أخبار السويد

تفاصيل مهمة لفهم محاكمة الضابط السوري في السويد

تفاصيل مهمة لفهم محاكمة الضابط السوري في السويد image

عروة درويش

أخر تحديث

Aa

ضابط سوري السويد محاكمة

تفاصيل مهمة لفهم محاكمة الضابط السوري في السويد

أصدرت محكمة مقاطعة ستوكهولم الخميس 20 يونيو حكمها ببراءة ضابط سوري برتبة عميد (هو على الأرجح العميد محمد حمو) من تهمة ارتكاب جرائم حرب أثناء الحرب السورية، وذلك بعد أن قدّرت المحكمة أنّ الأدلّة لا تكفي لإثبات التهمة والحكم بالإدانة. لكن كيف يتم جمع هذه الأدلة، وما هي الأدلة المقبولة؟ وماذا الآن، هل انتهى الأمر؟ وما الدور الذي يلعبه تقيّد الضابط السوري بالأوامر في إعفاءه من المسؤولية؟ كلّ هذه الأسئلة يجيب عنها لمنصّة "أكتر" البروفسور مارك كلامبيري Mark Klamberg، رئيس قسم القانون الدولي العام في جامعة ستوكهولم.

البروفسور كلامبيري أكثر من مؤهل للتعليق على هذه القضيّة وعلى الظروف التي تحيط بالقضايا الشبيهة، فهو نائب مدير مركز ستوكهولم للقانون الدولي والعدالة (SCILJ)، وباحث مقيم في كلية الخدمة الدولية (SIS) في الجامعة الأمريكية. وزمي أول في كلية كارتر للخدمة الدولية. وخبير للبعثات المخصصة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا كجزء من آليات الأبعاد الإنسانية (المعروفة أيضًا باسم آلية موسكو)، إضافة للكثير من المسؤوليات والمناصب الأخرى التي يشغلها.

كيفيّة جمع الأدلّة وتقييمها

عندما نتحدّث عن محاكمة ضابط سوري في السويد بتهمة ارتكاب جرائم حرب في سورية، فنحن لا نتحدّث عن ساحة جريمة يمكن للشرطة أو سلطات إنفاذ القانون السويدية أن تنزل إليها وتجمع المعلومات. لهذا كان لزاماً أن أستفسر من البروفسور كلامبيري عن كيفيّة جمع الأدلة وتقييمها في القضايا التي تنطوي على ادعاءات بارتكاب جرائم حرب؟ على وجه الخصوص، كيف يتم التعامل مع الأدلة غير الواضحة أو غير الحاسمة، وهل تخدم عادة مصلحة المدعى عليه؟

يقول كلامبيري موضحاً الأمر: «إنّها تتبع نفس القواعد والإجراءات المتبعة في الجرائم الأخرى. والشرطة (في هذه الحالة وحدة جرائم الحرب) هي التي تجمع الأدلة تحت إشراف المدعي العام. التحدي الخاص في قضايا جرائم الحرب هو أن الدولة المعنية (سوريا في هذه الحالة) لا تتعاون مع المدعين السويديين. وبالتالي، يجب جمع الأدلة خارج سوريا بالتعاون مع دول أخرى، يمكن أن تكون هولندا وألمانيا وغيرها».

داخل محكمة مقاطعة ستوكهولم
Foto: Magnus Hjalmarson Neideman

 يتابع البروفسور شارحاً عن طرق تقييم الأدلة التي يتمّ جمعها: «تطبّق السويد، مثل العديد من البلدان الأخرى، مبدأ التقييم الحر للأدلة، وهذا يعني أنه لا توجد قواعد صارمة في القانون بشأن كيفية تقييم الأدلة. لكن هذا لا يعني أن تقييم الأدلة تعسفي تماماً. نحن (كليات الحقوق في الجامعات) نقوم بتدريب قضاة المستقبل على كيفية تقييم الأدلة، وقد استخدموا مبادئ معينة بناءً على مبادئ المنطق المتفق عليها». 

يشير كلامبيري إلى نقطة غاية في الأهمية هنا هي أنّ على القضاة أن يشرحوا سبب اعتمادهم على دليل قانوني وسبب رفضه، فيقول: «...وعلى القضاة أيضاً التزام قانوني بشرح كيفية قيامهم بذلك في الحكم. تقبل المحكمة السويدية الأدلة الظرفية (والتي تسميها "الأدلة الغامضة وغير الحاسمة") ويمكن أن توفّر الأساس للإدانة. لكن في مثل هذه الحالات، يجب أن تشير الأدلة الظرفية إلى نفس الاتجاه ويتعين على القضاة استبعاد التفسيرات المعقولة البديلة للأدلة من أجل الإدانة».

