يجد المهاجر الذي جاء إلى السويد مع أحلامه نفسه محروماً من إيجاد عمل في السويد، رغم محاولات الاندماج وتعلّم اللغة وأداء البراكتيك، ناهيك عن سجل خبراته العملية الكثيرة في أكثر من مجال. هذه هي قصّة خالد أبو الرز المنزعج من أنّ السويديين مصرون على رؤيته كشخص مسن فقط. لنستمع لقصّة خالد الذي رغم العقبات لم يفقد بعد الأمل.من هو خالد أبو الرز؟هو فلسطيني سوري جاء إلى السويد عبر تركيا واليونان، ويعيش مع عائلته في هلسنبوري. عمل كمحاضر في قسم اللغة الإنكليزية في جامعة صنعاء، وعمل كذلك في مجال الأبحاث في مجال التوعية الأمنية والتثقيف القانوني لصالح سلك شرطة دبي.خالد أبو الرز لخاص أكترحاولت كثيراً ولم أتمكن من إيجاد عمليقول خالد بأنّه منذ اللحظة التي وصل فيها إلى السويد، بدأ بتعلّم اللغة السويدية، ولهذا كان قادراً على الانتقال ضمن الصفوف خلال فترة أيام بعد التحاقه بالمدرسة. وفقاً لخالد، حاول التقديم على سلك الشرطة في السويد بالاعتماد على خبرته السابقة، ولكنّهم اشترطوا أن يكون من حاملي الجنسية السويدية. لكن لم يختلف الأمر ولم يقبلوه بعد حصوله على الجنسية.يشعر خالد بالظلم وبأنّ لديه سيرة ذاتية ممتازة كان الأجدر بها أن تؤهله للحصول على عمل، فهو يتحدث السويدية بشكل جيّد، ويتقن العربية والإنكليزية بطلاقة، ويعرف القليل من لغات أخرى مثل الألمانية والروسية واليونانية.خالد أبو الرز لخاص أكترلم ينظروا لخبرتي في العملعند سؤال خالد عن السبب الذي جعله غير قادر على الحصول على عمل، كان يرى بأنّ أصحاب العمل لم ينظروا إلى خبراته، بل إلى عمره، وأنّهم بذلك يخطؤون في حرمان الأعمال والمجتمع من خبراته وخبرات من يماثلونه في السن.عند سؤاله عمّا إن أجرى البراكتيك، أكّد أنّه أجراه لدى دار نشر Hegas Förlag الذين أثنوا على عمله كمترجم لقصص مخصصة للأطفال، وعلى تدقيقه للغة العربية، ووعدوه بالاتصال به «عندما يتوسعون»... لكن لم يصله شيء لا منهم، ولا من غيرهم.كان خالد يشعر بنوع من السخرية المؤلمة عندما أخبرنا بأنّه إذا أحصى عدد السير الذاتية التي أرسلها (CVs)، فستكون أكثر من ٥٠٠ منذ بات بإمكانه العمل بشكل قانوني. جعله هذا الأمر يُصاب بالإحباط ويُعلن تقاعده... لكنّه لا يزال «يغش» تقاعده بإرسال المزيد من السير الذاتية، والبقاء على أمل الحصول على عمل.ووفقاً لإحصاءات عام ٢٠٢١، يبلغ عدد الذين يجاوز سنّهم ٦٠ عام في السويد (نساء ورجال): 2,305,779. بينما متوسط سنّ التقاعد في السويد هو ٦٤.٦. وكانت مصلحة التقاعد السويدية قد أعلنت في يناير/كانون الثاني ٢٠٢١ بأنّ عدد المتقاعدين الذين لديهم ضمان معاش تقاعدي (سواء يحصلون على راتب تقاعد أو لا) عددهم ٦٩١ ألف شخص.