تستعد دول العالم للاحتفال بـ"ساعة الأرض"، الحملة البيئية العالمية التي أطلقها الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) عام 2007، والتي تهدف إلى تعزيز الوعي الجماعي بشأن قضايا التغيّر المناخي من خلال إطفاء الأنوار غير الضرورية لمدة 60 دقيقة، اليوم السبت 22 مارس/آذار، بين الساعة 8:30 و9:30 مساءً بالتوقيت المحلي. من سيدني إلى العالم انطلقت أولى فعاليات ساعة الأرض من مدينة سيدني الأسترالية، حيث شارك فيها أكثر من 2.2 مليون شخص و2000 شركة بإطفاء الأضواء غير الضرورية، تعبيراً عن دعمهم للتحرك العالمي ضد تغيّر المناخ. وسرعان ما توسّعت المبادرة لتشمل أكثر من 192 دولة وإقليماً، لتصبح رمزًا للتضامن العالمي من أجل كوكب الأرض. وجاءت الفكرة الأصلية بمبادرة من "الصندوق العالمي للطبيعة" بالتعاون مع شركة إعلانات أسترالية، وطرحت لأول مرة عام 2006 تحت مسمى "الإطفاء الكبير". في العام التالي، دعمت بلدية سيدني والمجموعة الإعلامية Fairfax Media الحملة، مما مهّد الطريق لانطلاقها رسميًا. وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، أطفأت مدينة سان فرانسيسكو الأميركية أنوارها في مبادرة مماثلة، ليتم لاحقاً تثبيت موعد الحدث عالميًا في السبت الأخير من شهر مارس، نظراً لتزامنه مع الاعتدال الربيعي، عندما يتساوى طول الليل والنهار في جميع أنحاء العالم. أهداف بيئية وإنسانية تهدف حملة ساعة الأرض إلى تسليط الضوء على التهديدات البيئية الناتجة عن الاستهلاك المفرط للوقود الأحفوري، مثل الاحتباس الحراري، وإزالة الغابات، وتلوث المياه والهواء. كما تسعى الحملة إلى دفع الأفراد والحكومات والمؤسسات نحو تبني ممارسات مستدامة في حياتهم اليومية. ويؤكد القائمون على الحملة في الصندوق العالمي للطبيعة أن حماية الطبيعة ليست فقط حلاً لمواجهة أزمة المناخ، بل هي أيضاً عنصر أساسي في صحة الإنسان ورفاهيته وازدهار المجتمعات. كما دعت المنظمة الأفراد والمؤسسات إلى استثمار ساعة الظلام في القيام بأنشطة تخدم البيئة، ونشر الوعي بالحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، للمساهمة في إحداث تغيير عالمي حقيقي. مشاركة رمزية واسعة تحوّلت ساعة الأرض إلى ظاهرة عالمية تشهد مشاركة ملايين الأشخاص في أكثر من 185 دولة وإقليماً، وتساهم في إشعال الحوار العام حول التغير المناخي. وفي عام 2022، سجّلت الحملة أكثر من 10 مليارات تفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي. وتشارك معالم شهيرة حول العالم في الحملة من خلال إطفاء أنوارها، مثل برج إيفل في باريس، وسور الصين العظيم، وبرج بيزا المائل في إيطاليا، ومبنى الكرملين في موسكو، والمسجد الأحمر في إسطنبول، بالإضافة إلى مبنى إمباير ستيت في نيويورك. إنجازات ملموسة منذ انطلاقها، أسهمت ساعة الأرض في إطلاق آلاف المبادرات البيئية حول العالم. ففي روسيا، جمعت حملة عام 2012 أكثر من 120 ألف توقيع، ما أدى إلى سنّ قانون يعزز الحماية من التلوث النفطي للبحر. أما في أوغندا، فتم إنشاء أول "غابة ساعة الأرض" على مساحة 2700 هكتار. وفي الأرجنتين، ساهمت الحملة في الضغط الشعبي لإنشاء محمية بحرية تبلغ مساحتها 3.4 مليون هكتار، لحماية الحياة البحرية. كما تم تنفيذ أكثر من 1.2 مليون مبادرة فردية في إطار الحملة بحلول عام 2016، في حين تجاوز عدد المتبرعين 18.7 مليون شخص. وفي الولايات المتحدة، تم تركيب مئات الآلاف من المصابيح العاملة بالطاقة الشمسية، بينما أُطلقت برامج تعليمية توعوية في مدارس تايلاند وتايوان. كذلك، دعم الصندوق قرار حظر قطع الأشجار في باراغواي، ما أسهم في تقليل إزالة الغابات هناك. حملة لا تنطفئ رغم بساطة الفعل الرمزي المتمثل في إطفاء الأنوار، تؤمن الجهات المنظمة بأن ساعة الأرض تخلق أثراً كبيرًا على المدى الطويل، وتسهم في إشراك الأفراد في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن حماية البيئة والمناخ. وبينما تتوالى التحديات البيئية حول العالم، تواصل الحملة رسالتها في إلهام الملايين للقيام بخطوات صغيرة تُحدث فرقاً كبيراً، وتذكّر الجميع بأن حماية الكوكب مسؤولية مشتركة لا تعرف حدودًا.