مقالات الرأي

تخويف السويديين للانضمام للناتو يهدد بتوتير عسكري كبير

Aa

تخويف السويديين للانضمام للناتو يهدد بتوتير عسكري كبير

مقال رأي- الكاتب: عروة درويش 

يستمرّ المستفيدون من الحرب – سواء شركات السلاح أو الذين يريدون صرف الانتباه عن المشاكل الداخلية إلى "حروب وطنية"، بالدفع نحو الناتو. المشكلة هنا أنّ الحشد المستمر من قبل السياسيين الموالين للولايات المتحدة كي تنضمّ السويد إلى المعركة ضدّ روسيا بذرائع حماية الأمن والديمقراطية وغيره من الهراء، قد يعني وضعهم "أمام بوز المدفع" في المعركة القادمة.

مثل هذه المعركة ليست بالضرورة خيالية، فأوروبا – شاء من شاء وأبى من أبى – مضطرة للبقاء ضمن جغرافيا تحكمها فيها جيرة روسيا. لن أتحدث هنا عن التعاون الاقتصادي والاعتماد على المواد الأولية الروسية من أجل استمرار النمو في أوروبا، فرغم جميع القطع الإعلامية التي ترقى لتكون مضحكة في بعض الأحيان، سنكون شاهدين عليه خلال سنوات.

أسلاك شائكة مكهربة للناتو

كيف تريدون تغيير الجغرافيا؟

إنّ فنلندا، وهي التي استفادت أيام الحرب الباردة من حيادها لحدّ صعودها سلّم المساواة والتنمية بأقصى ما يمكن، طلبت اليوم الانضمام للناتو. لكنّها تتشارك مع روسيا حدوداً بطول ١٣٤٠ كيلومتر، أي أطول من حدود أوكرانيا مع روسيا. كيف يمكن لأحد أن يفهم أنّ ضمان أمنك سيكون باستفزاز جارك.

الأمر الآخر الذي – شاء من شاء وأبى من أبى – على الأوروبيين مواجهته، أنّ روسيا الممتدة على مساحة تقريبية ١٧ مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها أكثر من ١٤٥ مليون نسمة، تسعى للاستغناء عن أوروبا اقتصادياً، وهي قادرة على ذلك بفضل الصين والهند ودول آسيان، ناهيك عن بقيّة دول العالم. إضافة إلى أنّها تملك ثاني أكبر جيش في العالم، وتحتفظ بآلاف الرؤوس النووية.

Anders Wiklund/ TT

التخويف كآليّة قديمة متجددة

اعتماد التخويف كوسيلة للدفع نحو قرار سياسي ليس بالأمر الجديد، وليس مقتصراً على السياسيين السويديين. لكنّه نهج يقوم به الأوروبيون والأمريكيون منذ سنوات، في محاولة تحضير شعوبهم لخطوات لمواجهة «الخطر الروسي». أذكر في بداية ٢٠١٨ كيف هيّئ الإعلام العالم لحرب نووية قادمة، حيث تمّ إطلاق صافرات الإنذار الشاملة في هاواي استعداداً لتلقي صاروخين باليستيين، ليتبيّن بأنّه إنذار خاطئ. بعد أقلّ من يومين، تكرر الأمر في اليابان في قاعدة عسكرية أمريكية، حيث انطلقت صافرات إنذار نظام التصدي للصواريخ، ليتبيّن بأنّ الأمر خاطئ.

في منتصف العام الماضي دخلت سفينة حربية بريطانية المياه الإقليمية للقرم، الأمر الذي تمّت تغطيته على أنّه «موقف بريطاني رافض لاستيلاء روسيا على القرم». لكن ماذا لو ردّت روسيا على هذا الموقف الرافض بطريقة أكثر قسوة من إطلاق النار بشكل تحذيري على السفينة الحربية؟ طبعاً غطّى الإعلام الغربي الحادثة على أنّها «تهديد روسي» لأوروبا يجب أخذه بالاعتبار. بل ذهبت النيويورك تايمز إلى اعتبار الأمر دفاعاً عن التحليق الجوي الروسي المتكرر في محيط المجال الجوي للناتو في شمال أوروبا.

إنّ عقليّة التخويف المتبعة في السويد اليوم تضع البلاد على عتبة خطيرة، حيث التخويف والتوتر والإنذارات تقارب حدوث كارثة. قد لا تقوم روسيا بمهاجمة السويد بشكل مباشر إذا ما تمّ قبولها في حلف الناتو، ولكن بالتأكيد لن تكون السويد بعد اليوم هي الدولة المحايدة القادرة على تجنيب شعبها خطر معارك لا طائل منها، ولا تصبّ في مصلحتها.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©