أخبار السويد

حقيقة أم إشاعة: هل أغلقت الحكومة السويدية بالفعل محطتين للطاقة النووية؟

Aa

حقيقة أم إشاعة: هل أغلقت الحكومة السويدية بالفعل محطتين للطاقة النووية؟

حقيقة أم إشاعة: هل أغلقت الحكومة السويدية بالفعل محطتين للطاقة النووية؟

كانت إحدى القضايا المفاجئة في الانتخابات السويدية هي إغلاق رينغهالز Ringhals 1 و 2 في عامي 2019 و 2020. حيث زعم حزب المحافظين المعارض أن حكومة الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد اتخذت هذا القرار، وبالتالي فهي المسؤولة عن ارتفاع أسعار الطاقة. فما مدى صحة هذا الكلام؟

من اتخذ قرار إغلاق رينغهالز 1 و2؟

في أبريل/ نيسان 2015، قرر مجلس إدارة شركة الطاقة السويدية فاتينفول Vattenfall إغلاق محطتي رينغهالز Ringhals 1 و 2، وحددت عامي 2019 و2020 موعداً للإغلاق. حيث كان لمحطتي الطاقة النووية عمر مخطط له يبلغ 50 عاماً، ما يعني أنه كان من المقرر إغلاقهما في عامي 2025 و2026.

هل طلبت منهم الحكومة فعل ذلك؟

الجواب هو: لا. اتخذ مجلس الإدارة القرار بشكل مستقل، وقال لارس جي نوردستروم Lars G Nordström، رئيس مجلس إدارة شركة الطاقة المملوكة للدولة آنذاك لصحيفة سفينسكا داجبلاديت Svenska Dagbladet الأسبوع الماضي أن القرار كان «تجارياً بحتاً». حيث قال:«اتخذنا القرار بناءً على توصية قادة الشركة. لم يكن هنالك ضغط من الجانب السياسي. لقد كان قرارا تجارياً بحتاً». وأضاف: «لقد ركزنا استثماراتنا على المفاعلات الخمسة التي تتمتع بأطول عمر عمل تقني، وتلك التي تتطلب أقل استثماراً لترقيتها. لم يكن القرار سياسياً على الإطلاق بالطريقة التي تم الادعاء بها».

في سياق ذلك، قال نوردستروم أيضاً أن أحد مفاعليّ رينغهالز Ringhals كان في حالة «سيئة حقاً»، بسبب الصدأ الذي أتلف اللوحة السفلية. كما أنه مصمم للعمل بطريقة منسقة مع المفاعل الآخر، ما يجعل من الصعب إغلاقها أو إبقائها مفتوحةً بشكل مستقل.

جدير بالذكر أن أسعار الطاقة أيضاً، كانت في الحضيض في عامي 2014 و2015، ما وضع ربحية محطات فاتينفال Vattenfall النووية موضع تساؤل.

محطات فاتينفال Vattenfall النووية 

لكن ألم تغير الحكومة على الأقل قوانين الضرائب والسلامة حتى لا تعود المفاعلات مربحة؟

حسناً، ربما. في اقتراح الميزانية لعام 2015، والذي نُشر في 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 ( أي قبل ستة أشهر من القرار)، اقترحت الحكومة زيادة ما يُعرف بـ effektskatt، وهي ضريبة على إنتاج الطاقة النووية بنسبة 17%. دخل هذا الارتفاع الضريبي حيز التنفيذ في أغسطس/ آب 2015، وأدى هذا إلى تقليل ربحية الطاقة النووية، ولكن ليس كثيراً.

في موازاة ذلك، جلب حزب المحافظين لنفسه زيادةً أكبر بكثير بنسبة 24% على الضرائب في عام 2008، ما جعل إلقاء اللوم فقط على باب الحزب الاشتراكي الديمقراطي أمراً صعباً. كما لم يقتصر الأمر على الضريبة فقط، حيث قضت هيئة السلامة من الإشعاع السويدية أيضاً في ديسمبر/ كانون الأول 2014 بأن كل محطة طاقة نووية في السويد تحتاج إلى إنشاء نظام تبريد أساسي مستقل، وهي ميزة أمان من المفترض أن تمنع حدوث حوادث مثل تلك التي حصلت في محطة فوكوشيما Fukushima اليابانية، بحلول عام 2021.

