حين وقف أندريه راكوف أمام أبواب شقته في راغسفيد، كان يحمل بيده دفترًا صغيرًا مليئًا بالأسماء وأرقام الهواتف، وعلى عاتقه آمال الجيران بإتمام عملية تحويل مساكنهم إلى ملكيات خاصة. لم يكن يعلم أن تلك الخطوة، التي اتخذها بنية بناء مستقبل أكثر استقرارًا لعائلته، ستنتهي بتشتيت شمل الأسرة بحسب ما أفادت صحيفة Hem&Hyra. في عام 2021، وفي خضم الموجة الثانية لتحويل الشقق المستأجرة إلى شقق تمليك في بعض ضواحي ستوكهولم، قررت الحكومة المحلية عرض مئات الشقق على سكانها، بمن فيهم أندريه، الذي تطوع لمساعدة شركة الاستشارات «Restate» في إقناع الجيران بالتصويت لصالح عملية التحويل. الوعد؟ تسهيلات بالحصول على قرض من أحد البنوك الكبرى كمكافأة على هذا الجهد. لكن ما بدا بداية جديدة، سرعان ما تحول إلى كابوس مالي. البنوك الكبرى رفضت منحه قرضًا، رغم وعود «Restate». حينها، وجهته الشركة إلى حلول بديلة من بنوك صغيرة مثل «Nordax»، والتي منحت القروض بسهولة... ولكن بفوائد مرتفعة وشروط مرهقة. من حلم إلى مأزق مالي في البداية، بدا الأمر تحت السيطرة: دفعات شهرية أقل من الإيجار السابق، وقرض بدا قابلًا للإدارة. لكن بعد بدء الحرب في أوكرانيا، بدأت التكاليف بالتضاعف بشكل جنوني. رسوم الجمعية السكنية ارتفعت لتصل إلى 10 آلاف كرونة، والفوائد على قرضه قفزت من 7 آلاف إلى 28 ألف كرونة. وفي لحظة ما، بلغت نفقات السكن الشهرية نحو 40 ألف كرونة. لتغطية هذه المصاريف، اضطر أندريه للعمل في ثلاث وظائف، مما أنهك حياته الأسرية وقاده في النهاية إلى الانفصال عن زوجته. اقرأ أيضاً: استمر في فعلها 45 مرة.. حتى جاء القرار الذي لم يتوقعه! العدالة المؤجلة بعد أن فرضت «Nordax» عليه شروط سداد جديدة فجائية، رفع أندريه شكوى إلى هيئة الشكاوى العامة (ARN)، التي أقرت بعدم قانونية تعديل الشروط، وأوصت البنك برد المبالغ الزائدة. لكن البنك تجاهل التوصية، واكتفى بعرض بطاقة هدية بقيمة 1500 كرونة، رفضها أندريه. العائلة قررت في النهاية بيع المنزل، محققة ربحًا بمليون كرونة، وهو ما مكّنهم من تسديد القرض وشراء شقة جديدة. لكن الخسارة الحقيقية، كما يقول أندريه، كانت الأسرة التي تفرقت والضغط النفسي الذي لم يُعوض. التحذير من الطريق السريع نحو الإفلاس دافور فوليتا، المتحدث باسم «Kronofogden»، وصف هذه القروض العقارية ذات الشروط المخففة بأنها «طريق سريع نحو الإفلاس»، منتقدًا غياب التدقيق في قدرة المقترضين على السداد. وأشار إلى مسؤولية مزدوجة: تقع على عاتق المقترض لفهم شروط القرض، وعلى البنوك للقيام بتقييمات ائتمانية صارمة. على الرغم من انتقادات الخبراء، لا يرى السياسيون المسؤولون عن برنامج التحويل أي مسؤولية سياسية. وعلّق دَنِس ويدين، عضو مجلس بلدية ستوكهولم آنذاك، بأن القرار النهائي كان فرديًا، وأن المسؤولية تقع على من وافق على الشروط. اليوم، أندريه يعيش في شقة إيجار بجنوب ستوكهولم، بعد أن انهار حلم الاستقرار والملكية. ورغم الربح الذي جناه من البيع، إلا أن الثمن، كما يقول، كان باهظًا للغاية.