كشفت تحقيقات أجرتها صحفية افتونبلاديت عن انتهاكات جسيمة في معايير النظافة داخل سلسلة مطاعم الوجبات السريعة السويدية «ماكس»، حيث أدلى عدد من الموظفين الحاليين والسابقين بشهادات صادمة حول ممارسات غير صحية تمس مباشرة سلامة الغذاء. وفقًا لما نقلته صحيفة «أفتونبلادت»، أفاد 25 موظفًا حاليًا وسابقًا بأن مخفوق الحليب (ميلك شيك) يُسكب في دلاء مخصصة للتنظيف أثناء غسل الماكينة، ثم يُعاد صبه في الجهاز ليُقدم لاحقًا للزبائن. الأمر لا يقتصر على ذلك، حيث ذكر الموظفون أن تلك الدلاء نفسها تُستخدم لإفراغ مياه الصرف الصحي ومسح فضلات الطيور عن الطاولات الخارجية. وفي شهادة أخرى، أكد العاملون أن مقاعد المراحيض تُوضع داخل غسالات الصحون، بينما يتم تقديم البرغر والدجاج بعد بقائه لساعات في درجة حرارة الغرفة، مما يعرض المستهلكين لمخاطر صحية جسيمة. جدل حول اتفاقيات السرية: تكميم للأفواه أم إجراء إداري؟ كشف التحقيق عن استخدام سلسلة المطاعم لاتفاقيات سرية تُفرض على الموظفين كجزء من عملية التوظيف، ما يمنعهم من التحدث علنًا عن تجاربهم داخل فروع المطعم، حتى بعد انتهاء عملهم. وأثار هذا الأمر انتقادات قانونية واسعة، حيث وصفته جهات حقوقية بأنه "غير معقول" ووسيلة لـ"إسكات الموظفين". ووفقًا لشهادات موظفين حاليين وسابقين، فإن توقيع اتفاقية السرية شرط أساسي للالتحاق بالعمل، ما يجعلهم مترددين في كشف أي مخالفات قد تحدث داخل الفروع. وقالت إحدى الموظفات: "لقد وقّعت على اتفاقية تمنعني من الحديث مع الصحافة، لذا يجب أن أبقى مجهولة الهوية"، فيما أكد موظفون آخرون أن هذه الاتفاقيات تثير الخوف بين العاملين وتجعلهم يترددون في التحدث عن أي مشاكل تتعلق بظروف العمل أو النظافة. وينص الاتفاق الذي يُلزم الموظفين بالتوقيع عليه على التالي: "أتعهد بعدم إفشاء أي معلومات تتعلق بالشركة أو عملائها لأي طرف خارجي، سواء خلال فترة العمل أو بعد إنهاء الخدمة." اعتبرت أنيت أولوفسون، المستشارة القانونية في اتحاد LO-TCO، أن هذه الاتفاقية "غير منطقية" وتتجاوز حدود الالتزامات العادية بين الموظف وصاحب العمل، موضحة: "حتى بدون وجود هذه الاتفاقية، يلتزم الموظفون بواجب الولاء لأصحاب العمل، ولكن ما نراه هنا هو محاولة تكميم الأفواه، ومنع حتى الحديث عن الأمور اليومية داخل العمل. هذا أمر غير معقول على الإطلاق". وأضافت: "مثل هذه الاتفاقيات تُخيف الموظفين، رغم أن القانون لا يمنعهم من الحديث عن بيئة العمل مع النقابات أو الجهات المختصة. نادراً ما يتم الطعن في مثل هذه الاتفاقيات قضائيًا، ولكن هذا لا يعني أنها قانونية أو عادلة". من جهته، نفى هنريك بيستروم، رئيس قسم الاتصالات في الشركة، أن يكون الغرض من هذه الاتفاقيات تقييد حرية الموظفين، مؤكدًا: "سنراجع هذه الاتفاقية، لكن بقدر ما نعلم، لا يوجد ما يمنع الموظفين من التحدث إلى ممثلي النقابات العمالية. نحن نؤمن بالشفافية ولا يوجد لدينا ما نخفيه". إدارة المطاعم ترد على التحقيق: "انتهاكات خطيرة وسنتخذ إجراءات عاجلة" أبدى المسؤولون في سلسلة مطاعم الوجبات السريعة ردود فعل قوية على