مع ذلك، لم يكن هذا مطلباً صادراً عن الاتحاد الأوروبي، وكان التأثير الوحيد للحكومة السويدية الجديدة على هذا المطلب هو مدى سرعة اختيارها لتنفيذ القانون الجديد.

لكن ألم يكن حزب البيئة ملتزماً على الأقل بإغلاق المحطات النووية؟

نعم، لقد كان الأمر كذلك. صحيح أن حزب البيئة قام بحملة في انتخابات 2014 لإغلاق واحد على الأقل من أقدم أربعة مفاعلات في السويد، أوسكارشام Oskarshamn 1 و 2، ورينغهالز Ringhals 1 و2، خلال الدورة البرلمانية المقبلة. وعندما أبرموا اتفاقاً مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2014 لتشكيل ائتلاف، استُبعد هذا المطلب من اتفاق الائتلاف، رغم أن الحزبين اتفقا على أن الطاقة النووية الجديدة لا ينبغي أن يكون لها مكان في خطط الطاقة طويلة الأجل في السويد، واتفقوا على أن «نقطة انطلاق الحكومة هي، استبدال الطاقة النووية بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. كما اتفقوا أن السويد يجب أن تمتلك على المدى الطويل، طاقةً متجددةً بنسبة 100%».

إضافةً إلى ذلك، وفي حين أنه لن تتخذ قرارات بإغلاق محطات الطاقة النووية القائمة، فقد اتفقت الأطراف على تشديد تنظيم الطاقة النووية. وقالوا: «يجب أن تتحمل الطاقة النووية حصةً أكبر من تكلفتها الاجتماعية والاقتصادية. كما يجب تشديد مطالب السلامة وزيادة مدفوعات النفايات النووية». كما أخبرت آسا رومسون Åsa Romson، زعيمة حزب البيئة آنذاك، التلفزيون السويدي الحكومي SVT في ذلك الوقت أن هذه المطالب الإضافية ستجبر بعض المفاعلات النووية على الإغلاق. وقالت: «قلنا طوال الوقت أننا نريد ضمان إغلاق المفاعلات النووية خلال هذه الدورة البرلمانية، حيث سيحدث هذا بمجرد السماح لشركات الطاقة النووية بتحمل التكاليف الاجتماعية والاقتصادية الكاملة، وتلبية متطلبات السلامة. وهذا يعني أن المفاعلات ستغلق».

هل أجبر الارتفاع الضريبي فاتينفول على إغلاق المصانع إذن؟

على الأغلب لا، ففي الوقت الذي اتُّخذ فيه قرار إغلاق المحطات، قال توربيورن والبورغ Torbjörn Wahlborg، رئيس أعمال توليد الطاقة في فاتينفول Vattenfall، أن ارتفاع الضرائب لم يكن عاملاً مهماً لاتخاذ القرار كما هو الحال مع انخفاض أسعار الطاقة القياسية في ذلك الوقت. 

في سياق ذلك، قال والبورغ لصحيفة ناي تكنيك Ny Teknik عن زيادة الضرائب: «لا يُحدث هذا فرقاً كبيراً، ولكن إذا لم تكن ضرائب الطاقة موجودةً على الإطلاق، فلن نتخذ قرارنا بالإغلاق».

من جانب آخر، إذا كانت الضريبة هي السبب الرئيسي لاتخاذ هذا القرار، فيُعتقد أن قراراً لاحقاً صدر في عام 2016 لإلغائها تدريجياً بالكامل بدءاً عام 2018، دفع فاتينفول Vattenfall ربما لتغيير قرارها. 


 

ماذا قالت أحزاب المعارضة اليمينية وقت اتخاذ قرار إغلاق المصنع؟

كان زعيم الحزب الليبرالي جان بيوركلوند Jan Björklund، الخصم الأكثر صراحةً. حيث وصف القرار بأنه «مؤسف» في ذلك الوقت، وألقى باللوم على قرار الحكومة بزيادة الضريبة النووية.

خلاف ذلك، كان رد فعل الأغلبية صامتاً. وفي الواقع، كان كل من حزب المحافظين والحزب الديمقراطي المسيحي سعداء بعد عام من التوقيع على خطتهم بعدم استخدام الطاقة النووية بحلول عام 2040، وذلك في اتفاقية الطاقة التي توصلوا إليها مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب البيئة وحزب الوسط في عام 2016. حيث كان الهدف لعام 2040 هو إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 100%. 

مع ذلك، فقد شددوا على أن التخلص التدريجي من الأسلحة النووية، لا يرقى إلى مستوى "قرار سياسي". وكتبوا: «هذا هدف وليس موعد توقف يُحظر فيه استخدام الطاقة النووية، ولا يعني أنه من الممكن إغلاق الطاقة النووية من خلال قرار سياسي». وبالمثل، فإن بيان حزب المحافظين لعام 2018، بعد قرار إغلاق رينغهالز Ringhals 1 و 2، لم يشر إليهما على الإطلاق، واكتفى بالقول أن الطاقة النووية يجب أن تظل جزءاً مهماً من مزيج الطاقة السويدي.

إذن متى جعل حزب المحافظين إغلاق رينغهالز قضيةً سياسيةً كبيرة؟

ليس حتى عام 2019، عندما كانت أول المصانع على وشك إيقاف تشغيلها. قرر حزب المحافظين بعد ذلك جعل الطاقة النووية موضوعهم الأول للتعاون مع حزب ديمقراطيو السويد، على الأرجح لأنها مجال سياسي أكثر حياديةً من الهجرة. 

في هذا الصدد، أعلن حزب المحافظين والحزب الديمقراطي المسيحي حينها أنهم سيتركون اتفاقية الطاقة لعام 2016. بعد ذلك، قدّموا مع حزب ديمقراطيو السويد اقتراحاً إلى لجنة الأعمال بالبرلمان السويدي بوقف إغلاق رينغهالز Ringhals 1، والذي صُوّت عليه بالرفض.

بحلول ذلك الوقت، قال الرئيس التنفيذي لشركة رينغهالز Ringhals، بيورن ليندي Björn Linde، لشبكة DN، حيث أنه في ذلك الوقت، كان الأوان قد فات لعكس الخطة: «كان ينبغي إجراء هذه المناقشة في عام 2015، هذه ليست صناعةً يمكنك فيها أن تقرر القيام بشيء ما يوماً، ثم شيءً آخراً في اليوم التالي».

في النهاية هل أغلقت الحكومة السويدية أي من المحطات النووية ؟

هذا يعتمد على ما تقصده بالتحديد. إذا كنت تقصد، «هل اتخذت الحكومة قراراً مباشراً بإغلاق رينغهالز Ringhals 1 و2 ؟»، فإن الإجابة هي بالتأكيد «لا».

أما إذا كنت تقصد: «هل اتخذت الحكومة قرارات تعني بشكل غير مباشر أنه لم يكن أمام فاتينفول Vattenfall خيار سوى إغلاق رينغهالز Ringhals 1 و 2 ؟»، فمن المحتمل أن الإجابة لا تزال «لا».

في حين لو كنت تقصد: «هل اتخذت الحكومة قرارات أدت بشكل غير مباشر إلى تفاقم الحالة الاقتصادية لمحطتي رينغهالز Ringhals 1 و2، والتي، إلى جانب أسعار الطاقة المنخفضة القياسية والعمر المتقدم وسوء حالة المفاعلات، لعبت دوراً لو بقليل في قرار إغلاق المفاعلات؟» فإن الإجابة، بشكل طفيف، هي «نعم».

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©