منوعات

المهاجر الذي نزع السكين من يد المجرم: العرب نخوة لكن الإعلام السويدي منحاز

المهاجر الذي نزع السكين من يد المجرم: العرب نخوة لكن الإعلام السويدي منحاز
 image

عروة درويش

أخر تحديث

Aa

المهاجر الذي نزع السكين من يد المجرم: العرب نخوة لكن الإعلام السويدي منحاز

عبد الروّاف القضايني المعروف باسم رافي، مهاجر من أصل ليبي جاء إلى السويد منذ 2001. برز اسم رافي مؤخراً في الإعلام السويدي بسبب بطولته في إنقاذ شخص من الموت بعد تدخله ونزع السكين من يد المهاجم واحتجازه ربع ساعة حتّى وصول الشرطة. لنتعرّف إلى قصّة رافي البطولية، وكذلك قصته كمهاجر، وأبرز المحطات فيها.

يعمل رافي حالياً في مجال الخدمة الاجتماعية في مساعدة الأطفال الذين لديهم ظروف تدعو لمساعدتهم. لكنّ رافي ومنذ قدومه للسويد عمل في الكثير من الأعمال، منها كراج سيارات، ومنها تنظيف الثياب، ومنها في المصانع...الخ. 

بطولة استثنائية

أثناء تجوّل رافي في مول إنغيلستا في نورشوبينغ، سمع فتاة تصرخ طلباً للمساعدة وهي تقف عند بوفيه مطعم يقع خلفه مباشرة المطبخ، فهرع ليساعد، فوجد بأنّه أمام شخص يمسك سكيناً، وآخر على الأرض وقد تلقى طعنة في عنقه والدماء "تنفر" من أوردته وهو يحاول أن يتراجع عن الضربة الثانية.

 سألتُ رافي: «نعلم بأنّ الإنسان في السويد قد يشهد جريمة يمكن منعها بسهولة في الشارع، ولا يقترب ويتابع طريقه... ما هذه الشجاعة والنخوة التي دفعتك للتدخل ونزع السكين من يد المجرم ناهيك عن إبقاءه محتجزاً ربع ساعة حتّى وصول الشرطة؟». بلهجة الليبي القريبة من القلب، قال رافي ووجهه بشوشو مبتسم: «الله سخرني لأنقذ الولد لأنو في بعمرو بقية وأي حد بمكاني كان عملها».

ثمّ تابع بنوع من السرد الممزوج بفكاهة من يريد التواضع والتقليل من مدى بطولته: «عندما أسرعت للمساعدة توقعت أن يكون شيء من قبيل اندلاق زيت على شخص، ولكن عندما وجدت نفسي داخل المكان لم يعد هناك خيار للتراجع، فإمّا أن أتدخل وأنزع السكين من يده وأبعده عن السكاكين الأخرى، أو أهرب... وأنت لا ترضى أن يُقال عن هذا الوجه بأنّه هرب وليس فيه رجولة... لهذا لم يكن لديّ خيار سوى التدخل».

والد هارب وكاميرات للتصوير

سألتُ رافي: «ألا يفترض بالمكان أن يحوي أشخاصاً آخرين، ألم يساعده أحد معك؟» فقال: «كان هناك أشخاص في المكان، لكنّهم لم يقوموا بالمساعدة... والد الشاب المجروح أطلّ برأسه قبل دخولي، وخشي الدخول، ولهذا أرسل الفتاة لتولول طلباً للمساعدة. كما كان هناك ستّة شبّان مفتولي العضلات فضلوا التصوير بموبايلاتهم على تقديم المساعدة أو حتّى الاتصال بالشرطة».

تابعت متحدثاً مع رافي: «ماذا لو تعرضتَ لأمر شبيه في المستقبل، هل ستتدخل أيضاً؟»، فكان جواب رافي كافياً ووافياً: «مع احترامي لجميع الجنسيات والأعراق، نحن العرب لا نزال نملك النخوة والشجاعة لعدم الوقوف دون تدخل، وأعتقد بأنّ أيّ شخص منّا كان ليفعل المثل ولم يكن ليمتنع عن تقديم المساعدة».

لدى رافي تاريخ يشهد على اندفاعه لمساعدة الأشخاص حتّى قبل الوصول إلى السويد. فكما أخبرنا، عندما سكن في مالطا لعدّة أعوام، كان هناك طفل يغرق، والموجودون على الشاطئ يخافون النزول إلى المياه الهائجة، فما كان من رافي إلّا أن استعان بالمثل الذي يقولونه في بلاد الشام «اللي مكتبلو عمر ما بتصيبو شدة»، ورمى بنفسه في المياه لينجح في إنقاذه ويعيده إلى أهله سالماً.

العنصريون متواطئون

سألتُ رافي: «هل شكرك أهل الشاب الذي أنقذته بطريقة ما؟» فأخبرني بأنّهم اتصلوا به في الليل ودعوه إلى الغداء مع عائلته في مطعمهم ليشكروه. تساءلت مع رافي: «هل برأيك تفيد هكذا مواقف شهمة في تحسين صورة المهاجرين ومنع العنصرية ضدّهم؟».

كان جواب رافي شديد الدقة والأهمية: «في الحقيقة الكثير من المهاجرين يقومون بأعمال ممتازة يُظهرون فيها شهامتهم ونخوتهم، الفرق أنّ قصتي وعلى غير توقعي حظيت بتغطية إعلامية. المشكلة هنا أنّ العنصريين يتجاهلون هذه القصص ويبثون فقط قصصاً سيئة عن المهاجرين... وكما تعلم في كلّ مجموعة هناك "الزين والشين"».

تابع رافي: «يذهلني الإعلام أحياناً عندما يقول بأنّ المهاجرين لا يعملون... جميع المهاجرين الذين أعرفهم يعملون، والنسبة الأكبر من معارفي الذين لا يعملون هم من السويديين... إذا أخذنا البناء الذي أسكن فيه كمثال، يسكن فيه 6 مهاجرين لم يمضِ عليهم وقت طويل في السويد وجميعهم يعملون وبعضهم يعمل عملين، و2 سويديين هما اللذين لا يعملان».

سأموت من أجلها ولكن أريد مغادرتها

رافي موجود في السويد منذ وقت طويل جداً، ولهذا كان سؤال «هل كانت السويد أفضل من قبل» مناسباً. لم يفكّر رافي في الإجابة وقال مباشرة: «كانت أفضل من قبل بكل تأكيد، فلم يكن هناك من يخرج حينها ليخبرنا بأنّ الأجانب عالة والأجانب سيئون، وكانت الحياة أسهل».

«هل أنت سعيد في السويد؟» هذا ما سألته لرافي ليجيب: «لولا أولادي لهاجرت وعدت إلى ليبيا على الفور حتّى في هذه الظروف. لكنّ هذا لا يعني بأنني لا أحبّ السويد، فلو دخلت السويد في حرب اليوم لقاتلت في صفوف جيشها على الفور». حاول رافي أن يشرح لي مشاعره المختلطة تجاه السويد قائلاً: «أولادي نصفهم سويدي، وأنا عشت في السويد فترة أطول من التي عشتها في ليبيا، ولهذا أشعر بالامتنان للسويد، ولكنني سأسعد أكثر خارجها وهذا ما سأفعله عندما تحين الفرصة».

يقدّم رافي نصيحة من خلاصة تجربته الطويلة في السويد قائلاً: «تعلموا اللغة، وليس نطقاً فقط بل كتابة أيضاً، فهذا سيسرّع في قدرتكم على شغل مناصب أكبر. الذين لا يعرفون اللغة سيضطرون للبقاء ضمن الأعمال التي لم يعد السويديون يعملون بها».

كان لقائي مع رافي ممتعاً، وكان مهماً بالنسبة لي أن ألتقي به وأعرف قصته. فعندما تقرأ قصّة رافي في صحيفة سويدية تشعر بأنّك تتحدث عن رجل جاء من الفراغ وقام بعملية إنقاذ منفرد ثمّ مضى في طريقه إلى العدم، أمّا أنا فأرى بأنّ رافي – وكذلك جميع من أقابلهم – لديهم قصص لها جذور وأسباب وتفاصيل لن نتمكن من فهمها والإحاطة بها دون سماع القصة كاملة منهم أنفسهم. أتمنى لرافي حياة جيدة وأن يحقق آماله دون أن يضطر للدخول في حرب.

تنويه: المواد المنشورة في هذا القسم تنشرها هيئة تحرير منصة أكتر الإخبارية كما وردت إليها، دون تدخل منها - سوى بعض التصليحات اللغوية الضرورية- وهي لا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة أو سياستها التحريرية، ومسؤولية ما ورد فيها تعود على كاتبها.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - منوعات

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©