تُظهر تقارير جديدة أن السويد تُعَدّ وجهة جذابة للباحثين الأجانب، خاصة من الصين وإيران، لكنها تواجه تحدياً كبيراً في الاحتفاظ بهم بعد استكمال دراستهم. هؤلاء الباحثون يساهمون بشكل كبير في الاقتصاد والمعرفة، لكن مغادرتهم تمثل خسارة مزدوجة للسويد. الجامعات السويدية هدف لدول أجنبية صرّح إميل غورنيروب، المسؤول عن سياسات البحث في "Svenskt Näringsliv"، بأن الجامعات السويدية باتت هدفاً مغرياً لدول أجنبية بسبب طبيعتها المفتوحة والغنية بالمعرفة.وأضاف: "الانفتاح والتعاون أساس التعليم العالي، لكن ذلك يجعل الجامعات هدفاً سهلاً لدول تسعى لجمع المعلومات".وأشار إلى أن هذا الوضع يخلق تردداً لدى الشركات في التعاون مع الجامعات بسبب مخاوف أمنية. وفقاً لدراسة أُجريت عام 2024، فإن نحو ثلث الجامعات السويدية أوقفت أو لم تبدأ تعاوناً بحثياً مع شركات بسبب قضايا أمنية. كما أفادت أكثر من نصف الجامعات بأنها تفتقر إلى الموارد والخبرات الكافية لتعزيز الأمان. هذه التحديات تؤثر سلباً على العلاقة بين الشركات والجامعات، ما ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد والابتكار. خسائر اقتصادية كبيرة بحسب تقرير صادر عن منظمة "IKEM"، فإن 40% من طلاب الدكتوراه في مجالات التقنية والتصنيع والعلوم الطبيعية في السويد هم من خارج الاتحاد الأوروبي. بين عامي 2019 و2023، غادر 1400 باحث أجنبي بعد إكمال دراساتهم، مما أدى إلى خسائر في الإيرادات الضريبية تُقدر بـ840 مليون كرونة سويدية. علق كاسبيان ريهبيندر، المسؤول عن سياسات سوق العمل في "IKEM": "هؤلاء الباحثون ليسوا فقط مصدراً للإيرادات الضريبية، بل إنهم يمتلكون خبرات تؤثر إيجابياً على الابتكار والنمو على المدى البعيد". وأوضح أن السياسات الحالية تمنع كثيرين من البقاء، رغم أن نحو 70% من الطلاب الأجانب يفضلون البقاء في السويد، إلا أن 30% فقط ينجحون في ذلك. تأثير سياسات الهجرة يرى غورنيروب أن سياسة الهجرة الحالية تعرقل جذب الباحثين الأجانب، مشيراً إلى أن التأخير في إجراءات الهجرة، خصوصاً للباحثين وعائلاتهم، يمثل عائقاً كبيراً. ورغم أن الحكومة اتخذت خطوات لتسريع إجراءات الهجرة للعمالة المؤهلة، فإن التأخير في معالجة طلبات لم شمل العائلات قد يستغرق عاماً كاملاً، مما يؤدي إلى عزوف الباحثين عن البقاء. تناقص الباحثين السويديين بالإضافة إلى ذلك، يواجه النظام التعليمي السويدي انخفاضاً في عدد السويديين الذين يلتحقون ببرامج الدكتوراه، مما يزيد الاعتماد على الباحثين الأجانب. وأشار غورنيروب إلى أن الباحثين الأجانب، خاصة من الصين وإيران، غالباً ما يتمتعون بمؤهلات تتفوق على الباحثين السويديين، لكنه حذر من أن هذا يخلق تحديات إضافية بسبب المخاوف من استغلال هذه المعرفة لأغراض سياسية. في ظل مغادرة الباحثين الأجانب إلى دول أخرى للعمل، تواجه السويد ظاهرة "هجرة العقول"، ما يجعل استثماراتها في التعليم العالي أقل فاعلية. وختم غورنيروب قائلاً: "نحن بحاجة إلى سياسات أكثر فعالية لضمان بقاء الباحثين الأجانب في السويد بعد التخرج، لأن فقدانهم يمثل خسارة كبيرة للابتكار والنمو الاقتصادي".