أخبار السويد

دراسة سويدية: الموضة لها تأثير كبير على البيئة

Aa

دراسة سويدية: الموضة لها تأثير كبير على البيئة

دراسة سويدية: الموضة لها تأثير كبير على البيئة

تُعتبر صناعة الأزياء في يومنا هذا مسؤولة عن نحو 10% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، ويتم توجيه الانتقادات إليها لعدم تحملها مسؤولية تأثيرها الاجتماعي والبيئي، لكن، هل يمكن أن تصبح الأزياء مستدامة؟

لقد جعل التطور التكنولوجي الإنتاج أكثر فاعلية، حيث باتت المصانع تنتج أكثر بوقت أقل، لكن هذا التسارع زاد الاستهلاك بدلاً من تثبيط الرغبة في الشراء، حيث يشتري السويديون ما معدله 13 كيلوغراماً من المنسوجات للفرد الواحد سنوياً، وتنتج شركات الأزياء اليوم ما يقرب ضعف كمية الملابس التي كانت تنتجها قبل عام 2000، الشيء الذي أدى إلى زيادة كبيرة في حجم المواد عالمياً، وفي نفس الوقت، تُظهر الدراسات أن الفرد السويدي يستخدم 50% فقط من الملابس المعلقة في خزانة ملابسه، والتساؤل هنا ما إذا بالإمكان الجمع بين الاهتمام بالموضة والخيارات الأخلاقية المستدامة عند التسوق لشراء الملابس.

يتساءل أول شخص حاصل على شهادة الدكتوراه في دراسات الموضة، فيليب واركاندر: "بعد أن تحولت  المنسوجات إلى شيء استثنائي ونعتز به، فإننا نعيش الآن في وفرة مادية تعني في بعض الأحيان أننا لا نعرف حتى ما نملكه، يجب أن نوقف هذا التسارع ونقيّم الوضع برمته، حتى نبدأ في استهلاك كميات أقل وأبطأ، ولكن كيف نصل إلى هناك عندما يصبح كل شيء أسرع وأسرع؟".

الموضة الدائرية

ترتبط صناعة الأزياء بتحديات الاستدامة الرئيسية، حيث يقع جزء كبير من المسؤولية على عاتقها لاتخاذ الخطوات الأولى نحو إعادة التفكير بطرق جديدة، حيث أن قطعة الملابس التي تشتريها عبر الانترنت تقطع شوطاً طويلاً عبر سلاسل التوريد المعقدة، من الزراعة إلى التصنيع واللوجستيات والتجارة، وكل محطة منها تتضمن تأثيراً بيئياً بسبب استهلاك المياه واستخدام المواد الكيميائية والطاقة.

يقول واركاندر: "يجب أن نفكر بطريقة دائرية وأن نجعل ملابسنا ومنسوجاتنا تدوم لفترة أطول، ولكن يجب أن تتحدد المسؤولية تبعاً للتأثير، كلما زاد تأثير البلد أو البلدية أو الشركة، زادت المسؤولية التي يجب أن يتحملوها في إحداث التغيير، لا يمكن فصل هذه عن بعضها البعض، وفي الوقت نفسه، من الممكن أن تجعل صوتك مسموعاً كمستهلك فردي".

تتابع الصحفية الفا نيبلوم دراسات الموضة في جامعة هيلسينجبورج، وهي أيضاً رئيسة مجلس طلاب دراسات الموضة، وتؤكد على دور المستهلكين وعلى أن استهلاك المنسوجات يجب أن يكون مستدام بيئياً واجتماعياً واقتصادياً، وتقول: "ربما تكون فكرة مثالية، وفي هذه الحالة نحتاج إلى إعادة التفكير في الموضة بحد ذاتها، هل يجب أن تكون سريعة؟ هل يجب أن تكون جديدة؟ أم يمكننا أن نستهلك بطريقة أخرى؟ أعتقد أن المستهلكون يتمتعون بقدر كبير من القوة، لكن علينا أن نسير في نفس الاتجاه ونضغط على المشرّعين، لا يفهم الجميع كيف تعمل صناعة الأزياء، ولكن أولئك الذين يعرفون منّا يتحملون مسؤولية نشر معرفتنا".

أصابع سريعة

التسوق عبر الانترنت سريع ومريح، ومع توفر خيارات الائتمان على نطاق واسع، لن تحتاج حتى إلى وجود أموال في حسابك، ولا مشكلة إذا لم تكن متأكداً من القياس أو الملاءمة أو اللون، حيث يمكنك طلب عدة إصدارات، وإرجاع غير المناسب منها، أي أن هذه المواد تقطع آلاف الكيلومترات في وسائل نقل تضخ ثاني أكسيد الكربون في البيئة، وما يزيد الأمر سوءاً هو فرق القياسات بين الدول، مثلاً يمكن أن يكون القياس 38 في السويد هو نفسه 44 في إيطاليا، نظراً لأن تجارة الملابس بالتجزئة أصبحت دولية أكثر.

