تحذّر تقارير من تسارع وتيرة شيخوخة السكان في السويد، ما ينذر بنقص حاد في عدد الأشخاص القادرين على العمل خلال السنوات المقبلة. يقول الخبير الاقتصادي أندرياس بيرغ من جامعة لوند: «لقد حذّرت من هذا الأمر منذ فترة طويلة، لكن الحقيقة أنها المرة الأولى التي يظهر فيها الأثر بوضوح». حالياً، تبلغ نسبة الإعالة في السويد 77، أي أن كل 100 شخص في سن العمل يعيلون 77 شخصاً من الأطفال وكبار السن، وفقاً لهيئة الإحصاء السويدية (SCB)، وهي أعلى نسبة في تاريخ البلاد. لكن التوقعات تشير إلى أن النسبة سترتفع إلى 90 خلال الثلاثين عاماً المقبلة. ويعود السبب إلى مزيج من انخفاض معدلات المواليد بشكل قياسي وارتفاع متوسط العمر المتوقع. جيل الأربعينيات أصبح مكلفاًويقول بيرغ إن الوضع بدأ يصبح أكثر وضوحاً مع دخول مواليد الأربعينيات من القرن الماضي سن الثمانين وما فوق، مشيراً إلى أن «هذا هو العمر الذي يصبح فيه الشخص مكلفاً، حيث لم يعد المتقاعد النشيط الذي يسافر للعب الغولف، بل شخصاً ضعيفاً يحتاج إلى رعاية مكثفة من الخدمات البلدية وربما حتى من أحفاده». التقاعد عند 75؟بحسب بيرغ، فإن الحل يكمن في العمل لفترات أطول. ويتوقع أن يكون جيل المولودين في الثمانينيات والتسعينيات بحاجة إلى العمل حتى سن 75 بدلاً من 65 كما كان معتاداً سابقاً. ويضيف: «المسألة ليست مالية بحتة. صحيح أن لدينا ديناً وطنياً منخفضاً ويمكننا طباعة الأموال إذا أردنا، لكن المشكلة الحقيقية هي في الأشخاص. لا يمكننا زيادة أعداد العاملين في الجيش والرعاية الصحية والهندسة والشرطة جميعاً في الوقت نفسه. السؤال للسياسيين ليس: كيف نُموّل؟ بل: أيّ فئة مهنية يجب أن نقلل عددها في المستقبل؟ لأننا لا نستطيع القول إننا بحاجة للمزيد من الجميع». تحذيرات قديمة من المشكلةفي أوائل العقد الأول من القرن الحالي، حذّر وزير المالية السابق بير نودر (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) مما وصفه بـ«جبل اللحم» من مواليد الأربعينيات الذي سيتعين على مواليد الستينيات إعالتهم. وعلى الرغم من الانتقادات التي تلقاها بسبب تعبيره، فقد أصرّ على توصيفه للمشكلة، معتبراً أن «حقيقة أننا نعيش أطول تمثل إنجازاً عظيماً للبشرية، لكننا نواجه تحدياً ديموغرافياً يتطلب أن يعمل المزيد من الناس حتى نتمكن من استقبال موجة المتقاعدين المقبلة». وزيرة: لا حلول بسيطةترى وزيرة شؤون المسنين والضمان الاجتماعي، آنا تينيه (من حزب المحافظين)، أن القضية تتطلب منظوراً شاملاً. وتقول: «يجب أن ننظر إلى الأمر من زاوية شمولية جداً، سواء عبر زيادة نسبة العاملين أو عبر تشجيع الانتقال من العمل الجزئي إلى العمل بدوام كامل. لكن أيضاً عبر استغلال التكنولوجيا الحديثة لتحرير الموارد». وتشرح الوزيرة أن التقنيات مثل المراقبة الرقمية الليلية يمكن أن تقلل من الحاجة إلى المساعدين الصحيين الذين يجرون زيارات منزلية، كما يمكن للروبوتات الدوائية أن تتولى جزءاً من الأعمال اليدوية المرهقة، فيما تتيح أجهزة الاستشعار المدعومة بالذكاء الاصطناعي إرسال إنذارات تلقائية عند حدوث انخفاض في ضغط الدم أو عند بداية حدوث التهابات بولية. وفي اليابان، يتم اختبار الهياكل الخارجية التي تدعم أجسام العاملين لتخفيف العبء البدني المرتبط بزيادة حجم العمل. وتضيف تينيه: «ستكون تقنية الرفاهية شديدة الأهمية لتكملة عمل الموظفين وتحسين بيئة العمل، بحيث يمكنهم مواصلة العمل لفترات أطول». أرقام وتحذيراتتشير البيانات الجديدة من مصلحة التقاعد إلى أن متوسط العمر المتوقع لمن يبلغون 66 عاماً حالياً سيصل إلى 90 عاماً للنساء و88,5 عاماً للرجال. كما تُظهر الإحصاءات أن معدل المواليد في السويد انخفض إلى أقل من 1,5 طفل لكل امرأة، وهو أدنى مستوى على الإطلاق. ووفقاً لتقرير صادر عن جمعية البلديات والمناطق السويدية (SKR)، ستبدأ التغييرات الديموغرافية في التأثير بوضوح على قطاع رعاية المسنين بحلول عام 2033، إذ من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 85 عاماً بنسبة 60%. وسيؤدي ذلك إلى زيادة الحاجة للموظفين في قطاع رعاية المسنين بنسبة 32%، بينما سيزداد عدد السكان في سن العمل (20-66 عاماً) بنسبة 3% فقط (أي نحو 160 ألف شخص)، وسيأتي كامل هذا النمو من المهاجرين. ويُقدّر التقرير أنه لتلبية احتياجات الرعاية المستقبلية، يجب أن يعمل نصف عدد الموظفين الجدد الذين سيدخلون سوق العمل في مجال رعاية المسنين.