تشمل جميع الإعلانات الديمقراطية العالميّة والوطنية عن حقوق الإنسان حقّه في السكن، ومع ذلك يفتقر مئات الآلاف من الأشخاص في السويد إلى مساكن آمنة. كيف لبلد ثريّ مثل السويد أن يحتمل إجبار كلّ هؤلاء على العيش في الشارع؟ كيف يمكن للسويد تطبيع عيش هؤلاء حالة تشرّد في الشارع دون قدرة على الحصول على مأوى؟تعلّق الصحفيّة والمعالجة النفسية إيدا علي ليندكفيست Ida Ali Lindqvist على أوضاع المشردين المرغمين على البقاء في الشوارع في السويد، وتحديداً النساء اللواتي لا يملكن حقّ قضاء ليلة في مكان يسمينه منزلهن.بلا مأوىيمكن لأيّ شخص منّا أن يصبح بلا مأوى، وأن ينتهي به الأمر في الشوارع. يمكن أن تعاني من مرضٍ جسدي أو اضطرابٍ عقلي يجعل من الصعب الحفاظ على شقّة أو الحصول عليها في المقام الأول. كما يمكن أن تضطرّ لإعلان إفلاسك الشخصي، أو تصبح مدمناً، أو تجد نفسك في علاقة مدمّرة عليك الهرب منها...الخ.في أحسن أحوال هؤلاء فإنّهم يموتون مبكراً، وفي أسوأ أحوالهم يضطرون للضغط على نفسهم كي يرضى عنهم المجتمع أثناء تلبية معاييره، فيعودون لكسب قوتهم من جديد. قد يستغرق الأمر أعوام، أو ربما عقود. FotoChristine Olssonتُغتصب مرّات ومرّاتتقابل إيدا مشردين ومشردات أثناء عملها كمعالجة وناشطة في شبكة Utan Skyddsnät التي تحاول مساعدة المشردين. تقول بأنّها قابلت نساء في السبعين من عمرهن ليس لديهنّ سوى سرير، ويضطررن للذهاب إلى المراحيض العامة في الليل.يتم أحياناً اغتصاب النساء مراراً وتكراراً لأنّهنّ لا يملكن منزلاً يغلقن بابه عليهن.تقول إيدا بأنّ الكثير من هؤلاء النساء يشعرن بأنّه تمّ التخلي عنهن، وذلك بعد مضيّ حياتهن في الخذلان، من قبل الرجال والمجتمع على السواء. يصبحن ناجيات في الشارع في بعض الأحيان، مستعيضين به عن نظام حاولن شقّ طريقه مراراً، قبل أن يخذلهنّ مراراً.وفقاً لإيدا: «النظام غير منظّم ومكيّف لدعم النساء المستضعفات. تعمل وكالات المساعدة في المجتمع كأنّها أنابيب منفصلة لا نقاط التقاء فيها، على الرغم من تحسنها بشكل ملحوظ».FotoHasse Holmberg / TTالمشردات بشر في خطرلا تزال النساء معرضات لخطر الوقوع في الفجوات التي تفصل بين هذه الأنابيب. كثيراً ما تتعرّض المشردات للعنف، وإن كنّ يعانين من مشاكل إدمان إضافية، فعندها لن تجدن من يمدّ لهنّ يد المساعدة. ليس من الممكن بناء الدعم على موقف سريع إن أردنا للنظام أن يعمل كما ينبغي.ما الذي تفعله إن كان أصدقاؤك الوحيدين قد وجدوا أنفسهم بلا مأوى ويعانون من مشاكل إدمان؟ هل تقطع علاقاتك بهم؟ إن كان لديك أعزاء ينامون في الشارع في درجات حرارة أدنى من الصفر، ما الذي تفعله؟ هل يمكنك إحضار كلبك إلى الشارع، الذي قد يكون عامل الأمان الوحيد لك هناك؟تقول إيدا أنّها عندما عملت في مأوى، رأت أنّ بعض النساء اللواتي أتيحت لهنّ فرصة الحصول على شقة ضمن مشروع «السكن أولاً»، شعرن بعدم الأمان لدرجة أنهنّ حرصن على التعرّض لانتكاسة أو فعل شيء بأبدانهن حتّى لا يتمّ إجبارهن على الانتقال.تفسّر إيدا سلوكهن بالخوف من الانتقال ومن فقدان السيطرة والعودة إلى الشارع. فهنّ يقلن لأنفسهن: «هنا في الملجأ يعرفونني، فأنا هنا أحد له كينونة. أمّا إذا انتقلت، فقد أفشل في عملي، ويرفضني أصدقائي... ما الذي سأفعله عندها؟».رغم أنّ السوسيال هي المسؤولة عن الأشخاص الذين يعيشون في حالة من التشرّد الكلي، فبالنسبة للنساء من الأسهل اللجوء إلى منظمة تطوعية تجد فيها أشخاص خبروا ما خبرنه، قادرين على التعاطف معهنّFotoFREDRIK PERSSON / TTوجود شبكة دعم ضروريتقول إيدا بأنّ الأمر الأهم هو إيجاد شبكة قوية ذات استراتيجية واضحة تحمي المشردات، ويتمّ أخذ عملها على محمل الجد. يجب أن تحصل هؤلاء النسوة على الدعم من مشاكل الاكتئاب والقلق، وأن يتمّ تحفيزهن للانخراط طواعية في أمثال مشاريع «السكن أولاً».يجب أن تكون هذه الشبكة مهيأة للتعامل مع الجميع، كلّ حالة على حدة. فبعض المشردات عشن حياتهن مع المخدرات، وبعضهن لم تمس المخدرات مطلقاً. بعضهن لديهنّ إعاقات كالجلوس مرغمين على كرسي متحرك، وبعضهن عشن ضمن أسرة تقليدية حتّى تغيّرت الأمور.هناك حاجة لنزع الوصمة الرديئة المرتبطة بالمتشرد، فهم لم يختاروا ما يرتدون، ولم يختاروا البقاء في الشارع. إنّهم بشر يستحقون الاحترام وليس تجريدهم من إنسانيتهم.يمكن للمنظمات التطوعية أن تساعد في حلّ المشكلة، لكنّها غير قادرة على حلّها. هذا حقّ اجتماعي، ولا يجب السماح بنقله عبئه إلى المتطوعين.يوجد في السويد ما يكفي من الموارد لمنح كلّ شخص بلا مأوى مسكناً. لدينا ما يكفي من المعرفة لتصميم حلول للإسكان تناسب الجميع. الشيء الوحيد الذي لا نمتلكه اليوم هو سياسة إسكان للجميع.