التحقيق الصحفي الذي اجرته صحيفة افتونبلاديت والذي كشف عن ممارسات غير صحية داخل الفروع. وصرّح هنريك بيستروم، رئيس قسم الاتصالات في الشركة، بأن الانتهاكات التي تم توثيقها "بالغة الخطورة" وقد تستدعي اتخاذ إجراءات قانونية، مؤكدًا أن "هذا الأمر لا يمكن أن يستمر على هذا النحو". وأثار التحقيق العديد من التساؤلات حول معايير النظافة وسلامة الغذاء، حيث كشفت الصور والمقاطع المصورة عن إعادة استخدام مخفوق الحليب بعد سكبه في دلاء مخصصة للتنظيف، وغسل مقاعد المراحيض في غسالات الصحون، بالإضافة إلى إعادة تسخين الطعام لساعات قبل تقديمه. وأكد بيستروم أن هذه الممارسات "تتنافى تمامًا مع البروتوكولات المعتمدة"، مشيرًا إلى أن الشركة ستجري تحقيقًا داخليًا عاجلًا للتأكد من عدم تكرار هذه الحالات. وأضاف: "نقوم بإجراء أكثر من 2000 فحص داخلي سنويًا، وعند رصد أي مخالفة يتم اتخاذ تدابير تصحيحية فورية". وفيما يتعلق بالمزاعم حول تحذير الموظفين من عمليات التفتيش المفاجئة، قال بيستروم: "إذا ثبتت صحة ذلك، فسيكون أمرًا خطيرًا للغاية، لأن هذه الفحوصات تهدف إلى ضمان أعلى معايير الجودة والنظافة". أما عن الضغوط المفروضة على تقليل نسبة الهدر الغذائي، والتي قد تؤدي إلى إعادة تسخين الطعام وتقديمه بعد ساعات، فقد أوضح أن تقليل الفاقد لا يجب أن يأتي على حساب السلامة، مشددًا: "عند انتهاء صلاحية الطعام، يجب التخلص منه فورًا وفقًا للإجراءات المتبعة". كما علّق على ما وثّقه التحقيق حول إعادة ضبط المؤقتات الخاصة بالطعام الساخن، مؤكدًا أن "إعادة تشغيل المؤقتات مخالفة صريحة"، مشيرًا إلى أن أقصى مدة لحفظ الطعام الساخن لا تتجاوز 30 دقيقة، وبعدها يجب التخلص منه. وفيما يتعلق بالمزاعم بأن الموظفين يتم تدريبهم على هذه الممارسات غير الصحية، نفى بيستروم ذلك قائلًا: "هذه معلومات جديدة بالنسبة لي، وسنحقق في الأمر بشكل عاجل. لا يوجد أي تهاون أو غش منهجي في إجراءاتنا، فسلامة الغذاء والنظافة هما أولويتنا القصوى". إجراءات تصحيحية: تحقيقات وتدريب إلزامي للموظفين ردًا على التقارير الواردة، أعلنت سلسلة «ماكس» عن سلسلة من التدابير التصحيحية، من بينها تكثيف عمليات التفتيش المفاجئة، وفرض تدريب إلزامي لجميع الموظفين حول قواعد النظافة وسلامة الغذاء. وأشار البيان إلى أن «ماكس» لديها وحدة خاصة بالتدقيق الداخلي تجري أكثر من 2000 زيارة سنويًا لمراقبة التزام المطاعم بمعايير السلامة، بما يشمل عمليات التنظيف والصيانة. اجتماع أزمة: رسالة واضحة للموظفين عقب نشر التحقيق، عقدت إدارة «ماكس» اجتماع أزمة مع بعض موظفيها في ساعات الصباح الباكر لمناقشة تداعيات الفضيحة، حيث وجهت رسالة للموظفين جاء فيها: «يجب ألا يشعر أي زبون بالقلق عند تناول الطعام لدينا. التزموا بسؤال أنفسكم: هل يمكنني تقديم هذه الوجبة لصديقي المقرب؟ إذا كان الجواب لا، فلا يجب تقديمها للزبائن». يُذكر أن سلسلة «ماكس»، التي تأسست عام 1968 في السويد، تُعد واحدة من أشهر سلاسل مطاعم الوجبات السريعة في البلاد، ولديها أكثر من 180 فرعًا في السويد والنرويج والدنمارك وبولندا.