تشتهر إسبانيا عالمياً بمنتجات مثل الفواكه والخضروات والنبيذ وزيت الزيتون ولحم الخنزير، إلا أن قلة من الناس يعرفون أن لديها أيضاً وفرة من مواد أكثر قيمة، مثل الذهب. ففي مدينة أستورياس وحدها، يُقدِّر الخبراء وجود ما يصل إلى 480 من رواسب الذهب في المنطقة. لكن أكبر منجم ذهب، والأكثر إثارة للجدل إلى هذه اللحظة، هو منجم سالاف في بلدية تابيا دي كاسارييغو، حيث كشفت الدراسات أنه يمكن أن يكون هناك ما يصل إلى 300 ألف كيلوغرام (300 طن) من رواسب الذهب غير المستغلة تحت الأرض. وفي القرن الماضي أو نحو ذلك، بُذلت محاولات لاستخراج الذهب ولكن القليل منها كان ناجحاً، حيث أجرت العديد من شركات الاستخراج دراسات ومسوحات في المنطقة ولكنها لم تستطع المضي قدماً والاستفادة من منجم الذهب الطبيعي في أستورياس.سبب العجز عن الاستخراجيعود السبب في ذلك إلى أن التعدين سيكون له عواقب بيئية خطيرة على المنطقة، الأمر الذي جعل المنجم نقطة للخلاف بين السكان المهتمين بالبيئة وعمال المناجم، حيث يخشى العديد من سكان المنطقة أن يؤدي التدهور الطبيعي الناتج عن مشروع استخراج كبير كهذا إلى تدهور نوعية حياتهم، بينما يخشى آخرون أن يتم طردهم من منازلهم.ومع ذلك، يبدو أن شركات الاستخراج حريصة على المضي قدماً رغم المعركة القانونية والبيئية التي تدور منذ سنوات. ففي عام 2010، اقترحت شركة AsturGold مشروعاً لاستخراج الذهب من المنجم ولكن تم استبعاده في ديسمبر 2014 من قبل المدير التنفيذي الإقليمي لأستورياس. أيدت المحكمة العليا، بعد ثلاث سنوات، في عام 2017، حق النقض في أستورياس، ما أوصل المجموعات البيئية وشركات التعدين إلى طريق مسدود.لا يعني هذا الأمر أن عمال المناجم فقدوا الأمل بالاستفادة من أراضي أستورياس الغنية بالموارد في المستقبل، هذا ما أوضحه خوسيه مانويل دومينجيز José Manuel Domínguez، مدير شركة Exploraciones Mineras del Cantábrico EMC، والناشط في مشروع الاستخراج في منجم الذهب، للصحافة الإسبانية قائلاً: "نأمل أن نبدأ في إنتاج الذهب في المنجم في غضون ثلاث سنوات"هذا ويهدف مقترح مشروع EMC الأحدث إلى استخراج حوالي 31000 كيلوغرام من الذهب على مدار 14 عاماً، لكنه تلقى بالفعل 1،297 شكوى بيئية ما زالت قيد المراجعة. في حين تم وضع الاقتراح حالياً قيد الدراسة على أمل البدء في إنتاج الذهب بحلول عام 2025، ما سيجلب 300 ألف كيلوغرام من الذهب، أي ما يقرب الـ 15 مليون يورو، كما سيوفر المشروع قرابة الـ250 فرصة عمل في أستورياس ومقاطعة لوغو. المعارضة للمشروعيعارض السكان المحليون، من الناحية الأخرى، هذه الخطة بشدة. ففي أبريل/نيسان، قام المئات من الأشخاص بالجمع في تابيا دي كاسارييغو للاحتجاج على مشروع الاستخراج المقترح. في حين تتعاون مجموعة (لا للذهب Oro No) البيئية مع الجمعيات السياحية والمنظمات المجتمعية ومجموعات الصيد والتعاونيات الزراعية لإيقاف هذا المشروع، كما تدعو الحكومة المحلية إلى التدخل. وقد أعرب المتظاهرون عن مخاوفهم بشأن الآثار التي قد يُحدثها تنفيذ المشروع على أسلوب حياتهم وعلى البيئة والأنشطة الاقتصادية التقليدية في المنطقة.التاريخ الرومانيتم اكتشاف المنجم لأول مرة من قبل الرومان في القرن الأول وبالكاد تم استغلاله منذ ذلك الحين، ولهذا السبب يعتبر الآن أحد أكبر مناجم الذهب غير المستغلة في أوروبا. هذا ويعتقد المؤرخون أنه خلال العصر الروماني، تم استخراج ما يصل إلى 7000 كيلوغرام من الذهب باستخدام طريقة استخلاص بارعة تسمى ruina montium، وهو نظام قائم على تدمير الهياكل باستخدام الماء. إلا أن المؤرخين غير متأكدين من سبب تخلي الرومان في نهاية المطاف عن مشروع الاستخراج في سالاف، حيث أن مئات الآلاف من الكيلوجرامات من الذهب التي تُركت وراءهم دون مساس لا تزال موضع جدل كبير حتى يومنا هذا.