كان شرح البروفسور لهذه النقطة أكثر من كافٍ، ولكنّه أضاف أيضاً أمراً يستند إلى أطروحته في الدكتوراة، والتي سنضع رابطها لمن يرغب بالتوسّع، سواء من المختصين أو غير المختصين. يقول: «كانت أطروحتي للدكتوراه مستندة إلى الأدلة في المحاكمات الجنائية الدولية. تختلف قواعد جمع الأدلة مقارنة بالسويد. ومع ذلك، تنطبق نفس المبادئ الأساسية لتقييم الأدلة أمام المحاكم السويدية (نفس مبادئ المنطق): https://brill.com/display/title/22173 ».

هل يمكن محاكمة الضابط من جديد؟

إذاً قامت محكمة ستوكهولم بتبرئة الضابط السوري، لكن هل هذا يعني أنّ الأمر انتهى؟ هل هناك محاكم محلية أو دولية أخرى قد تعود وتوجّه الاتهامات للعميد السوري؟ وما هي الخطوات التالية المحتملة لفعل ذلك إن كان ذلك ممكناً؟

يقول البروفسور مارك أنّ هناك مجالاً للاستئناف: «حكم المحكمة الجزئية لم يدخل حيز التنفيذ بعد. ولا يزال بإمكان المدعي العام السويدي تقديم استئناف. لكن لنفترض أن هذه القضية لم يتم استئنافها خلال المدة المحددة ودخل الحكم حيز التنفيذ».

ثمّ يستمرّ في شرح التفاصيل بأسلوب يمكن للإنسان العادي فهمه: «بشكل عام، تقبل الدول أحكام الدول الأخرى ولا يجوز إجراء محاكمة ثانية لنفس الادعاءات. وبالتالي، لا أعتقد أن أي محكمة محلية أخرى يمكنها أن تنظر في هذه القضية. لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تتدخل إلا إذا كانت تتمتع بالولاية القضائية (وهو ما تفتقر إليه فيما يتعلق بسوريا). وفشلت الدولة المعنية (السويد) في التحقيق في القضية ومحاكمتها (تم عرض هذه القضية على المحكمة). وبالتالي، هناك عدة أسباب تجعل المحكمة الجنائية الدولية غير قادرة على النظر في هذه القضية».

العدل أعمى… من محكمة ستوكهولم
Foto: Maja Suslin

هل يُعفى الضابط لأنّه نفذ الأوامر؟

طالما أنّ المتهم ضابط، أي رجل عسكري، فهو لا بدّ قد اتبع أوامر صادرة له. هل يا ترى يُعفى الضابط من أيّ مسؤولية لأنّه التزم بالأوامر؟ سواء أكان هذا الضابط برتبة متدنية أو رفيعة المستوى. ما أعنيه، هل يمكن إعفاء شخصٍ ارتكب أفعالاً تخالف القانون الدولي على أساس اتباع الأوامر أو التصرف تحت الإكراه لحماية حياته؟ كيف تتعامل المحاكم السويدية عادة مع هذا الدفاع؟

ومثل بقيّة الأسئلة الأخرى، كان البروفسور مارك قادراً على شرح الموضوع بسلاسة تجعل القارئ العادي يفهم مغزاها: «يمكن للإكراه، إذا توفرت الظروف، أن يكون أساس كاملاً للدفاع بموجب القانون السويدي، ويتطلب ذلك الكثير. لكنّ اتباع الأوامر لا يصلح كأساس للدفاع عن جرائم الحرب». 

وأشار كلامبيري إلى حقيقة أنّ كثيرين من الذين تمّ توجيه تهم ارتكاب جرائم ضدّ القانون الدولي قد حاولوا الهروب من المسؤولية بدعوى تنفيذ الأوامر، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ يقول: «…وقد ادعى متهمون آخرون في محاكمات سابقة أنهم تعرضوا للإكراه، لكن المحاكم لم تقبل أن الظروف تشكل مثل هذا الإكراه. وبعبارة أخرى، لم يوفر الإكراه أي حماية حتى الآن في محاكمات جرائم الحرب السويدية».

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©