خالد أبو الرز لخاص أكترلم أتكبّر على أيّ عمليقول خالد بأنّه لم يتكبّر على أيّ عمل، فحاول الحصول على عمل كمدرّس مساعد، وكمساعد في دار رعاية مسنين، وكموظف استقبال. كان يريد أيّ شيء يجعله يكفّ عن الاعتماد على السوسيال.عبّر خالد عن كونه منزعج لكون وقته «مقتول»، فهو يحضر أفلام أو يتمشى في الغابة أو يلتقي بالأصدقاء، بينما كان يفضّل أن يكون لديه ما يتمكن عبره من إفادة المجتمع، وأن تكون هذه الأنشطة ترفيهية وليست أساسية.وفي هذا السياق، كان خالد ساخطاً على فكرة الفصل بين السويديين والقادمين الجدد، الأمر الذي يؤخّر الاندماج ويعيقه. يقول خالد: «رغم أننا نعيش في مدن كبيرة، فهناك أماكن لسكن العرب وأخرى للسويديين، لهذا نحن معزولون».السويد هي أكثر دولة تحوي على متقاعدين فقراء ممن يعتمدون على المعاش التقاعدي، بالمقارنة مع بقيّة دول الشمال الأوروبي (النوردية). هناك ١٥٪ من جميع الذين يجاوز سنّهم ٦٥ عام يقبضون أقلّ من ٦٠٪ من متوسط المعاش التقاعدي.خالد أبو الرز لخاص أكترالمشكلة في نظام العمليرى خالد بأنّ النظام السويدي بأكمله: الحكومة وأرباب العمل والنقابات، جميعهم يتحملون المسؤولية. كان خالد واضحاً: «نقبل أن يشغلونا صنايعية» إلى حين تعريفنا على العمل إن كانوا سيوظفونا بعدها.من الاقتراحات التي طرحها خالد: ليخصصوا لنا ساعات خدمة اجتماعية، ساعتان أو ثلاثة، ليؤهلونا للدخول في سوق العمل. حتّى أنّه قال من شدّة انزعاجه من النظام: «سنقبل حتّى لو أعطونا يوماً واحداً أسبوعياً نعمل فيه بالمجان، ولكن فليجدوا طريقة ليدمجونا فيها ضمن أمكنة العمل».بالنسبة لخالد، يجب على مكتب العمل أو الكومونات أو أيّ سلطة لديها الحق، أن تتخذ قراراً تجبر فيه الأعمال على تشغيل القادمين الجدد ولو ليوم واحد في الأعمال المتاحة.وفقاً لمكتب الإحصاء، كان هناك في عام ٢٠٢١ قرابة ١٣٠ ألف فرصة عمل خاوية في السويد، وذلك في زيادة عن عام ٢٠٢٠ حيث كانت الفرص المتاحة أقلّ من ٧٠ ألف فرصة عمل.يشكّل المتقاعدون الذين يعيشون على المعاش نسبة ٢٠٪ من مجمل سكان السويد. وإذا ما جمعنا جميع أجزاء المعاش التقاعدي، يحصل المتقاعدون على ١٩١٠٠ كرون كمعاش وسطي. لكن إن نظرنا إلى جنس متلقي المعاش، لرأينا أنّ معاش النساء الوسطي يبلغ ١٥٨٠٠ كرون، بينما يبلغ معاش الرجال الوسطي ٢٢٩٠٠ كرون، أيّ أنّ المتقاعدات يقبضن ٦٩٪ من وسطي ما يقبضه المتقاعدون.خالد أبو الرز لخاص أكترطاقة عمل متفجرةرفض خالد ما يحاول البعض قوله من أنّ العمل متاح وأنّ الناس هي من لا تريد العمل، وقال وقد استفزه الأمر «لدينا طاقة متفجرة للعمل... إذا كنتُ أنا المتقاعد الذي عملت لأربعين عام لا أزال أبحث عن عمل، فكيف بالبقيّة! لست وحدي في ذلك، بل جميع من أعرفهم يعانون من الأمر ذاته».ينصح خالد الناس بعدم اليأس والاستمرار بالمحاولة حتّى يجدوا الفرصة المناسبة في سوق العمل، وألّا تحبطهم الأوضاع فيبقوا عاطلين أو يبحثون عن عمل في السوق السوداء.