تقول الفا: "تخيل لو تمكنا من إدخال قياساتنا الخاصة وشراء الملابس المناسبة، إذا كان بإمكاني الحصول على سترة أُخيطت لتناسب قياسي، فلن تضطر صناعة الأزياء إلى إنتاج سلع لا يمكنها بيعها، ولن يكون هنالك تخزين أو حرق للمخزون القديم، سوف يستفيد المستهلكون والعلامات التجارية، ولسوء الحظ، أصبح الوباء حافزاً لمطاردة مستويات السيروتونين المرتفعة بمساعدة التسوق عبر الانترنت، ما أدى إلى عمليات شراء كثيرة جداً، فضلاً عن شراء الشيء الخطأ".

يضيف واركاندر: "أفضل طريقة لجعل صناعة الأزياء مستدامة هي استخدام ما نشتريه ونستخدم كل قطعة ملابس لفترة أطول، يجب أن تكون مهمة بسيطة، معظم البالغين لديهم الكثير من الملابس في دواليب ملابسهم، ولكن كيف نتخلص من عادة شراء الملابس الجديدة؟ هذا هو المفتاح".

أزمة القطن المستقبلية

يوضح واركاندر أن الرياضيات البسيطة تخبرنا أنه إذا واصلت الموضة بالتسارع جنباً إلى جنب مع التزايد السكاني، فسيكون هنالك نقصاً في القطن، لذلك نحتاج إلى إيجاد ألياف أخرى.

يتطلب إنتاج القطن موارد كثيرة وكميات كبيرة من المياه والمبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية، وهو ما يؤثر على الطبيعة والحيوانات والبشر في المناطق التي يزرع بها، ولا يجب أن ننسى الإشارة إلى  استغلال العمالة الرخيصة في البلدان الفقيرة ضمن سلسلة الإنتاج، وتوضح الفا: "فكرتي الساذجة هي أننا إذا أنتجنا كميات أقل، واستهلكنا أقل، وتقاضينا المزيد على القطن والبوليستر والفسكوز والجلد، فإن المزيد من الأموال ستذهب إلى الأشخاص الذين يعملون بالفعل لإنتاج المواد وخياطة ملابسنا".

أين ينتهي الحال بملابسنا؟

جبل ضخم لا يمكن السيطرة عليه من النفايات النسيجية، هذه هي نتيجة الإنتاج المستمر للملابس بأسعار منخفضة جداً، والتي يتم التخلص من الكثير منها، من خلال الحرق أو إلقاؤها في مكبات النفايات أو تصديرها إلى البلدان النامية، ولكن مع التحول الاقتصادي الكبير في دول جنوب شرق آسيا الذي نقل نسبة كبيرة من الناس إلى الطبقة المتوسطة قادمين من الطبقة الفقيرة، فإن عدد الأشخاص العاملين في صناعة النسيج يستمر في الانخفاض، ما يعني إمكانية انتقال الإنتاج إلى أفريقيا، إضافةً إلى كونها مكب النفايات النسيجية، يقول واركاندر: "الدول الأفريقية التي تواجه الآن هذه المشاكل التي اعتادت آسيا التعامل معها بدأت بالرد، من خلال فرض حظر على النفايات النسيجية، إنه تحول مثير للاهتمام للسلطة، ماذا يحدث عندما تقول الجهات الفاعلة في السلسلة 'لا'، ولم تعد الملابس قادرة على مغادرة السويد؟ يمكن أن يكون لتغيير مثل هذا تأثير حقيقي على صناعة الأزياء وإحداث فارق، ستصبح مشكلة النفايات النسيجية أكثر وضوحاً".

خيار الملابس المستعملة؟

كلّف اتحاد البيع بالتجزئة ومجلس الأزياء السويدي فيليب واركاندر بالنظر في الملابس المستعملة وكيفية جعلها أكثر جاذبية للمشترين، وقال دكتور الأزياء: "تخضع صناعة الأزياء لعملية إصلاح جذرية وتحاول إعادة تعريف سوق السلع المستعملة لجعلها أكثر جاذبية، أنا مؤمن بمستويات مختلفة من ضريبة مبيعات الأصناف الجديدة والمستعملة، أعتقد أننا نحتاج أيضاً إلى التفكير في تجربة التسوق، وربما حتى كيفية تغليف المواد".

تفكر الفا أيضاً في المستقبل وكيف يمكن أن تصبح صناعة الأزياء أكثر استدامة، لكن التغيير سيحدث ببطء، وهي تعتقد أنه يجب فهم ما الذي يحفز السلوك الشرائي، وتؤمن بامتلاك المستهلكين قوة التأثير التي يمكن استغلالها من خلال الفهم الصحيح، قائلة: "الموضة السريعة تمكننا من اكتساب شخصية جديدة كل يوم، لكنني أعتقد أنه ستكون هنالك ثورة في الموضة عندما نفهم العناصر التي تدخل في ملابسنا، هنالك أسباب تجعل السترة خاصتك رخيصة جداً، أنت لا تدفع لأن الآخرون يدفعون عنك".

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©