مقالات الرأي

بل حكومة يمينية أفضل لنا….

Aa

بل حكومة يمينية أفضل لنا….

محمد أبو ناهية: باحث/صحفي 

شاع في الآونة الأخيرة "نظرية" تناقلها الكثير من مواطني السويد من أصول مهاجرة، تتحدث عن وجوب "رد الجميل" للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي استقبل المهاجرين ومنحهم الجنسيات والمساعدات والميزات - على حد قولهم -  هذه النظرية التي أرى بأنها لا تحترم الديمقراطية العريقة التي تتمع بها السويد، التي هي أقدم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إذ يعتبر هذا الحزب هو إحدى إنتاجاتها، وليس هو من أوجدها، التي تسبقه بمئات السنين. وما حصل المهاجرون على هذه المنح والمميزات إلا من خلال تراكم الحياة الديمقراطية بقوانينها وإنسانيتها وعراقتها، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه من وجه ديمقراطي إنساني متميز، أصبح مثالاً يُحتذى به في العالم أجمع. هذا الوجه الذي غير ملامحه الحزب الديمقراطي الإشتراكي بفعل انحيازه لليمين في الآونة الأخيرة وما صدر عنه من قوانين وممارسات وصفت بأنها غير ديمقراطية. وإن كان هناك رد للجميل فهو للسويد كبلد، للسويد الأكبر من الأحزاب مجتمعة؛ وذلك من خلال التأكيد على المواطنة الكاملة في هذا البلد، واحترام قوانينه، وثقافته، وممارسة الديمقراطية واختيار الحزب الذي تراه سيحافظ على الوجه الديمقراطي والإنساني للسويد، ويؤكد على التنوع الديني والعرقي والثقافي فيها. 

لماذا التباكي على حكومة اليسار؟ 

وبعد نتائج الانتخابات رصدت الكثير من تخوفات مواطني السويد من أصول مهاجرة من فوز اليمين، لا سيما عندما تأكدت قيادتهم للحكومة القادمة. وأدهشتني حالة التباكي عند الكثيرين منهم على حكومة اليسار، وكأننا كنا نعيش تحت ظلها في "ثبات ونبات"، وربما تناسى هؤلاء أنّ حكومة اليسار هي من :

  1. أصدرت قرارات الإقامة المؤقتة، وعَقَّدت الحصول على الإقامات الدائمة، وصعّبت لم الشمل وغيرها من قوانين الهجرة التي اعتبرت ظالمة.
  2. تجاهلت مشاعر المواطنين المسلمين، ولم تمنع حرق القرآن، وهي قادرة على منعه تحت قانون "حماية السلم المجتمعي"  دون أن تمس بقانون حرية التعبير. 
  3. أغلقت أكثر من 23 مدرسة إسلامية.
  4. اتهمت المهاجرين بإنشاء مجتمعات موازية وعزمت على استنساخ التجربة الدانماركية التي تقوم على هدم المناطق السكنية للمهاجرين وإعادة تنظيمها لتغيير التركيبة الديموغرافية لهذه المناطق، ما أكدته تصريحات ماجدالينا أندرشون الشهيرة التي قالت بأنها لا تريد رؤية "صومال تاون". 
  5. تجاهلت مطالبات أهالي الأطفال المسحوبة أطفالهم من قبل دائرة السوسيال بمحاسبة الموظفين الذين أساؤوا استخدام قانون LVU، بل اتهمتهم بتشويه سمعة السويد بدل محاورتهم والاستماع لهم.
  6. أصدرت قانون الشرف الذي اعتبره الكثيرون بأنه لا يحترم خصوصية الأقليات - على حد وصفهم.

وغيرها من الوعود الانتخابية التي لم تترك فيها أحزاب اليسار لليمين شيئاً من العداء للمهاجرين. فعن أي "أخف الضررين" نتحدث إذن؟ فالإشتراكي كاليمين، ولكن اليمين يتكلم بها دون مواربة، أما الاشتراكي فيغطيها بشعارات الديمقراطية والحرية والتعددية المزعومة. 

