدث فيها المجتمع عن المهاجرين لها عواقب يمكن قياسها".

يعطي بيتر مثالاً ممتازاً: تعلّم اللغة السويدية من قبل المهاجرين. تمّ نقاش المشكلة وكأنّها مجموعة من المهاجرين غير الراغبين بالاندماج، وبالتالي سمح هذا النقاش بتشديد شروط اللغة ضمن نهج إجباري. بينما لو تمّ النظر إلى عدم تعلّم المهاجرين للغة وكأنّه نتيجة للتصورات المجتمعية السويدية السائدة عن المهاجرين (مثال العنصرية المتجذرة بشكل غير محسوس)، ستصبح عندها نقص المهارات اللغوية جزءً من مجتمع غير حصري، ويتم علاجها باستخدام منهج قائم على الحوار بين المعنيين.

في الختام، نشكر بيتر برو على توضيحه لنا الكثير من النقاط الهامة في تغيّر النظرة إلى المهاجرين في السويد اليوم، وأن نتمنى أن يكون القراء قد كونوا فكرة أفضل عن هذا التحول من أجل البحث عن وسائل ومناهج للتفاهم مع المجتمع السويدي الأصلي بحيث لا يتمّ السماح للعنصريين بقولبة الأشياء لصالحهم.

اقرأ ايضا

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

المزيد

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات