تشهد السويد تصاعدًا في الدعوات لمقاطعة كبرى سلاسل متاجر المواد الغذائية، في خطوة احتجاجية على ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وبينما يلقى هذا التحرك دعمًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن مواقف القادة السياسيين تجاهه جاءت متباينة، ما أثار جدلًا حول مدى تأثيره على الأسواق والسياسات الاقتصادية في البلاد. ارتفاع الأسعار يشعل موجة من الغضب جاءت الدعوات إلى المقاطعة على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 3.9% في فبراير مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وفقًا لبيانات هيئة الإحصاء السويدية (SCB). وقد شهدت أسعار بعض المنتجات الأساسية مثل الألبان والقهوة والزيوت زيادات ملحوظة، مما أدى إلى تفاقم الضغط المالي على الأسر السويدية. في مواجهة هذا الغضب الشعبي، أعلنت الحكومة عن عقد اجتماع مع ممثلي كبرى سلاسل متاجر المواد الغذائية، حيث دعت وزيرة المالية إليزابيث سفانتيسون ووزير شؤون الريف بيتر كولغرين ممثلين عن القطاع لمناقشة الأزمة وإيجاد حلول للحد من ارتفاع الأسعار. اقرأ أيضاً: ليست مجرد تضخم.. عوامل خفية وراء ارتفاع أسعار الغذاء في السويد! انقسام سياسي حول المقاطعة تباينت ردود فعل الأحزاب السياسية حول حملة المقاطعة، حيث انقسمت المواقف بين دعم المبادرة وانتقادها أو التزام الحياد حيالها. زعيمة حزب اليسار، نوشي دادغوستار، كانت من أبرز الداعمين للحملة، حيث أعلنت أنها ستشارك في المقاطعة من خلال تجنب التسوق في متاجر "إيكا" تحديدًا، مؤكدة أن هذه الخطوة هي بمثابة احتجاج سياسي على الأسعار المرتفعة. وقالت دادغوستار في تصريحاتها: "الأسعار اليوم مرتفعة بشكل غير مبرر، وما يحدث هو استغلال واضح من قبل الشركات الكبرى التي تسيطر على سلاسل التوريد. في ظل غياب أي تحرك جاد من الحكومة وحزب ديمقراطيو السويد، فإن هذه المقاطعة تعد رسالة قوية تعكس استياء المواطنين." اقرأ أيضاً: زعيمة حزب اليسار تدعو إلى مقاطعة "إيكا" احتجاجًا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية رئيس الوزراء: "لا أشارك في مقاطعة الشركات السويدية" على الجانب الآخر، رفض رئيس الوزراء وزعيم حزب hglpht-dk، أولف كريسترسون، الانضمام إلى حملة المقاطعة، مشيرًا إلى أنه لا يرى من المناسب مقاطعة الشركات السويدية، لكنه أكد في الوقت ذاته أن الحكومة قلقة بشأن تأثير ارتفاع تكاليف المعيشة على المواطنين. وقال كريسترسون في ردّه على أسئلة الصحفيين: "كحكومة، نحن ندرك تمامًا الصعوبات التي يواجهها الناس بسبب ارتفاع الأسعار، ولهذا السبب دعونا ممثلي شركات الأغذية الكبرى إلى اجتماع لبحث الوضع الحالي. لكنني كرئيس وزراء لا أرى أن المقاطعة هي الحل." اقرأ أيضاً:"كفى للغلاء!".. آلاف السويديين يستعدون لمقاطعة المتاجر الكبرى مواقف متباينة من الأحزاب الأخرى زعيم حزب الليبراليين، يوهان بيرشون، أعرب عن تفهمه لمخاوف المواطنين، لكنه اعتبر أن الحل الأفضل يكمن في تعزيز استقرار الاقتصاد السويدي من خلال التحول إلى العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، بدلاً من الكرونة السويدية، معتبرًا أن ضعف الكرونة هو أحد أسباب تفاقم الأزمة. أما دانيال هيلدين، زعيم حزب البيئة، فقد وجّه انتقادات حادة للحكومة، معتبرًا أنها لم تتعامل بجدية مع أزمة الغلاء، مما دفع المواطنين للجوء إلى الاحتجاجات والمقاطعة كوسيلة للضغط. من جهته، أبدى ممثل حزب الوسط، إليزابيث ثاند رينغكفيست، معارضته لحملة المقاطعة، مشيرًا إلى أن العديد من المتاجر المستهدفة توفر خدمات حيوية للمجتمعات المحلية، لا سيما في المناطق الريفية، حيث تُعد المتاجر الكبرى جزءًا أساسيًا من الخدمات المحلية. وقال: "يجب أن نركز على تحسين المنافسة في سوق التجزئة بدلاً من المقاطعة. نحن بحاجة إلى منح هيئة المنافسة المزيد من الأدوات القانونية والموارد لمراقبة الأسعار وضمان عدالة السوق." غياب ردود أفعال من بعض الأحزاب لم يقدّم زعيما حزب المسيحيين الديمقراطيين، إيبا بوش، وديمقراطيو السويد، جيمي أوكسون، أي تعليقات على القضية حتى الآن. كما لم ترد رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ماغدالينا أندرسون، على الاستفسارات الصحفية، لكن توبياس بودين، الأمين العام للحزب، أكد دعم الحزب لمطالب المواطنين في مواجهة غلاء المعيشة. وقال بودين: "إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يشكل ضغطًا هائلًا على العائلات السويدية، والحكومة لم تقدم حتى الآن أي حلول ملموسة. من الجيد أن يعبر الناس عن استيائهم، لكننا نؤمن بأن الحل يجب أن يأتي من خلال إصلاحات اقتصادية حقيقية وليس مجرد اجتماعات شكلية مع شركات الأغذية."