لماذا حكومة يمنية أفضل من حكومة يسارية؟  

إنّ المراقب لسلوك حكومة اليسار خلال الثماني سنوات السابقة، يستطيع أن يفسر سبب جنوحها نحو اليمين، الذي يتجسد برغبتها في استرجاع أصوات الناخبين الذين اختاروا أحزاب اليمين في الانتخابات السابقة، الذي نتج عنه تلك القرارات والممارسات. فتخيل أن أحزاب اليسار الآن استمرت في الحكم فكيف ستكون قراراتها؟! وهي التي خسرت في هذه الانتخابات أضعاف الذي خسرتهم في تلك الانتخابات! وتخيل كذلك كيف ستكون حالة الاستقطاب في المجتمع في حال استمرار اليمين في معارضة هذه الحكومة؟! وكيف ستكون حالة ومصير المواطنين من أصول مهاجرة في هذه المعركة؟ّ! 

لذلك فإنّ الأفضل لمواطني السويد من أصول مهاجرة - من وجهة نظري - أن تكون الحكومة القادمة يمينية وليست يسارية، وذلك للأسباب التالية:

  1. وصول اليمين إلى السلطة يعني الوصول إلى الهدف الذي استشرس اليمين للوصول إليه وهو الحكم، وبالتالي سينتقل من حرية المعارضة الشعبوية العدائية غير المقيدة، إلى ضوابط السلطة والحكومة الملتزمة بقوانين ودستور وشرائع تحتاج إلى إجماع برلماني وقانوني لتغييرها، فضلاً عن الاتفاقيات والمعاهدات الأوروبية والدولية الملزمة.
  2. وجود معارضة يسارية قوية؛ يعني أنّ أحزاب اليسار قد عادت لرشدها وتوقفت عن استمرارها في التسابق نحو اليمين من جهة، وأصبح هناك معارضة حقيقية لحكومة اليمين العنصرية وقراراتها وانتهاكاتها للديمقراطية السويدية والتنوع والتعدد الذي يتميز به المجتمع من جهة أخرى. هذه الحالة التي ستشكل سنداً قوياً لمواطني السويد من أصول مهاجرة يتوافق مع مطالبهم. 
  3. سيكون اليمين أمام تحد حقيقي - بعيداً عن الشعارات - لحل المشكلات المجتمعية كانتشار الجريمة، وفشل سياسة الاندماج، وتوفير فرص عمل للمهاجرين التي يتوق إليها المهاجرون، ناهيك عن التردي الاقتصادي والتوترات العسكرية وغيرها من القضايا التي اتُّهمت حكومة اليسار بالعجز أمامها. 
  4. وجود حكومة يمينية سيحفز المهاجرين ومؤسساتهم العاملة لإيجاد عنوان جديد يحافظ على وجودهم وهويتهم في ظل المد العنصري القادم. 

كيف سنواجه تحديات المرحلة القادمة؟ 

وصحيح أنّ حكومة اليمين أفضل كما ذكرت من ناحية فرملة حالة الاستقطاب من جهة، وظهور معارضة قوية للحكومة اليمنية من جهة أخرى، إلا أنّ حالة الإلغاء ستستمر باتجاه المهاجرين من قبل الأحزاب اليمنية التي ستحاول أن تجعل من شعاراتها الانتخابية قوانين ثابتة ضدهم، إذ لن يستطيع العمل الفردي والمشتت في مواجهة هذا الواقع، وسيتوجب على المهاجرين ومؤسساتهم العاملة تشكيل إطار تنسيقي فيما بينهم، ستكون مهمته في: 

1- تأسيس منصة إعلامية تستطيع إيصال صوتهم للرأي العام السويدي من جهة وتوضيح الصورة الحقيقية عنهم.

2- تأسيس جمعية حقوقية تستطيع الوقوف في وجه القوانين والممارسات العنصرية بطريقة قانونية حضارية ديمقراطية.

3- النضال السياسي وتنسيق التحالف مع المعارضة اليسارية ودعمها والعمل معها ضد العنصرية.  

وبغير هذا سيبقى مواطنو السويد من أصول مهاجرة عرضة لرياح اليمين التي ستعصف بهم ولا نعرف إلى أين ستصل.    

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©