سيطرت أنجيلا ميركل، التي شغلت منصب المستشارة الألمانية لأول مرة في تاريخ البلاد، على الساحتين السياسية الوطنية والدولية طوال 16 عامًا من قيادتها. وعند صدور مذكراتها بعنوان "الحرية"، كانت التوقعات مرتفعة من قِبل وسائل الإعلام لتوفير رؤى عميقة وكشف تفاصيل حياة واحدة من أهم القادة الأوروبيين. رغم ذلك، استقبلت الصحافة الألمانية العمل ببرود، مما يستدعي النظر في الانتقادات الموجهة للسرد وفهمها وتأثيرها على إرث ميركل.الانتقادات: عرض غير ملهمكانت إحدى المخاوف الأساسية التي طرحها الإعلام الألماني تتعلق بنقص العمق والأفكار الجديدة في المذكرات. أعربت وسائل الإعلام البارزة عن خيبة أملها، مشيرة إلى أن الكتاب يفتقر إلى الحيوية والإلهام. وذكرت صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ أنه كان من المناسب أن يحمل الكتاب عنوانًا مختلفًا، نظرًا للخيارات المحدودة التي كانت متاحة لرئيسة الحكومة في فترات اتخاذ القرار المعقدة.كما أثار النقاد، مثل برثولد كوهلر الذي يُعرف بانتقاداته لسياسات ميركل، قضايا أساسية تتعلق بالقرارات الكبيرة، مثل قرار عام 2015 بفتح الحدود للاجئين. وأكد كوهلر على أهمية تناول "الحرية" لهذه التعقيدات بدلاً من تجاوزها.واتفق ستيفان كوزماني من مجلة دير شبيجل مع هذه الرؤية، واصفًا المذكرات بأنها شاملة لكنها في النهاية مملة. وأبرز أن الكتاب يفتقر إلى السرد الجذاب المعزز بتجارب شخصية، مما يجعله أشبه بتسجيل موسوعي لمكانة ميركل، محرمًا إياه من فرصة للتواصل مع القارئ على مستوى إنساني.غياب التأمل الذاتيسجلت الانتقادات أيضًا غياب التأمل الذاتي العميق. أشار النقاد إلى أن ميركل لم تعترف بشكل كافٍ بأخطائها الشخصية والسياسية خلال مدة حكمها. وأوضح السيرة الذاتية رالف بولمان أن هذا الإغفال يفقد الكتاب عنصر التواضع الضروري، الذي كان يمكن أن يضفي مزيدًا من المصداقية على السرد.وبغياب القصص الشخصية أو اللحظات الحرجة من التأمل الذاتي، يمكن اعتبار المذكرات دليلًا سياسيًا أكثر من كونها سيرة ذاتية جذابة. حيث تطالب الصحافة القادة السياسيين بالتعبير عن نجاحاتهم وإخفاقاتهم، ما يجعل أسلوب ميركل في السرد يبدو بعيدًا عن عمق التجارب، وقد ينفر القراء المهتمين بفهم أعمق لرحلتها.FotoANJA NIEDRINGHAUSالإطلاق الاستراتيجيتعرض توقيت واستراتيجية إصدار "الحرية" أيضًا لانتقادات. يرى بعض النقاد أن توقيت الإصدار تم التحكم فيه لتعظيم النجاح التجاري، بما يتماشى مع موسم التسوق في العطلات. وهذا يثير تساؤلات حول ما إذا كان الكتاب يهدف إلى استكشاف ماضيها، أم أنه يسعى وراء المصالح التجارية.تقدم مذكرات أنجيلا ميركل "الحرية" رؤية عن حياة قائدة قوية، لكنها تواجه تقييمات نقدية تشير إلى عدم تحقيقها للهدف بشكل ملحوظ. وبالرغم من أن الكتاب يقدم سردًا واقعيًا لفترة حكمها، إلا أن نقص القصص الجذابة، والتأمل الذاتي العميق، والرؤى الشخصية يحد من قدرته على التواصل مع الجمهور الأوسع.في مسعاها لتشكيل إرثها، تشير ردود الفعل النقدية إلى أن نهجًا أكثر تعقيدًا وتأملًا كان سيكون أكثر ملاءمة لسردها وتوقعات الجمهور. يعتبر استقبال "الحرية" تذكيرًا بالتحديات التي تواجهها القيادات في تحقيق التوازن بين تراثهم الشخصي وتوقعات الجمهور، مما يبرز أهمية السرد الأصيل في القصص السياسية. ومع استمرار المناقشات حول حقبة ميركل، قد تصبح "الحرية" مرجعًا تاريخيًا يعكس استراتيجيات أكثر منه تجربة شخصية خلال فترة تميزت بنفوذها الكبير.