وفقاً لدراسة ألمانية جديدة في معهد Max Planck الألماني، توصّل الباحثون إلى أنّ اللغة الأم تؤثّر على طريقة تشابك مناطق معيّنة في الدماغ، والتي تكمن وراءها الطريقة التي يفكّر بها البشر.طريقة تواصل مناطق اللغة في الدماغ حسب اللغة الأمفحص العلماء من معهد ماكس بلانك للعلوم الإدراكية والدماغية الألماني في لايبزيغ Leipzig، بقيادة طالب الدكتوراه والمؤلف الرئيسي للبحث شوي خو وي Xuehu Wei، المادة البيضاء في أدمغة 47 من المتحدثين الأصليين باللغة العربية و47 من المتحدثين الأصليين بالألمانية.وفي ضوء ذلك، تأكّد الباحثون من أنّهم قاموا باختيار أشخاص لديهم لغة أم أصلية واحدة فقط، ولم يعرف المشاركون سوى بعض الكلمات باللغة الإنجليزية.إلى جانب ذلك، طلب فريق العلماء من المشاركين للدراسة الاستلقاء على جهاز مسح خاصّ بالتصوير بالرنين المغناطيسي، والذي ينتج صوراً عالية الدقة للدماغ والحصول على معلومات حول الروابط بين الألياف العصبية.مصدر الصورة: Pixabay"ارتباط أقوى بين نصفَي الدماغ الأيمن والأيسر"أفاد الباحث في قسم علم النفس العصبيّ في معهد ماكس بلانك والمؤلف المشارك للدراسة التي نُشرت مؤخّراً في مجلة "NeuroImage" وموقع معهد ماكس بلانك ألفريد أنواندر Alfred Anwander من خلال هذه البيانات، بأنّ "المتحدثين الأصليين للغة العربية أظهروا ارتباطاً أقوى بين نصفَي الدماغ الأيمن والأيسر من الناطقين باللغة الألمانية".وأضاف أنواندر: «لقد فاجأتنا النتيجة كثيراً، لأنّنا كنّا نفترض دائماً أنّ طريقة تعامل المخّ مع اللغات بصفة عامة تسير بطريقة واحدة حول العالم بين المتحدثين باللغات الأم المختلفة باختلاف هذه اللغات بغض النظر عن طبيعتها».النتائج التي ظهرت على الناطقين باللغة العربية1- وجدَ فريق البحث في صور الأشعة أنّ نصفَي الدماغ الأيمن والأيسر مرتبطان بقوة أكبر.2- كان هناك ارتباط أقوى بين الفصوص الجانبية للمخ، والتي تسمّى الفصّ الصدغي، وأيضاً في الجزء الأوسط المسمّى الفصّ الجداري، وهذه المناطق الدماغية مسؤولة عن معالجة نطق الكلمات وفهم معنى اللغة المنطوقة، وهو ما تتطلّبه اللغة العربية من المتحدّث بها.3- تحتاج اللغة العربية إلى إنصات وتركيز بين المتحدّث والمستمع، خصوصاً لمن لا تُعتبر اللغة العربية لغتهم الأم، فبعض الكلمات يبدو وقعها الموسيقي متشابهاً على الأذن الأجنبية لاسيما في الجذر اللغوي للكلمة مثل (ك، ت، ب) ويؤثر هذا في بنية المنطقة الدماغية المسؤولة عن معالجة النطق.النتائج التي ظهرت على الناطقين باللغة الألمانية 1- اكتشفوا أن المتحدّثين الأصليين للغة الألمانية لديهم اتصالاً أقوى بين مراكز اللغة وفي الشبكات العصبية المسؤولة عن اللغات في نصف المخ الأيسر، وباتجاه الفصّ الجبهي في الجزء الأمامي من الدماغ.2- قالوا إنّ الأمر قد يكون مرتبطاً بالمعالجة النحوية المعقدة للغة الألمانية، والتي ترجع إلى ترتيب الكلمات والأفعال بشكل مختلف عن مثيله في اللغة العربية.3- يجب أن يركّز المتحدّث الذي تعتبر اللغة الألمانية لغته الأم بشكل أساسيّ، على بنية الجملة الألمانية.في هذا الإطار، يلخّص المؤلف المشارك أنواندر النتائج، قائلاً: «دراستنا تقدّم رؤى جديدة حول كيفية تكيّف الدماغ مع المتطلبات المعرفية، بعبارة أخرى تتشكّل شبكتنا الهيكلية لفهم اللغات الأخرى في المخّ من خلال لغتنا الأم».وأضاف أنّه من المهم التأكيد على أن هذه الدوائر العصبية المختلفة لمعالجة اللغة في المخ لا تعني مزايا ولا عيوباً للمتحدثين، مضيفاً "هذه الدوائر العصبية مختلفة فقط في شكل الارتباط في ما بينها، ليست أفضل في لغة أو أسوأ في لغة أخرى".ويأمل العلماء مع نهاية البحث في استخدام النتائج لتحسين تعلّم اللغة الألمانية بسهولة أكبر. وفي دراسة لاحقة، سيحلل فريق البحث التغييرات الهيكلية الطولية في أدمغة البالغين الناطقين باللغة العربية أثناء تعلمهم اللغة الألمانية على مدار ستة أشهر.