كان جيرغن رجلاً بسيطاً ومجدّاً، عاش حياته يعمل كرسام محترف ويعتني بأدق تفاصيل حياته اليومية. لكن العقد الأخير من حياته شهد انحداراً مؤلماً بعد أن تغلّب عليه الإدمان، لينتهي به الحال في مأوى "Rysseviken"، حيث تركت حياته لتواجه الإهمال والمصير القاسي. من حياة العمل إلى مأساة الإهمال في مايو الماضي، بدأت صحة جيرغن تتدهور بسرعة. لم تعد قدماه قادرتين على حمله، وكان بحاجة ماسة إلى رعاية طبية. لجأ إلى طلب المساعدة من سيارة الإسعاف التي وصلت إلى مأوى "ريسيفيكين"، المخصص للأشخاص الذين يعانون من الإدمان والاضطرابات النفسية. لكن الوضع لم يكن بهذه البساطة؛ فقد رفضت سيارة الإسعاف نقله بسبب انتشار حشرات بق الفراش في جسده وملابسه، واشترطت تطهيره قبل أي إجراء طبي. هذا الشرط، الذي كان يبدو بسيطاً، أصبح مستحيلاً بسبب الإهمال الكبير في المأوى. على مدار يومين، تُرك جيرغن في غرفته وحيداً. لم يقدم له أحد المساعدة أو الرعاية اللازمة. كان الوضع في المأوى قد وصل إلى حالة من الفوضى بعد إفلاس الشركة المشغلة، حيث غاب الموظفون وتوقفت الخدمات. بعد يومين، عُثر عليه ميتاً في غرفته بحسب تحقيق خاص للتلفزيون السويدي SVT، تاركاً وراءه الكثير من الأسئلة حول مسؤولية الجهات المعنية. واقع مأوى "Rysseviken": إهمال مستمر وصمت قاتل مأوى "Rysseviken" ليس مجرد مأوى منخفض العتبة، بل كان مكاناً يجمع الأشخاص الذين لا يجدون مكاناً آخر يلجؤون إليه. ورغم تكرار البلاغات عن الأوضاع الكارثية داخله، استمرت البلديات في إرسال الأشخاص الأكثر ضعفاً إليه، دون أي محاولة حقيقية لتغيير الوضع. على مدار السنوات، سجل المأوى 12 حالة وفاة، لكن غياب البلاغات القانونية منع فتح أي تحقيق رسمي. أخته تينا، التي زارت غرفته بعد وفاته، وصفت المشهد المؤلم قائلة: "لقد كان جيرغن إنساناً دقيقاً ونظيفاً. أن أراه ينتهي في هذا الوضع المؤلم، بين الحشرات والقذارة، هو أمر لا يمكن تصوره." المسؤولون عن إدارة الصحة في منطقة ستوكهولم دافعوا عن إجراءاتهم، مشيرين إلى أنهم اتبعوا البروتوكولات المتبعة. ومع ذلك، فإن هذه الحادثة تُبرز فجوة كبيرة في نظام الرعاية الاجتماعية، وضرورة إعادة النظر في آليات التعامل مع الفئات الأكثر ضعفاً.