لطالما كانت السويد من الدول التي تبنّت مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي كجزء أساسي من سياساتها الخارجية. إلا أن مواقفها تجاه «إسرائيل» في الآونة الأخيرة باتت تثير تساؤلات جدية حول مدى التزامها بهذه القيم. يظهر ذلك جلياً من خلال علاقتها مع المحكمة الجنائية الدولية وتعاطيها مع انتهاكات حقوق الإنسان في غزة. في هذا السياق، تواصلتُ مع الباحث في العلوم السياسية آدم ألمكفيست (Adam Almqvist) من جامعة لوند، وهو متخصص في النظم السلطوية في الشرق الأوسط، للحصول على تحليله لهذه المواقف ومدى تأثيرها على مكانة السويد دولياً. بناءً على حديثه، نقدم في هذا المقال رؤية معمقة مدعّمة بإحصاءات حول التغيرات الأخيرة في السياسة السويدية وكيفية انعكاسها على صورتها كدولة داعمة للحقوق والقانون.احترام القانون الدولي على المحكيُشير آدم ألمكفيست، الباحث في العلوم السياسية والمتخصص في النظم السلطوية، إلى أن السويد تُظهر تناقضاً صارخاً في مواقفها تجاه المحكمة الجنائية الدولية (ICC) و«إسرائيل». حيث صرّح: «السويد تُقدّم دعماً غير مشروط لـ 'إسرائيل'، حتى في الحالات التي تنتهك فيها القانون الدولي بشكل واضح، وهذا يتعارض مع دورها التقليدي كمدافع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي».تقرير صادر عن المركز السويدي لدراسات السلام يعزز كلام آدم، إذ يُبيّن أن الاحتلال «الإسرائيلي» للأراضي الفلسطينية غير قانوني وفقاً للمحكمة الدولية. الإحصائيات تُظهر أن 70% من السويديين يؤيدون دوراً أكثر وضوحاً للسويد في الدفاع عن القانون الدولي في الصراع الفلسطيني-«الإسرائيلي»، مما يجعل الموقف الرسمي موضع انتقاد شعبي.وسائل الضغطيُتابع آدم أن «الضغط الاقتصادي والدبلوماسي، مثل إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي و'إسرائيل'، يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإجبارها على احترام القانون الدولي». ويضيف: «للأسف، الحكومة السويدية لم تفعل هذه الأدوات كما يجب، على الرغم من فعاليتها».بيانات صادرة عن المركز الدولي أولوف بالمه تدعم هذا الرأي، حيث أشارت إلى أن العقوبات الاقتصادية ساهمت تاريخياً في تقليص الانتهاكات في صراعات مشابهة. علاوةً على ذلك، كشف استطلاع رأي نشرته صحيفة داغنس نيهيتر أن أكثر من 60% من السويديين يدعمون استخدام العقوبات الاقتصادية ضد «إسرائيل» كوسيلة للضغط عليها لاحترام القانون الدولي.تأثير الموقف السويدي على السياسة الخارجيةيشدد آدم على أن هذا «الدعم غير المشروط» لـ«إسرائيل» يُقوض قدرة السويد على لعب دور الوسيط المحايد في النزاعات الدولية. ويوضح: «لطالما كانت السويد معروفة بدورها كقوة لبناء السلام. لكن موقفها الحالي يقوض هذا الدور، ويؤثر سلباً على صورتها الدولية كمدافع عن حقوق الإنسان».في السياق ذاته، يُذكّرنا المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية بأن السويد كانت في طليعة الدول التي دعمت تأسيس المؤسسات الدولية المعنية بالسلام وحقوق الإنسان. لكن التخلي عن هذه المبادئ لصالح دعم «إسرائيل» قد يضعف مصداقيتها ويقلص تأثيرها على الساحة الدولية.ضرورة إعادة النظرواختتم آدم قائلاً: «إذا كانت السويد تريد أن تحافظ على مكانتها كدولة تحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان، يجب عليها أن تراجع موقفها الحالي. الضغط على 'إسرائيل' لا يعني العداء، بل هو موقف أخلاقي وقانوني يُنسجم مع القيم السويدية التقليدية».تبرز رؤية آدم أهمية انسجام السياسات الحكومية مع القيم الوطنية والتوجه الشعبي. المقال يُظهر بوضوح أن التناقض الحالي في المواقف يُثير تساؤلات حول أولويات السويد كدولة تسعى للحفاظ على مكانتها الدولية.