قد يكون افتتاح مطعم في السويد عملاً مدراً للمال، وهو خيار يلجأ إليه العديد من أبناء الجالية العربية، ففي الظاهر يبدو أن كل ما يحتاجه المرء هو مهارات الطبخ وبعض مقدرات الإدارة. لكن الحقيقة أن إدارة مطعم مهمة تنطوي على الكثير من التحديات والمسؤوليات. لأن صاحب المطعم سيكون الملام الوحيد في حال وقوع أي مشكلة داخل حدود مطعمه.
لماذا نفكّر بافتتاح مطعم في السويد؟
تختلف دوافع بعض أبناء الجالية العربية في اهتمامهم بافتتاح مطعم في السويد. فالبعض يختار هذه المهنة لأنه يظن بأن الطعام العربي مطلوب ومرغوب ضمن السويد. آخرون يعتبرون أن العمل ضمن المطعم قد يكون صعباً مقارنة بمهن أخرى تحتاج مستوى متقدم من إتقان اللغة السويدية. لكن وعندما سألنا في أكتر عن دوافع أخرى لافتتاح مطعم أخبرنا "ماهر" أحد المقيمين في مدينة ستوكهولم، والذي يمتلك خبرة طويلة من العمل في مجال المطاعم، بأنه يعرف أشخاصاً، وتحديداً رجال أعمال فكروا بافتتاح مطعم فقط لأنهم يمتلكون فائضاً من المال، أو لأنه يرون في المطعم شكلاً من أشكال العلاقات العامة، بحيث يفتتحون المطعم ليكون لديهم مكان لتنظيم الأنشطة، ودعوة رجال أعمال آخرين.
المطاعم كمساحة للأعمال غير الشرعية
كذلك الأمر هناك كما يقول ماهر دوافع مظلمة لافتتاح مطعم حينما يبدأ صاحب المطعم ببيع عقود العمل إلى الموظفين ويستقدمهم من بلدان أخرى، كمصر أو العراق مقابل (10 -15) ألف دولار، لقاء كل عقد عمل، وبالتالي فالمطعم في هذه الحال يكون مجرد واجهة للأعمال غير الشرعية، وقد يتخلى صاحب المطعم عن موظفيه، ويلغي عقود عملهم بمجرد وصولهم إلى السويد.
افتتاح مطعم في السويد مهمة صعبة
وعند سؤاله إن كان يفكر في افتتاح مطعم في السويد بعد أن افتتح مطاعم في سوريا ومصر ولبنان، أجاب ماهر بأنه لا يفكر أبداً بالقيام بخطوة من هذا النوع، وأضاف مبرراً إجابته: "لن يكون بمقدوري النوم بعد الآن، ولن أعود إلى منزلي قبل الرابعة صباحاً". فماهر يعني بذلك أن امتلاك وإدارة مطعم من وجهة نظره عبءٌ ثقيل، لأن هناك مهام كثيرة ينبغي القيام بها كحل المشكلات مع العاملين وتصليح البرادات أو أي أعطال أخرى، إلى جانب الإشراف على سيرورة العمل ككل، والتأكد من عدم ارتكاب مخالفات من أي نوع.
من جانب آخر، تختلف مرابح المطاعم تبعاً لنوعها وطبيعة المنتجات التي تقدمها، لكن عموماً ووفق رأي ماهر، الأرباح في مجال المطاعم قد تكون أخفض من الأرباح في المقاهي مثلاً لأن كلفة تجهيز المطاعم وإنتاج الطعام ومستلزماته أعلى. كما أن هناك عاملٌ قد لا يفطن له البعض ويتعلق بأسعار المواد المقدمة في الأطباق. إذ يقول ماهر الذي يعمل حالياً في فندق فخم في مدينة ستوكهولم. أن الفندق أحياناً يقدم لزبائنه قطعة من فيله اللحم يصل سعرها إلى 500 كرون، لأن نوعيتها جيدة جداً. وبالتالي فالأسعار التي يضعها كل مطعم تتعلق أحياناً بكلفة ونوعية المواد التي يستخدمها في أطباقه في المقام الأول.
وبالتالي لا يمكن تماماً تقدير الأرباح في قطاع المطاعم، لكن عموماً وفق آخر إحصائيات نشرتها هيئة الإحصاء السويدية، ذكرت الهيئة أن هناك ارتفاعاً بحجم مبيعات المطاعم بنسبة 54.9 في المائة في الربع الرابع من عام 2021 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، خاصة وأن قطاع المطاعم تضرر بصورة كبيرة في فترة وباء كورونا وما تلاها.
مهمة صاحب المطعم في نقل المعارف
كما يؤكد المهندس حسن الماغوط المفتش الحكومي في هيئة الأغذية السويدية، لا تشترط السويد أن يمتلك صاحب المطعم شهادة فعلية من مدرسة طبخ أو مجال ذات صلة بالصناعات الغذائية. لكن ورغم ذلك تقع على عاتقه مهمة تدريب عماله ونقل جميع المعلومات اللازمة والمُحدثة حول سلامة الغذاء ومعايير النظافة وروتين العمل الواجب اتباعه. وكذلك الأمر ينبغي على مدير المطعم الاحتفاظ بجميع الفواتير والكشوف التي تثبت مصدر المنتجات التي يستخدمها في مطعمه والكميّات التي دخلت على المطعم. لأن وجود هذه الفواتير والقوائم ضرورية بالنسبة لمفتشي الهيئة العامة للغذاء كي يقرروا ما إذا كان هناك عمليات غش تحصل ضمن المطعم، كأن يقدم للزبون مثلاً شريحة من اللحم مرتفعة السعر فعلى أساس أنها قطعة من الفيليه مثلاً في حين أن اللحم المستخدم حقاً أرخص سعراً.
وفي الختام تبقى فكرة افتتاح مطعم، فكرة مغرية في نظر الكثيرين ممن يملكون المؤهلات المطلوبة وممن يفضلون بدء عمل خاص بهم بدلاً من العمل عند الآخرين. لكن إيجابيات هذه المهنة تبقى مرهونة بالكثير من التحديات والصعوبات التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند الإقدام على خطوة افتتاح مطعم.